رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار مهاجر غير شرعي


تترسخ فكرة الهجرة غير الشرعية أساسًا في الأطفال حين يرون أن من قام بالهجرة عاد إلى لبلده واشترى الأراضي، وتغير حال أسرته للأفضل، وهو الهدف الذي يسعون إلى تقليده مهما كانت العواقب.


يبحثون مع الكبار عن سماسرة الموت، ويدفعون ما يقارب 100 ألف جنيه، جزء منه نقدا والآخر بوجوب إيصال أمانة على أسرته، بعدما يبيعون البهائم التي تمثل لهم مصدر الرزق أو الأرض أو الاستدانة من الغير، ويتخلصون من كل أوراقهم وما يثبت هويتهم.

السمسار هو الآمر الناهي، حيث يكون كل شيء في سرية تامة ويتم تحديد مواعيد السفر عدة مرات، وهم في أماكن قريبة من البحر والأشهر من ساحل مدينة كفر الشيخ، وفي الماضي كان يتم السفر إلى ليبيا أولا، كانت الرحلة تقطع 3 أيام، وعدد أيام الانتظار يعلمها الله لحين مجيء ساعة الصفر وهى الساعة التي يأتى المركب المتهالك الذي ينتهى تماما ويتفكك عند الوصول إلى شاطئ الدولة الأوروبية.

لا يمكنهم تناول الطعام قبل السفر بيوم بل تناول الماء والعصائر ويظلون على ضعفهم طول الرحلة، ويتحمل المركب أضعاف الأعداد التي يتحملها، ويواجه الأمواج العالية وسط الظلام وتقلب الأجواء، حتى في إحدى المرات قال أحد المهاجرين للسائق إن أخاه لم يعد قادرًا على الإمساك بالمركب وإنه سيقع فقال له السائق اتركه وإن لم تتركه فلتغرق معه، ورأى أخاه يقع أمامه غريقًا في منتصف البحر من شدة الموج وعدم قدرته على الاستمرار حتى في الإمساك به.

عند الاقتراب من الساحل يأمر السائق الناس بالنزول في المياه ليواجهوا مصيرهم، إما الغرق أو السباحة حتى السواحل الإيطالية، وتكتشف السلطات الإيطالية الكثير من المراكب وتصورهم وتسلمهم بعد القبض عليهم إلى الصليب الأحمر، لاستقبالهم في أماكن للتجمع حتى إعادة إرسالهم إلى بلدانهم، وعندها ينكر الجميع جنسيته، حيث يقولون إنهم لاجئون من فلسطين أو العراق أو سوريا.

عند الوصول بعد تلك الرحلة الخطرة إما يجدون الموالين للسماسرة يحجزونهم حتى يتم سداد المتبقي على أسرهم بإيصال الأمانة، أو يجدون البلطجية يجرونهم وراءهم كأنهم فريسة، وهم بالطبع منهكون حتى يقعوا على الأرض ويتخذونهم رهينة لحين قيام أهلهم أو الصديق الذي يستقبلهم بسداد مبلغ الفدية، حيث يقوم كل بلطجي بتقسيم المبالغ الواردة إليهم على بعضهم، وإن نجوا من البلطجية يعيش المتبقي منهم رهن الخوف من إعادة القبض عليه حيث لا يستطيعون العمل ولا يجدون من الحلم إلا الرماد.

هذا ملخص ما يراه المهاجر غير الشرعي حتى لا يتوهم أحد أن هناك الحياة الرغدة التي تجعله يبيع ما يملك للأسف بحثًا عن السراب.
الجريدة الرسمية