رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رسل العلمانية «3»


العلمانيونَ المصريونَ يقتاتونَ على الكذبِ والتدليسِ، يخْتانونَ أنفسَهم، وهذهِ بضاعتُهم الوحيدةُ، وما أردأَها من بضاعةٍ، وبدا ذلكَ واضحًا في قضية "نصر أبو زيد"، وهى إحدى القضايا الكذوبةِ والمِفُتعلةِ التي أخذتْ نصيبًا وافرًا منْ الجدلِ قبلَ أكثرَ منْ ربعِ قرنٍ. لمْ يكنْ "أبو زيد" أكاديميًا مرموقًا قبلَ طردِه منْ جامعةِ القاهرة، بلْ كانَ مُنفّرًا في كلِّ شيء، غيرَ أنَّهُ وأعوانَه تاجروا بقضيةٍ واهيةٍ واهمةٍ، وزعموا أنَّ العالِمَ الجليل الدكتور "عبد الصبور شاهين" –رحمَهُ اللهُ- حَكمَ بُكفْرِ "أبو زيد"، وهو ما لمْ يحدثْ تلميحًا أوْ تصريحًا.


لستُ منشغلًا بالإشكاليات الفاسدة المتهافتة التي كان "أبو زيد" يبنى عليها أفكارَه وأبحاثَه، فقدْ أثبتَ أهلُ العلمِ والاختصاصِ فسادَ المنهجِ وتهافُتَ النتائجِ، ولكنْ ما يهمُّنى هو إثباتُ كذبِ وتدليسِ منْ ينسبونَ أنفسَهم إلى العلمانية بهتانًا وزورًا، فالمؤكدُ أن "شاهين" لم يتورطْ في تكفيرِ صاحب كتاب "نقد الخطاب الدينى" أو غيرِه، وقالَ ذلك مرارًا وتكرارًا، شفاهةً وكتابةً، وحتى يطمئنَ قلبى يومئذٍ، ذهبتُ إليه في مسجدِهِ المتاخمِ لمسكنِه، على أطرافِ محافظةِ الجيزةِ، وسألتُه: هلْ كفّرتْ "نصر أبو زيد"؟، فأقسمَ باللهِ أنهُ لم يفعلْ هذا مع "أبو زيد"، الذي كانَ يُحرّضُ على التحرُّرِ منْ سُلطةِ النصِّ الدينىِّ أو غيرِه، التزامًا بتعاليم الإسلام التي تنهى عنْ تكفيرِ منْ نطق بالشهادتين، وأكدَ أنَّه لمْ يتعرضْ في تقريرِه عنْ بحثِ "أبو زيد" لعقيدتِه منْ قريبٍ أوْ بعيدٍ، ورغمَ كلِّ ذلكَ، فإنَّ زُمرةَ المأجورين من العلمانيين لا يتوقفونَ حتى يومِنا هذا عن الكذبِ والتزييفِ في هذهِ القضيةِ.

قد تسألُنى: وما مناسبةُ إثارةِ هذهِ القضيةِ الآنَ؟ والإجابةُ: أنَّ الدكتور "جلال أمين" كشفَ الأسبوعَ الماضى، في حوارٍ صحفىٍّ، عن أن " أبو زيد" أبلغه قبيل رحيلِهِ، أنَّ الجامعةَ الهولنديةَ التي احتضنتْه فورَ مغادرتِه القاهرةَ، كانتْ تستخدمُه في تشويهِ الإسلامِ، وهو لمْ يمانعْ في ذلك.

إذن.. نحنُ أمامِ قضيةٍ مُكتملةِ الأركانِ في التزويرِ والبهتانِ، منْ البدايةِ حتَّى النهايةِ، يمكنُ حصرُ ملامحِها فيما يلى: الدكتور "عبد الصبور شاهين" لم يُكفّرْ "أبو زيد"، والأخيرُ لم يكنْ نابغةَ عصرِه وآوانِه، بلْ لجأ إلى الكذبِ وليِّ عُنقِ الحقيقة في جُلِّ أبحاثِه، والذينَ كانوا يناصرونَه منْ بدايةِ الأزمةِ وحتَّى يومِنا هذا من العلمانيين وصبيانهم كاذبون وأفاقّونَ، و"أبو زيد" نفسُه أقر بكذبه للدكتور "جلال أمين"، عندما اعترفَ بأنَّه تمَّ استخدامُه لتشويهِ الإسلامِ وإثارةِ الغُبارِ حولَه.

وتلك هىَ الحقيقةُ التي يتعامى عنها الكثيرون، فالعلمانيون المصريون لا يعرفون تنويرًا، ولا يرجونَ إصلاحًا.. بل -فقط- يتنفسونَ الكذبَ ويتكسبونَ منْ بيعِ الضلالِ.. وللحديثِ بقيةٌ إنْ شاءَ اللهُ.
Advertisements
الجريدة الرسمية