رئيس التحرير
عصام كامل

مطلوب حظر النشر حول سد النهضة


التقطت المذيعة اللامعة أنفاسها، لتقاطع ضيفيها، موجهة سؤالها لأحدهما، قائلة: "ما رأيك في الاتفاقية التي وُقِّعت، وواجهت العديد من الاعتراضات والانتقادات؟".. أُسقط في يد الضيف المهم.. وفَرَكَ عينيه ليتأكد من كونه مستيقظًا، وموجودًا في ستوديو القناة وأنه لا يحلم.. واضطر لأن يجيب عن السؤال بسؤال: "اتفاقية إيه؟! ردت المذيعة قائلة: "الاتفاقية اللي وافقنا فيها لإثيوبيا على بناء سد النهضة".


رد الضيف ليصحح الكلام للمذيعة: "تقصدي إعلان المبادئ الذي وقعه الرئيس السيسي مع الرئيس السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي في أديس أبابا".. ثم استكمل الشرح، معددًا إيجابيات الاتفاق الإطاري الذي شَكَّل مبادرة مصرية للخروج من أزمة السد.

خذْ من هذا المثل الكثير.. في القنوات الخاصة والرسمية، حينما يستضيف تليفزيون الدولة صحفيين مجهولين لمجرد المجاملة أو "سد الخانة"، وإضاعة الوقت، للتعليق على عناوين الصحف، وتكون المأساة عندما يتطرق الحوار إلى أزمة سد النهضة، فتتباين الآراء حول طريقة المعالجة بين ناصحٍ بقصف السد بالطيران المصري، وآخر يرى ضرورة إعلان الحرب على إثيوبيا، وثالث يؤكد تصرفات السودان غير المقبولة، وحتمية قطع العلاقات معها، ورابع يتصنع الحكمة، وهو يقول: "اصبر على جار السوء.. يا يرحل يا تجيله مصيبة تاخده".. أي والله.. هكذا قال أحدهم على الهواء ليعالج الأزمة.. ولا يدركون أننا هكذا نزيدها تأجيجًا واشتعالًا.

وسائل الإعلام الإثيوبية والسودانية ترصد كل تلك الآراء، وتسجلها، وتعلنها للشعبين هناك على أنها آراءٌ رسميةٌ مصرية.. وتتفنن في وصف المصريين بـ "العنجهيَّة"، و" الاستعْلاء"، و"الرغبة في إعادة حقبة الاستعمار المصري للسودان".... إلخ.. طبعًا مع إضافة البهارات المطلوبة في مثل تلك الحالات.. وإذكاء النعرات الطائفية والمحلية.

لذا علينا أن نترك الحديث في هذا الملف المصيري للمتخصصين.. وللتصريحات الرسمية، وألا نترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب للحديث، وإطلاق التصريحات الهدامة التي تعود على الموقف المصري بالسلب، حتى أن بعض المسئولين عندنا لا يفكرون قبل إطلاق التصريح، وهل ننسى التصريحات الوردية لوزير الموارد المائية والري السابق حسام المغازي، ومنها أن ارتفاع السد لا يتجاوز مترين، وان السد لن يؤثر فى كمية المياه المخصصة لمصر، قبل أن تنكشف الحقيقة المُرَّة بعد مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في إحدى جولات المفاوضات.

ناهيك عن الحديث المتواصل والتصريحات المتضاربة عن مشروع "ربط النيل بنهر الكونغو" رغم تأكد استحالة إتمام المشروع لأسباب سياسية وجغرافية.

لذلك أرى أن الحل الأصوب هو لجوء النائب العام المستشار نبيل صادق بإصدار قرار بحظر النشر والحديث في وسائل الإعلام عن الأزمة، إلا من خلال البيانات الرسمية؛ وذلك بهدف حماية الأمن القومي المصري من حديث أو"هرتلة" الجهلاء.
الجريدة الرسمية