رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا تشعل النيران بالمنطقة!


لم يعد خافيًا على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي العدو الأول لأمتنا العربية، وهي صاحبة المشروع التقسيمي والتفتيتي الجديد للمنطقة والمعروف إعلاميًا بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير، والذي بدأت بذوره الجنينية منذ زمن بعيد بدأ بعزل مصر عن محيطها العربي وتكبيلها باتفاقية سلام مزعوم مع العدو الصهيوني، ثم كانت الحرب العراقية الإيرانية التي استنزفت القوى الثانية الضاربة في الوطن العربي، وعندما انتهت هذه الحرب كانت ورقة الغزو العراقى للكويت جاهزة لتقويض دعائم العراق بشكل نهائي وإخراجه من معادلة القوة العربية، ثم دخول الأردن وفلسطين في دائرة السلام المزعوم عبر وادى عربة واسلوا، ثم الغزو الأمريكي للعراق واحتلالها كمقدمة لتقسيمها وتفتيتها.


وبعد الغزو الأمريكى للعراق استمر المشروع التقسيمى والتفتيتى يعمل على قدم وساق حتى شاهدنا في يوم وليلة يتم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، ثم انطلقت شرارة الربيع العبري الذي بدأ بتونس، وسرعان ما انتقلت العدوى إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وبالطبع كانت هذه المرحلة هي الأكثر تطورا في مشروع التقسيم والتفتيت، واعتمد العدو الأمريكي على مجموعة من الآليات الجديدة فيما عرف بالجيل الرابع للحروب، فلم يعد التدخل العسكري المباشر كما حدث في العراق هو الآلية المناسبة في هذه المرحلة الجديدة بل لابد أن تكون الحرب بالوكالة.

وكان الجنرال إعلام أحد أهم آليات الحرب الجديدة فانطلقت وسائل الإعلام تنشر الشائعات والأكاذيب حول ما يدور داخل مجتمعاتنا العربية لتهيئة الرأى العام العالمى لتقبل النتائج التي يسعى لتحقيقها العدو الأمريكى، ثم كانت الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية آلية جديدة للتقسيم والتفتيت من الداخل، ثم كانت الصفقة الكبرى مع الجماعات التكفيرية الإرهابية آلية أكثر شراسة للتقسيم والتفتيت واستنزاف لقوة الجيوش الوطنية، ثم جاءت الصفقة الوهمية مع دول البترودولار لتمويل الحروب الداخلية في المجتمعات العربية أملا في الانفراد بالزعامة داخل المنطقة.

لكن على الرغم من النجاح النسبي للمشروع في بعض المجتمعات خاصة ليبيا التي تم احتلالها بواسطة الجماعات الإرهابية المدعومة أمريكيا وصهيونيا وخليجيا والتي تلوح في الأفق بوادر تقسيمها وتفتيتها، وهو نفس المصير الذي يهدد اليمن التي تتعرض لحرب إبادة لشعبها دخلت في عامها الثالث، إلا أن المشروع قد فشل بشكل نهائي في مصر بفضل صلابة جيشها وكشفه المبكر لأبعاد المؤامرة وتمكنه من إجهاضها والإطاحة بالجماعة الإرهابية من سدة الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة وتأمين حدودها بشكل صارم، وكذلك فشل المشروع في سورية التي تمكنت من مواجهة العدو الأمريكى بكل آلياته الجديدة في حربه الكونية معها، حيث تصدى الإعلام السورى الوطنى للجنرال إعلام الكاذب وقام بفضحه أمام الرأى العام العالمى، وتصدى للفتنة الطائفية عبر التماسك واللحمة الوطنية للغالبية العظمى من الشعب السورى، ثم كانت المواجهة مع الجماعات الإرهابية المتسللة عبر الحدود، والتي جاءت من كل أصقاع الأرض، حيث نجح الجيش العربي السوري في التعامل معها وتجفيف منابعها مما أصاب العدو الأمريكى بالجنون.

وفى ظل الهزائم المتتالية التي تلقاها مشروع العدو الأمريكى مؤخرًا وفشله في تقسيم مصر وسورية لم تبق أمامه إلا آلية دول البترودولار التي مولت هذه الجولة الفاشلة ليلعب بها من جديد، حيث أوهمها هذه المرة أن الخطر الشيعى متمثلا في إيران ما زال قائمًا ولابد من التصدي له عبر مواجهة جديدة على الأرض اللبنانية بحجة الضربات الصاروخية الباليستية التي انطلقت من اليمن إلى قلب الرياض.

والأمر الذي يثير الدهشة هو أنه إذا كانت الضربة قد جاءت من اليمن فهناك حرب دائرة هناك منذ ثلاث سنوات ومازالت مستمرة، فلماذا محاولة فتح جبهة جديدة للصراع مع حزب الله على الأرض اللبنانية ؟! وإذا كانت المعركة تستهدف إيران فلماذا لا تتم المواجهة مباشرة لتنهى المسألة من الأصل؟! المسألة إذا ليست معركة مع إيران بحجة وقف التمدد الشيعي بالمنطقة كما تزعم الآلة الإعلامية الكاذبة فداخل إيران ما يزيد على عشرين مليون سني لماذا لم تقم إيران بتشيّعهم؟!

المسألة إذا هي محاولة جديدة من العدو الأمريكى لإشعال نيران جديدة في المنطقة بعدما فشل مشروعه على الأرض المصرية والسورية، فهو يحاول أن يؤجج الصراع في مناطق أخرى حتى يظل نفوذه موجودًا بالمنطقة وحتى تستمر أموال البترودولار تتدفق إلى الخزانة الأمريكية إما طلبًا للحماية أو بيعًا للأسلحة، وبعدها يمكنه أن يطور آليات جديدة لمشروع التقسيم والتفتيت الذي لم يتوقف عند هذه الجولة الفاشلة، لذلك لابد أن تعي المجتمعات العربية المتعاونة مع العدو الأمريكى أنها الخاسر الأول من وراء هذا التعاون، ولابد من لم الشمل العربي من جديد فهو السبيل الوحيد لمواجهة مشروع العدو الأمريكي الساعي للتقسيم والتفتيت وتقع المسئولية الأولى للعب هذا الدور على مصر باعتبارها الدولة الأكبر في المنطقة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية