رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

القوة والبدائل في أزمة تعطيش النيل


لا يمكن بحال من الأحوال، التقليل من شأن وحجم وجدية مشاعر القلق التي تجتاح الشارع المصري، في أعقاب إعلان وزارة الري المصرية وقف المفاوضات الفنية مع إثيوبيا، وعبارة وقف التفاوض أو تجميده، اختيار دبلوماسي لكلمات لا تغلق الباب أمام الطرفين للعودة إلى مائدة التباحث والتوصل إلى حلول للمشكلات العالقة، ويتحدث الناس بلغة أكثر صراحة وهي أن المفاوضات مع الجانب الإثيوبي فشلت، وأن الشقيق السوداني باعك للأحباش بمكافأة قطرية مجزية!


من البداية، كان المواطن المصري البسيط يعلم أن أديس أبابا لا تريد الخير لمصر، والدليل الساطع هو أنها استغلت فرصة الفوضى ومحاولة تخريب وإسقاط الدولة المصرية منذ الخامس والعشرين من يناير المشئوم، وأيامها ذهب من أطلقوا على أنفسهم سفراء الدبلوماسية الشعبية، في إجراء أقرب إلى الغوغائية، وسبقوا الدولة الرسمية وصادروا عليها، كان من بينهم للأسف نجل الزعيم عبد الناصر بطل السد العالي، ولن أذكر أسماء أخرى أسهمت في طمأنة الأحباش، حتى مضوا في بناء سد يهدد أمننا بل وجودنا ذاته!

هؤلاء يجب محاكمتهم على السذاجة والعبط السياسي والمراهقة الغبية الثورية، فشلت المفاوضات لأن الإثيوبيين لا يريدون الموافقة على التقرير المبدئي للمكتبين الفنيين الاستشاريين، وهما من فرنسا ومن اختيار إثيوبيا نفسها، وفي التقرير ما يفيد أن السد ينطوي على أضرار، وهو أيضًا تقرير غير ملزم لإثيوبيا نفسها.. والأغرب أن العاصمة السودانية الخرطوم سوف تغرق تحت سيول مياه السد بتسعة أمتار كاملة، ومع ذلك فإنها وقفت بميوعة مخجلة، لتناصر الموقف الإثيوبي على حساب الشقيقة مصر.. لا شقيقة ولا شقيق بعد اليوم.. المصالح هي العملة الرائجة.. لقد أنفقت مصر استثمارات وقدمت مساعدات، والتزمت بالصبر والتريث، بينما واصلت أديس أبابا عمليات البناء بلا هوادة، في سباق مع الزمن، حتى يتحول السد إلى حقيقة واقعة، ويصبح المساس به جريمة دولية.

قادة الخراب أصحاب ٢٥ يناير هم المسئولون سياسيًا عن المأزق الحالي بكل المقاييس.. فسياسة أن إثيوبيا صديقة شقيقة كانت تجلب المتعة للأحباش، وتعطيهم قناعة كاملة بأن المصريين قوم يحبون خداع أنفسهم، أو لعلهم يعتقدون أن لهذه الكلمات أي معنى أو ثمن في القاموس السياسي الانتهازي الإثيوبي.

قلق المصريين نابع من السؤال الحتمي وإجابته التي لا توجد إجابة غيرها: هل سنسكت على موت النيل في أراضينا محتجزًا خلف سد النهضة؟!

وإذا كان الرد أن طبعًا لا لن نسكت ولا يجوز عقلا وواقعًا.. فما هو الرد؟
هل يكون الرد بالقوة، وما هي حدود هذه القوة، وهل يسمح الظرف الإقليمي والدولي المتداخل في الإقليم باللجوء إلى القوة؟ وماذا تعني القوة في المقام الأول؟ عمل عسكري إجهاضي خاطف؟ وفي هذه الحالة ينبغي أن تسأل عن نطاق وحجم رد فعل الخصم، وهل هو وحده أم وراءه الأتراك والقطريون والإيرانيون؟!

أم أن الهدف هو إفشال المباحثات لدفع مصر إلى إجراء بالقوة لتوريطها في فتح جبهة قتال ثالثة في الجنوب عبر خطوط إمداد طويلة تمر بأرض شقيق غير مضمون؟!

بطبيعة الحال، فإن الرأي العام يغلي، ويطرح كل هذه التصورات والتساؤلات، والرد المطمئن ليس موجودًا عند بعض الغوغائيين في برامج التوك توك شوز المسائية، بل الرد المريح ينبع من الدولة، التي تحسبت بالتأكيد منذ سبع سنوات من التفاوض مع المراوغ الإثيوبي، أقول تحسبت واستعدت ببدائل وخيارات متعددة لكبح جماح الأحباش، يعلنون أنهم يريدون لنا الخير وفي الوقت نفسه تعكس كل تصرفاتهم خطة شر مبيتة بالاتفاق مع محور الشيطان في قطر وطهران وأنقرة.
مصر تعرف جيدًا نوع السلاح الذي يقوض خطط الأحباش لتعطيش وتجويع ١٠٤ ملايين مصري.
Advertisements
الجريدة الرسمية