رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المنطقة بحاجة لدور مصري أكبر


مصر الحكمة، والتروي، والرؤية المستقبلية الثاقبة، والقرار المدروس، لقد ظُلم الدور المصري بعد ثورة 25 يناير، واتهم بأنه تراجع عن مكانته الإقليمية المنتظرة منه، فبعد ثورة 25 يناير، تم اتهام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه لا يقوم بدوره إزاء ما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن، رغم أن المجلس أكد في أكثر من مناسبة بأنه مع مطالب الشعوب العربية وحقها في تحقيق الديمقراطية، والوقوف في وجه الأنظمة الاستبدادية، ولعل موقفه تجاه ثورة 25 يناير وانتصاره لإرادة الشعب المصري كانت واضحة، وفي الوقت نفسه أكد المجلس أنه مع الاستقرار ووحدة أراضي الدول العربية.


وقد التزمت مصر بهذا الموقف خلال فترة حكم المجلس، ولكن جاء حكم الإخوان ليطل علينا بتوجه جديد وغريب على السياسة الخارجية المصرية بأن وجه الرئيس محمد مرسي دعوته الشهيرة بالجهاد في سوريا، وأعلن في مؤتمر كبير قطعه العلاقات مع النظام السوري برئاسة الرئيس بشار الأسد.

عادت الدفة إلى نصابها مع الرئيس المؤقت عدلي منصور، واستمرت في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهنا بدأت قراءة أخرى خاطئة لدور مصر، وتوجيه الاتهام لها بالتقاعس عن القيام به، وللتوضيح، إذا بالفعل مصر تقاعست عن القيام بدورها، إذن من أرسل قواته البحرية والجوية لحماية باب المندب، ورفض برؤية ثاقبة المشاركة بقوات بحرية مستفيدا بدروس من خبرة سابقة، وانضم إلى التحالف العربي ومن بعده التحالف الإسلامي مناصرا الدول الخليجية التي دعت لتشكيل هذا التحالف، وقد ثبت وجهة نظر مصر بعدم التدخل البري وهو ما انعكس على خسائر بين كل الأطراف الداخلة في حرب اليمن سواء من التحالف أو من الحوثيين وقوات على عبد الله صالح، وفشل كل طرف في فرض واقع جديد على الأرض لصالحه.

تمسكت مصر بموقفها الذي أعلنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة تجاه سوريا، بل وترجمه النظام الحالي عبر المحافل الدولية وخاصة بالأمم المتحدة برفض أي قرار من شأنه النيل من استقرار ووحدة أراضي سوريا، ونسق النظام مع كل من روسيا والصين في هذا الأمر، باعتبار مصر عضوا غير دائم في الأمم المتحدة.

وقد ثبت صحة وجهة النظر المصرية، والتي نجحت في إيصالها إلى العديد من الدول العربية التي كان لها دور في دعم الجماعات الإرهابية والمعارضة السورية فيها، وقد كان لهذا أبلغ الأثر في أن يسيطر النظام السوري على تنظيم داعش، وأن يقترب من السيطرة الكاملة على الأراضي السورية.

ليبيا والتي تعد ضمن الدائرة المباشرة للأمن القومي المصري، وقد تأثرت مصر كثيرا من جراء تهريب الإرهابيين والسلاح عبر الحدود الممتدة بينهما، ومن ثم كان لمصر دور متعدد منها الدور السياسي الخاص بالتوفيق بين أطراف الخلاف في ليبيا على السلطة، واستضافتهم المستمرة في القاهرة، وكذلك المساعدة في التوصل إلى اتفاق الصخيرات تحت مظلة الأمم المتحدة، ومحاولة رأب الصدع في الاتفاق، والذي لم يحدد دور الفريق خليفة حفتر، وكذلك مساعدة الجيش الليبي للسيطرة على أراضي الدولة، فضلا عن قيام القوات الجوية بضربات لمعاقل الإرهابيين في ليبيا وخاصة بعد ثبوت تورطهم في العديد من الضربات الإرهابية داخل مصر، وبالفعل نجحت مصر في تقليل المخاطر القادمة إليها من الغرب، وفي الوقت نفسه تحريك الصراع إلى الاتجاه السلمي بين الأطراف المختلفة في ليبيا إلى أن يستقر الأمر فيها.

الحقيقة أن الدور المصري يواجه مأزقا حقيقيا وهو إنكاره من قبل الباحثين والمتخصصين سواء داخل مصر أو خارجها، قد يكون السبب أن هناك رغبة لأن تكون مصر في الصورة بشكل أكبر وأن يسلط الضوء على تحركاتها في المنطقة، وأن تتاح معلومات أكثر عن هذا الدور، وهذا صحيح، ولكن إنكار هؤلاء للدور المصري أمرا غير مقبولا لأن مصر لن تتخلى عن التزامها بثوابتها في سياستها الخارجية دون التورط في حروب من شأنها النيل من استقرار وبقاء الدولة القومية حتى وإن جاء على حساب تشويه صورة دورها الإقليمي ومحاولة التقليل منه.

ولكن، ما جعلني فعلا أنادي بدور أكبر لمصر في المنطقة هو التطورات التي حدثت في لبنان وإعلان رئيس وزراء لبنان استقالته من المملكة العربية السعودية، ثم تصعيد الأخيرة ضد حزب الله وإيران، الأمر الذي دفع العديد من المفكرين والمحللين السياسيين في المملكة بتوقع بل وبالجزم بوقوع حرب في المنطقة وخاصة في لبنان، هنا كان لابد من وقفة جادة.

هذا المشهد، ما كانت لترتضي به مصر الآن، فهي لن تقبل تحت أي ظروف بأن يعلن رئيس وزراء دولة استقالته منها في مؤتمر صحفي، الأمر الذي يؤذن بأن ثمة عدم وجود عقلانية في إدارة المشهد في المنطقة، وأن هناك قصورا في الحكمة، والتروي، والرؤية المستقبلية الثاقبة، والقرار المدروس من قبل الدول التي تتصدر المشهد في الفترة الأخيرة، وبالتالي على القاهرة ألا تكتفي بالمبادرة التي قدمتها لحل الخلاف، والتي لم يعلن عن فحواها، بل أن تتصدر المشهد بشكل كامل، وبالتالي قيام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة عاجلة للبنان مطلبا ملحا في هذا الوقت، وكذلك التقائه بكافة أطراف الخلاف، والحيلولة دون قيام حرب جديدة في المنطقة خاصة أن المنطقة تستعد لتنفس الصعداء بعد تحجيم دور داعش المدمر للدول.

Advertisements
الجريدة الرسمية