رئيس التحرير
عصام كامل

اجتهدوا يرحمكم الله


ليتنا نرى اجتهادا حقيقيا من المؤسسات الدينية في بلادنا، فمجتمعاتنا على مدار أجيال وأجيال حفلت بأعداء "التجديد" وأنصار "التجميد" الذين يرغبون في "تجميد الإسلام" في قالب واحد هو قالب القرن الأول الهجرى، أولئك الذين يعتبرون أن اجتهادات الأقدمين قطعت الطريق على كل مجتهد، وأن باب الاجتهاد قد أغلق، لذلك لا تجد اجتهادا معتبرا بصدد أشياء كثيرة مستجدة مثل العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكوم، في ظل الدولة الوطنية الحديثة، وهل هي علاقة تبعية ورئاسة أم علاقة وكالة؟ وما الاجتهاد الفقهي بخصوص عقود التأمين، وأظن أن الاجتهادات في مجال فائدة البنوك أو الزيادة في أوراق النقد عند رد الدين قد خرجت ناقصة، لأنها لم تبحث عن طبيعة المال ونوعيته في هذا العصر، وهل قيمة الأوراق النقدية الورقية ثابتة أم متغيرة؟ وما طبيعة الغطاء الذي يغطي هذا النقد في خزينة الدولة؟ هل هو الذهب كما كان في السابق، وكما هو في بعض الدول حاليا؟ أم أن الغطاء هو القدرة الإنتاجية للدولة وهي قدرة متغيرة، وهل الأوراق النقدية الأجنبية أداة وفاء بالمفهوم العصري أم أنها سلعة؟ وما هو الحل بالنسبة للقروض طويلة الأجل عندما تقل قيمة النقد الورقي بشكل كبير، فلا يستطيع أحدنا بالمال الذي أودعه في البنك منذ سنوات أن يشتري به نفس السلعة الآن بسبب انخفاض قيمة النقد؟ ألا يشكل هذا ظلما للمودع من ناحية أو للمقرض من ناحية أخرى؟!


والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم "فلكم رءوس أموالكم لا تـَظلمون ولا تـُظلمون" فهل رأس المال الذي يتم إيداعه اليوم يمثل نفس القوة الشرائية لهذا المال النقدي بعد سنوات عند الاسترداد؟، وأين الاجتهاد الفقهي في خصوص عمل المرأة في القضاء، أو رئاستها للدولة، ونفس الأمر بالنسبة لغير المسلمين، وهل مازلنا إلى الآن نعتبر "الخلافة" كنظام حكم هي من الدين؟ ولماذا لا نزال نعيش على مفهوم الأجيال الأولى للمسلمين بخصوص الكفر ودوائره؟ وغير ذلك كثير وكثير، رحم الله المجتهدين فقد ماتوا منذ مئات السنين.

الجريدة الرسمية