رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إنها فقط أوضاع مختلة حقا!


إنشاء وحدة لحقوق الإنسان، في كل وزارة ومحافظة، وفق تصريح وكيل مجلس النواب، لن يصحح أوضاعها المختلة، ولن يقنع العالم بأن الأمور تجري في الاتجاه الصحيح، طالما تتجاهل إدارة الدولة الاستجابة لنصائح المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، الذي يمثل الجهة الرسمية التابعة للدولة.. وإن كان يتمتع ببعض الصلاحيات التي تحميه من الخضوع للجهاز التنفيذي وتمكنه من أداء دوره الرقابي.


وإذا كانت بعض الأجهزة تتحفظ على البيانات الصادرة عن فروع لمنظمات حقوقية دولية، بدعوى أنها مسيسة وتتشكك في نوايا النشطاء الذين يمدونها بالمعلومات، فإن الأمر يختلف تماما بالنسبة للمجلس القومي الذي يتشكل من شخصيات وطنية، لكل منها تاريخه المشرف في الدفاع عن الحريات المدنية.. واستقرار الدولة وحفظ كرامة مواطنيها.

ومن أسف أن التقارير التي تصدر عن المجلس، وترصد التجاوزات التي تحدث داخل السجون، وتكشف عن التمييز بين المواطنين في العديد من مؤسسات الدولة، لاتجد الاهتمام الكافي لإصلاح أوضاعها المختلفة، بينما تختلف ردود الأفعال، عندما تنتقد تلك الأوضاع من مؤسسات دولية، كما حدث عند زيارة وفد من مجلس النواب برئاسة رئيس المجلس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وما جرى من انتقادات واسعة من جانب أعضاء مجلس النواب الأمريكي لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وما وصفته زعيمة المعارضة في المجلس بأنه اعتداء على الحريات المدنية وأنشطة المنظمات غير الحكومية وإصدار قوانين تتعارض مع الدستور مثل قانون الجمعيات الأهلية الجديد.

ولم يجد رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال وسيلة لوقف هذا الهجوم، سوى الإعلان بأن قانون الجمعيات الأهلية ليس قرآنا.. أو دينا سماويا، وسيتم تعديله عند ظهور أي سلبيات في التطبيق.

ويبدو أن أعضاء الوفد النيابي المصري، فوجئوا بتلك العاصفة من النقد، علما بأن مسلسل الإدانة يصدر في دول عديدة، وعن منظمات حقوقية لها مصداقية لدى الرأي العام العالمي، بل ومن داخل مصر من جانب سفراء لدول كبرى كان آخرها ما صدر منذ أيام عن السفير الألماني بالقاهرة «جيورج لوي» حول أهمية وجود مجتمع مدني وحرية تعبير ورأي مصونة، وأن الاستقرار في أي بلد لا يتحقق إلا من خلال منظمات المجتمع المدني وحريته، وأن التضييق على المجتمع المدني والنشطاء لن يؤدي إلى الاستقرار.

وأضاف السفير الألماني إن بلاده تتحدث مع الحكومة المصرية في ذلك الأمر، وإذا لم تستجب سنتجه إلى النقد الذي لا يغير من صداقتنا لمصر، لكن يجب أن نقول لأصدقائنا رأينا.

وقد عبر أكثر من سفير لدولة أجنبية عن تلك التحفظات التي وجدت صداها في الإعلام الأجنبي، وتلقفتها الجماعات المعادية للتشهير بمصر، واعتبارها دولة لا تلتزم بالقوانين التي تحمي حقوق الإنسان.

وما كان أغنانا عن تلك المواقف، لو أننا تعاملنا مع تقارير المجلس القومي بجدية كاملة، لنتعرف على جذور المشكلة التي تتمثل في التعامل مع الأمن وحقوق الإنسان، على اعتبار كل منهما نقيضا للآخر، بدلا من الفلسفة الصحيحة التي تقر أن الدولة القوية الحامية للأمن، تمثل الركن الأساسي في توافر حقوق الإنسان وليس هناك أمن ناجح ومستدام دون احترام حقوق الإنسان فالأمن عملية مجتمعية لا تتحقق بغير مساندة المجتمع للمؤسسات الأمنية.

هذا هو التشخيص الصحيح النابع من عمق المجتمع المصري، ومن هيئة وطنية لا يمكن التشكيك في حرصها على سلامة مصر واستقرارها، وليس من جهات دولية غير واضحة الأهداف.. إنها فقط الأوضاع المختلة.
Advertisements
الجريدة الرسمية