رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

معارف في أنوار الصلوات


عزيزي القارئ تحدثت في مقال سابق تحت عنوان "في أنوار الصلوات" عن معنى الصلاة، وعن صلاة الله تعالى علينا، وصلاة الملائكة على عباد الله المؤمنين، وصلاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا، وتوقفنا عند صلاة الله تعالى على النبي الكريم، وقلنا إن الإخبار الإلهي في آية الأمر بالصلاة على النبي بأنه عز وجل بدأ بنفسه سبحانه الصلاة على حبيبه، وعطف عليه ملائكته، وجعلهم مشاركين له تعالى في الصلاة عليه، والذي جاء في قوله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي"، قلنا إن هذا الإخبار هو تنبيه منه عز وجل وبيان لعظم قدر النبي وسمو مكانته عنده سبحانه وتعالى، وفي ذلك أيضا إشارة إلى خصوصية الرسول الكريم، ومظهر من مظاهر التكريم الإلهي لحضرته صلى الله عليه وسلم، وإشارة إلى أن الله عز وجل دائم التجلي برحماته وأنواره وعلومه ومعارفه على النبي، وفيه إشارة أيضا إلى أن النبي الكريم في حال ارتقاء ورفعة دائمة في حياته وبعد وفاته في برزخه، هذا وفي الحقيقة أن صلاة الله على حبيبه ومحبوبه صلى الله عليه وسلم صلاة قديمة من قبل أن يظهره الله في صورته البشرية، كيف ذلك؟!

 معلوم أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى القديم والكلام صفة للمتكلم، والصفة تتبع الموصوف، والله تعالى قديم قبل القدم، وهو قديم حيث لا قدم، فهو سبحانه أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، وقبل كل أول وصفة القدم المتصف بها سبحانه وتعالى، غير متعلقة بالزمن، فالزمن خلق له سبحانه، وهو غير المسبوق، كان الله ولا شيء معه سبحانه، يقول أحد العارفين بالله ممن أشاروا إلى الحقيقة المحمدية: إن الله تعالى تجلى بذاته سبحانه على ذاته بلا كيف، حيث كان ولا شيء معه، فانبثقت الذات المحمدية في مظهر النور وأقامها عز وجل بين يديه، وخصها بالتجليات النورانية والرحمانية، وذلك من خلال صلاته تبارك في علاه على نور حبيبه، من قبل أن يخلق الخلق وفي قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين"، إشارة إلى النور المحمدي المعطوف عليه الكتاب والموصول به..

فالنور هو النبي والكتاب هو القرآن الكريم، من هنا نعلم أن صلاة الله تعالى والتي تعني تجلياته ورحماته وإفاضاته على خليله الأكرم، وحبيبه الأعظم عليه الصلاة والسلام قديمة وسابقة لعالم الخلق والوجود، وهي دائمة لا تتوقف ولا تنتهي، ويؤكد ذلك أنها جاءت بصيغة الفعل المضارع الذي يفيد الاستمرار فقال سبحانه: "إن الله وملائكته يصلون"، ٱشارة للاستمرارية، إذن نقول الله تعالى صلى عليه قديما في مظهر وصورة النور، وصلى عليه في الأصلاب والظهور، وصلى عليه في عالم الأرحام وفي عالم الظهور، والآن يصلي عليه في برزخه ومرقده الشريف صلى الله عليه وسلم..

هذا وعندما نزلت الآية الكريمة: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، سأل الصحابة رسول الله، قالوا: يارسول الله علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟! فقال لهم عليه الصلاة والسلام، قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.

من هذا الكلام نفهم أن صلاتنا على رسول الله هي عبارة عن طلب من الله فيه تفويض وإنابة منا لله في الصلاة على رسوله الكريم، فنحن في الحقيقة صلاتنا قولية ولا ندرك كيف نصلى عليه صلى الله عليه وسلم، فصلاتنا طلب من الله وإنابته وتفويضه عز وجل في الصلاة نيابة عنا، فلا يدرك حقيقته ولا يعرف قدره إلا بارئه وخالقه سبحانه وتعالى، وفي الحديث (لا يعرف قدرى إلا ربي)'...

فاللهم صل وسلم وبارك على حبيبك ونبيك وأكرم خلقك ومصطفاك صلاة دائمة بدوامك باقية ببقائك لا منتهى لها دون علمك، صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يارب العالمين، هذا والفضل في الصلاة عليه لا منتهى له وسوف نفرد له مقالا بمشيئة الله تعالى.
Advertisements
الجريدة الرسمية