رئيس التحرير
عصام كامل

تحية للثعلب الذي لا يغفو في مصر


إيران من ناحية الخليج وتركيا من ناحية ليبيا وصولا إلى مصر، وتحت حذاءيهما ترقد قطر على بطنها. وتحت حذاء المخابرات العامة المصرية تلعق المخابرات التركية العثمانلية التراب ومخاطها معا! واللعبة واضحة والأدوار مقسمة..


إيران تركز مجهودها الحربي، سياسيا، ومعلوماتيا، وإرهابيا، على منطقة الخليج، وتتعمد التصعيد عبر عميلها حسن نصر الله زعيم عصابة حزب الله الإرهابي، لكي ترفع مستوى التوتر وتعطل خطط التنمية، وتوجه أموال الشعوب نحو شراء ترسانات من الأسلحة والذخائر، وترسيخ قواعد الإمبراطورية الفارسية. ولأن الإستراتيجية المصرية معلنة بخصوص أمن الأشقاء في هذه المنطقة الحساسة من العالم العربي، والعالم كله، فإن زيادة التوتر والتصعيد والضغوط بالصواريخ والخلايا الإرهابية سوف يلقي بثقله في نهاية المطاف على القرار المصري، بهدف إحراجه وإرباكه، وجره إلى نزاع لم يختر توقيته إلا الإيرانيون.

وتركيا تركز على مصر وعلي ليبيا، والتركيز هوى وهوية إخوانية، وأمس فقط أعلنت المخابرات العامة المصرية، واحدة من أهم وأذكي وأخطر أجهزة الاستخبارات في العالم، عن إسقاط شبكة جواسيس تركية، وإلقاء القبض على ٢٩ شخصا، وقالت رويترز إن الأمن المصري لم يكشف أو يحدد هويات هؤلاء الجواسيس الذين اعترفوا اعترافات كاملة بعد مواجهتهم بالصوت وبالصورة، وأدى نجاح المخابرات العامة في توجيه هذه الصفعة الموجعة لمخابرات أردوغان إلى حالة من الهلع والجزع داخل خلايا الإخوان في تركيا، وخصوصا حين صورت الثعالب المصرية مقر النشاط المعلوماتي في مبني أنيق عليه لافتة جمعية رابعة، في تركيا. التخطيط والتشغيل والإدارة واستقبال المعلومات مهمة المخابرات التركية، أما التمويل فمن العدو قطر!

أما التأسيس ففي عام إخراج الجاسوس المدني المنتخب محمد مرسي، أي عام ٢٠١٣، وباتفاق مع التنظيم الدولي للإخوان، حيث أنشئت شركات اتصالات واجهة وغطاء لغسيل أموال وجمعها وتمويل العمليات الإرهابية.

شبكة التجسس اعتمدت على تمرير مكالمات دولية بأسعار زهيدة لمصريين بالخارج أو الداخل مع ذويهم، ويتم تفريغ المكالمات التي تنطوي على معلومات أو ثرثرة عن الأحوال والأسعار والجيش والشرطة ومدي السخط أو القبول الشعبي للسيسي وللحكومة وبرامج الإصلاح، وبعد تحليل الثرثرات والبيانات تعكف المخابرات التركية والإخوانية في الخارج على اختيار نوع الرسائل التي يعاد ضخها في الشارع والإعلام المصري في صورة شائعات.

ولعل هذا يفسر لنا الفترات التي تفرغت فيها الحكومة تقريبا كل يوم للرد على الشائعات ودحضها، وآخرها قبل أسابيع شائعة رفع أسعار البنزين هذا العام. طبعا الناس لا تنقصها زيادات أخرى في الأسعار والدخان يملأ الصدور، وحين تنتشر شائعة كهذه، فإنها كفيلة بتأليب الرأي العام على الحكومة والنظام، وخلق أجواء من السخط، العام، تربك الدولة وتنهكها تمهيدا لإسقاطها وإعادة مرسي العصر إلى القصر.

ما قامت به الدولة العميقة في مصر يليق بها، فهي من أنقذت الوطن وقت انهيار الشرطة، ورصدت مع الجيش كل العملاء والخونة، وأدارت دفة البلاد، واصطنعت من الأساليب ما حير مخابرات ١٣ دولة اتخذت ميادين مصر مجالا لنشاطها المشبوه، وبالذات ميدان الخراب وقتها المسمي التحرير. 
التحية حق وواجب لهؤلاء الرجال الذين يتمتعون بمستوى من الدهاء والعلم والخبرة، يثبت للعالم يوميا، أن مخ مصر قادر على فهم وكشف وإحباط كل الخطط القذرة لإيران وتركيا وغيرهما.. وبالتعبير البلدي.. فإن المخابرات المصرية "علمت" على قفا الموساد في إسرائيل، أفيضلعها أن تركل مؤخرة مخابرات العثمانلية، وتهذب الولد تميم؟!

ولا تزال أعين الرجال ساهرة والمخ الكبير يرصد ويتابع.
الجريدة الرسمية