رئيس التحرير
عصام كامل

حرب الـ٩٠ يوما


لن ينسى المصريون الحزن والغضب الذي عصف بالقلوب جميعا، بعد الإعلان عن مجزرة الأبرياء في مسجد الروضة بمدينة بئر العبد، التي سقط فيها حتى الآن ٣١١ شهيدا مصليا متوضئا ساجدا أو خارجا من سجود يوم الجمعة! ولن ينسى المصريون كيف ساد الحزن والغضب وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يعلن الحداد الرسمي، ثم وهو يعلن ولأول مرة استخدام القوة الغاشمة لاستئصال الإرهاب والرد على العملية الإرهابية في أي مكان.


وتعبير القوة الغاشمة استخدمه الرئيس للمرة الثانية في كلمته احتفالا بمولد النبي الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه، حيث ألزم الفريق محمد فريد حجازي رئيس الأركان باستعادة الأمن والاستقرار في سيناء في ثلاثة أشهر، ومعه الشرطة المدنية، وقد وقف رئيس الأركان وتلقى التكليف على الهواء، وأعاد الرئيس استخدام تعبير القوة الغاشمة عمدا، ربما للرد على من انتقدوا الصياغة الأولى للكلمة في بيان الحداد على شهداء بئر العبد.

ووفقا للتكليف العلني الموجه من القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى رئيس الأركان، فإن البلاد تعد رسميا في حالة حرب شاملة في هذا الشريط، الذي حدده السيد بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة بـ١٠٠ كيلو متر مربع في أقصى الشمال الشرقي من مساحة ٦٠ ألف كيلو متر مربع هي إجمالي مساحة سيناء، التي بدورها تمثل سدس مساحة مصر كلها(مليون كيلو متر مربع) ولهذا الإعلان مقتضياته ودواعيه الحتمية منا جميعا، وهي أن نعيش في حالة الحرب، تضامنًا وتكاتفًا وخدمةً للجيش وللشرطة، في عمليات سوف تنفض أرض سيناء نفضا، لحرق الثعالب وإبادة الجرذان، وتطهير الوطن من هذا القبيح القذر.

ونظن أن على المجلس الأعلى للإعلام أن يبادر وعلى رأسه الأستاذ مكرم محمد أحمد إلى وضع خطة للتعامل الإعلامي، مع المواطنين ومع الإعلام الخارجي ومُراسليه في الداخل، وتحديد الجهات الرسمية العسكرية أو السياسية التي يرجع إليها المراسلون أو الفضائيون المحليون للنشر أو للبث، كانت خطة حرب أكتوبر١٩٧٣، ذات شقين، عسكري وإعلامي، داخلي وخارجي، تم تنفيذهما بحرفية ومهارة بالغة قادت إلى تحقيق النصر، وتسويق هذا النصر عالميا والرد على الأكاذيب الصهيونية والأمريكية وقتها وتفنيدها بالأدلة من واقع مسارح العمليات، فضلا عن جهود تعبئة الجماهير خلف جيوشها في حرب النصر أو الشهادة حتى كتب الله لنا الانتصار.

أما الشق الثاني في بيان تكليف الرئيس لرئيس الأركان ولوزير الداخلية معا باستعادة الأمن والاستقرار خلال ٩٠ يوما فهو استخدام كل القوة الممكنة للجيش، استخداما غاشما للقوة، الغاشم معناها بلا عقل، أي الضرب بلا تريث، ولا عقل، ولا حكمة، وليس من العقل أو الحكمة أو المنطق أن نفهم أن هذا ما يريده الرئيس، فالمقصود هو إطلاق يد القوة العسكرية المصرية كاملة وفق خطط حرب تفصيلية لتدمير الإرهاب في الداخل وفي الخارج، واتخاذ الأداء منحى الحرب، ومتطلباتها، ردعا للارهابيين ولمن يمولهم ويخطط لهم، واعتبارا من ساعة التكليف هذه، يمكن القول إنها ساعة التنفيذ، فالتجارب علمتنا أن الرئيس السيسي حين يقول فقد فعل، ولا يقول ليدبر قوله فعلا، وعليه فإننا منذ هذه الليلة، الأربعاء، قد دخلنا في مرحلة أعلى من القتال، في سيناء، لن تبقى ولن تذر عدوا ولا عميلا ولا خائنا، ولا مزدوجا.

من ناحية ثالثة، فإننا نتصور، أنه من العدالة ألا نترك الجيش والشرطة يحاربان والظهير الشعبي مخترق، فلابد من تطهير الوزارات والهيئات والمدارس والمديريات من منتسبي الإخوان والبرادعي والدواعش والسلفيين، إن هؤلاء جميعا خنجر مسموم في قلب المجتمع وهم دعاة الفتن وترويج الشائعات، وتحطيم الروح المعنوية والتشكيك في كل إنجاز، بل هم الدعاية السوداء ضد القوات المسلحة والشرطة، لقد ألقي أردوغان بعشرات الألوف من جيشه وشرطته وقضائه ومعلمي بلاده في السجون بلا محاكمات بتهمة التعاطف أو التعاون مع عبد الله جولن خصمه اللدود الحالي، وصديقه المخلص قديما الذي أعانه على الوصول إلى السلطة كإخواني عريق!

التسعون يوما لا تعني أن الإرهاب سوف ينتهي في آخر يوم من أيام الشهر الثالث من المدة المعلنة، لأنك لا تحارب جيشا نظاميا محددا، له مواقع وحدود وعناوين إقامة، بل أنت تحارب أشباحا فيك ومن حولك وتحت بيتك، وبالتالي فإن الحرب مستمرة ودورنا فيها كشعب يحب وطنه وجيشه وشرطة بلاده أن نكشف العملاء والخونة والإخوان الإرهابيين وألا ننساق وراء الأكاذيب التي سوف تنسج وتنسب زورا لقواتنا المسلحة وقوات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب في الشرطة أثناء أداء عملياتها القتالية.
نثق في النصر ثقتنا بالله.
الجريدة الرسمية