رئيس التحرير
عصام كامل

أستاذة أصول تربية بجامعة القاهرة: إظهار مساوئ التعليم بمصر من حروب الجيل الرابع

فيتو

  • التعليم الفني بمصر حالة طبقية للفقراء فقط
  • الكتاب الجامعي زكاة العلم وواجب على أساتذة الجامعات إعطاؤه بلا مقابل
  • ما يحدث في «بين السرايات» كارثة حقيقية على الكتاب والعلم
هي أول امرأة بقسم أصول التربية بكلية التربية جامعة عين شمس، قضت 37 عامًا في محراب العلم، وأشرفت على أكثر من 150 رسالة ماجستير ودكتوراه، تقدس العلم، والكتاب لا يفارق يدها، لذا تعطى لطلابها الكتب بلا مقابل، وترى أن هذا واجبها وزكاة علمها.

إنها الدكتورة نادية أحمد جمال الدين، الأستاذ بقسم أصول التربية بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، فتحت قلبها لـ"فيتو" في حوار خاص بعد أن ذاع صيت أفكارها المختلفة بين طلابها، وارتباط طلابها بها على المستوى الإنساني وبإعطائها الكتاب الجامعي بلا مقابل، حيث تقوم بطبعه على حسابها الخاص إيمانا منها بأن هذا دور المعلم الحقيقي وواجب عليه.
وإلى التفاصيل:


لماذا تعطي الطلاب الكتب بلا مقابل، فهذا العام فقط قمتِ بإعطاء طلابك ثلاثة كتب مجانًا؟
على الرغم من أنني لا أحب أن أتكلم في هذا الموضوع فإني أرى أن هذا واجبي، فالجامعة في الأساس مكتبة كبيرة، ويجب أن توفر لطالب العلم جميع الكتب والمراجع بلا مقابل، لكي يستطيع تكوين وتنمية عقله، وأرى أن هذا دوري وزكاة علمي، وإن كان لا بد من أن يدفع الطالب ثمن الكتب فيجب أن يكون ثمن التكلفة فقط وليس الأسعار التي تباع بها الكتب الآن، بالمناسبة ما يحدث في "بين السرايات" كارثة حقيقية على الكتاب والعلم.

ترفضين التقارير الدولية بخصوص التعليم المصري وتعتبرينها من حروب الجيل الرابع؟
من خلال قراءاتي الدولية في مجال التعليم أرى أن هذه التقارير يجب أن تتوقف؛ لأن ببساطة كل دولة ولها ظروفها، فعلى أي أساس يتم مقارنة دولة بأخرى، فلكل دولة ظروفها التي تحكم العملية التعليمية بها، والتقارير التي تصدر ضد التعليم المصرى، وتصدر صورة سلبية عنه تؤتي ثمارها لفقدنا الثقة في أنفسنا، وفقدنا الطلاب الذين كانوا يأتون إلى مصر للتعليم بالتالي فقدت مصر مكانتها التعليمية، بعد أن كانت منارة تعليمية لكل الدول العربية.

وللأسف نحن نساهم في ذلك لأننا نكرر كلاما سلبيا عن أنفسنا بلا وعي وإدراك حقيقي للموقف، فمشكلات التعليم في مصر شأنها شأن جميع الدول لكل منها مشكلاتها.

وقد قمنا في عام 2000 بعمل بروتوكول مع اليابان بخصوص منهج الرياضيات للصف الثانى والثالث الابتدائى، فكان ما يدرس للطالب المصرى يدرس للطالب اليابانى، ولكن لا أعلم لماذا توقف هذا البروتوكول؟!

فهذه من أسوأ صفات بعض الإدارات التعليمية لا يبدءون مشروعا ويتم إكماله وهذا من أهم أسباب المشكلات التي تواجه التعليم في مصر.

لك موقف من التعليم الفنى.. هل يمكن أن توضحيه لنا؟
التعليم الفنى يمثل حالة طبقية في مصر، فهو للفقراء فقط، وليس على أساس صحيح، فيجب أن يكون هناك تعليم تقني، فالتكنولوجيا سيطرت على جميع مناحي الحياة، لذا يجب أن نتدارك الموقف ونفهم جيدا أين نحن، "من يعمل بالإزميل والصامولة الآن"، الكل يعمل بالتكنولوجيا حتى قطع غيار السيارات أصبحت تأتي جاهزة على التركيب، وإن كان التعليم الفنى ضرورة إلا أنه يجب أن يقوم على أساس سليم، وأن يقوم بناء على رغبات الطلاب الحقيقية وقدراتهم واختبارات تقام لهم لمعرفة قدراتهم، وأن يتم وفقا لقواعد حقيقية تعبر عن إمكانيات الطالب وتحدد مكانه، ثم يتبعه تدريب وفرصة أخرى لاستكمال طريقه العلمى وألا يقف الطالب عند الحصول على شهادة الدبلوم فقط.

كما يجب أن تتغير نظرة المجتمع إلى الحاصلين على شهادات التعليم الفنى، وألا يصبح التعليم الفني مؤشرا من مؤشرات عدم تكافؤ الفرص في مصر وأن يصبح داخل الزمن وليس خارجه.

ولقد كان لى موقف منذ شهور قريبة في مجلس الشعب، حيث تم استدعاؤنا لإحدى جلسات الاستماع كخبراء، وعندما طلبت الكلمة وتحدثت عن افتقاد العدالة الاجتماعية بالنسبة للتعليم الفنى وأنه للفقراء فقط اعترض البعض على كلامى وعندما سألت النواب هل منهم من يحمل ابنه شهادة دبلوم تعليم فنى لم يجب أحد، كما حدث من قبل في إحدى جلسات مجلس الشورى عندما سألتهم: هل تقبل الحاصل على الدبلوم الفنى عريسا لابنتك؟ فغضب النواب منى، ولم يتم استدعائي للمشاركة في جلسات الاستماع مرة أخرى.

لك موقف من البنطلونات "المقطعة" و"النقاب" على حد سواء؟
البنطلونات المقطعة موضة غير مناسبة لمجتمعنا، ويجب أن ننتقي ما يناسبنا من أي جديد في المحافل الدولية، ولا نستمر في ثقافة الاقتباس التي تسيطر علينا في كل وأبسط شيء.

أما النقاب فيمنع التواصل بين الناس وبعضها البعض فملامح الوجه والعينين أدوات تواصل مهمة بين البشر، فكيف أتواصل معك وأنا لا أراك، بالإضافة إلى أنى لا أرى أن الحجاب فريضة فما كتب على الرجل كتب على المرأة، ولو كان الحجاب فرضا على المرأة لفرض على الرجل.

وسيدنا عمر بن الخطاب عندما وجد مصعب بن عمير جميلا جمالا أخاذا أمره بتغطية شعره؛ لأنه يمثل فتنة، فكل ما فرض في الدين على الرجل فرض على المرأة ولم يفرق الله بينهما في أي تكليفات، وموضوع الإثارة ليس له علاقة بتغطية الرأس بقدر ما له علاقة بالثقافة ومتانة الأخلاق، فكيف تفرض عليّ أن أغطي رأسي وأنت لا تغض بصرك.

قضيت 5 سنوات في إنجلترا وحصلت على الدكتوراه من جامعة بورن من شمال إنجلترا، ألم تغير هذه الفترة مفاهيمك وقيمك العربية والمصرية، وكيف ترين وضع المرأة في مصر مقارنة بهناك؟
ذهبت إلى إنجلترا وأمامي أهداف محددة وأخذت منها ما أريد وتركت ما لا يتناسب معى، وقد تعلمت منهم الإنسانية الحقيقية وكيف تكون إنسانا فعالا وليس إنسانا بلا فائدة، وأرى أن حال المرأة في مصر في العمل أفضل من إنجلترا، فالمرأة المصرية تتساوى مع الرجل في الأجر وإنما هناك لا يحدث هذا، بالإضافة أن المرأة الإنجليزية تجبر على أخذ إجازة وضع وهى في الشهر السادس من الحمل، ولكن هنا يتم إعطاء المرأة المصرية إجازة بعد الولادة لمدة ثلاثة أشهر، ولكن المشكلة في المرأة المصرية ذاتها لأنها غالبا لا تأخذ العمل على محمل الجد والاجتهاد وغالبا ما تتاجر بكونها أنثى لتتهرب من متاعب العمل لذا تسمح بالرجل بأخذ حقها وإرجاعها إلى الصفوف الخلفية، ولكن لو أرادت المرأة العمل التفوق لا يقف أمامها أحد على الإطلاق، وتستطيع تحقيق العديد من النجاحات والتألق.
الجريدة الرسمية