رئيس التحرير
عصام كامل

نورهان غنيم تكتب: نظرة داخل عقل الإرهابي

نورهان غنيم
نورهان غنيم

في يوم الخميس الماضى تم إذاعة حلقة عن حقائق وأسرار عملية الواحات الإرهابية التي استشهد وأصيب فيها عدد من أبطالنا في الشرطة المصرية وكان الحوار مع الإرهابي المقبوض عليه في العملية تحت قيادة الإعلامي عماد الدين أديب، ودار في ذهنى عدد من الأسئلة من خلال متابعتى للحوار وحديث الإرهابى عن فكره وفكر الجماعة التي ينتمى إليها وهي:

ما الذي يجعل إنسانا بكامل إرادته وعقله يذهب ليقتل الآخرين ويقتل نفسه ويقتل الأبرياء من أبناء الوطن ؟
وما هذا الشيء الذي يعمي بصيرته لدرجة أنه لا يرى إلا الدم والقتل والتفجير ؟

في السطور القادمة ستكون الإجابة عن هذه الأسئلة.

إن صناعة الإرهابي الذي يفجر نفسه بحزام ناسف أو سيارة مفخخة أو أيضا قتل أبناء الوطن من الجيش والشرطة والمواطنين العاديين تحتاج لتدريب وتغييب للوعي، وما يقال عنه غسيل المخ، وتدل بعض الدراسات على أن الحرمان الحسي هو أحسن الوسائل للحصول على غسيل المخ للإيمان بفكرة معينة، وقد يكون الحرمان الحسي كاملا مثلا وضعه في الظلام، وعدم سماع أي أصوات والحرمان من الطعام أو الشراب، ولا مانع في غرفة مغلقة تحت الماء، حتى ينهار الفرد تماما ويصاب بالهلاوس، وفقدان الوعي، وبعدها يصبح قابلا للإيحاء فيعطي الفكرة الجديدة لغسيل الأفكار القديمة، وبعد مدة يبدأ في الاعتقاد في المنظومة الفكرية الجديدة، ونبذ ونسيان المنظومة الفكرية القديمة.
فيبدأ القيادي في تدريب التابعين على فكر ديني محدد، ويقلل بل يمنع أي أفكار أخرى أو منبهات للمخ تؤثر في هذا المعتقد فتجده أولا يتبع مبدأ السمع والطاعة ولا يقرأ أي شيء بعيدا عن الدين أو الفقه، ويبتعد عن كل المؤثرات الخارجية من صحافة أو تلفزيون ويصبح هذا الشخص ينظر من أفق واحد نهايته الشهادة في سبيل الله، ويشبه الحصان عندما توضع الغمة على جانبي العين حتى لا يرى إلا أمامه.

وهذا يدفعني إلى سؤال آخر وهو كيف نواجه هذا الفكر الإرهابي ؟

_لابد من تغيير شامل في إستراتيجية الخطب الدينية، وتكثيفها، إضافة إلى ضرورة التفسير الصحيح للآيات القرآنية، والحديث النبوي الشريف، والرد على الكتب التي يصدرها المتشددون، والداعمون للفكر التكفيري والإرهابي بكتب أخرى تصدر عن الدعاة والرموز الدينية، والعمل على إقامة الفعاليات، والندوات التي تجتذب الناشئين، والشباب لإبراز المعنى الصحيح للجهاد، وضوابطه.

_ دور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي: من خلال تكثيف حملات التوعية بالفكر الإسلامي الصحيح عبر هذه الوسائل، وجذب الشباب لها بالأساليب المبتكرة التي، تبتعد عن أساليب النصح الرتيبة، والمملة التي اعتادها الشباب، ومحاولة الحد من المواد التي تتضمن مشاهد عنف حتى لا تصبح أمرًا محببًا لنفوس البعض، ويعتاد عليها الناس.

وفي النهاية فإنه لا يمكن التصدي للفكر الإرهابي بالقوة الأمنية فقط، وإنما بالقوة الفكرية من خلال التوعية الفكرية للمجتمع، والتنشئة الاجتماعية السليمة، والإعداد النفسي السليم للفرد، وبالتالي بناء العقول المستنيرة الواعية التي لا يمكن زعزعة أمنها، ومبادئها مهما تضافرت عليها جهود الإرهاب، والفكر المتطرف.

الجريدة الرسمية