رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ترامب يتوجه لآسيا بعد تفكيك المنطقة العربية


يقوم الرئيس الأمريكي الآن بجولة في خمس دول في شرق آسيا، ويحمل في أجندته تحذيرًا بعدم مساندة نظام كوريا الشمالية، محاولا إشغال كل من الصين وروسيا بتوتر العلاقات مع كوريا الشمالية، ويمكن اعتبار ذلك محاولة للمساومة ما بين الاستقرار والأمن في قارة آسيا وبين الاستقرار والأمن في المنطقة العربية.


وقبيل هذه الجولة حدثت تطورات غير مسبوقة في المملكة العربية السعودية، حيث شن ولى عهد السعودية حملة تطهير للفساد في المملكة طالت أمراء ووزراء سابقين، الأمر الذي فتح المجال للعديد من التكهنات حول مغزى هذه الحملة وقد أرجعها البعض إلى أن من تم القبض عليهم يرفضون تولي ولي العهد الحكم في المملكة.

وقد كتب محللون آخرون أن الأمر أكبر من محاولة ترتيب البيت السعودي من الداخل تمهيدًا لتولى ولي العهد الحكم إلى ترتيبات إقليمية جديدة في المنطقة، ومنها تقليم أظافر إيران في المنطقة وخاصة حزب الله في لبنان واليمن وسوريا، وبالتالي تغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا، فبدلا من سيطرة سوريا ومن ورائها إيران وروسيا على معظم الأراضي السورية يتم تشكيل تحالف عسكري جديد في المنطقة وبديلا عن القوة العربية المشتركة والتحالف الإسلامي الحالي، بتحالف آخر من بعض الدول العربية لمحاربة حزب الله على الأرض السورية، وكذلك الحال، تكبيد حزب الله خسائر في لبنان من خلال تحطيم البنية التحتية والنيل من اقتصاده تمهيدًا للاشتباك مع قوات إسرائيلية وأمريكية في حرب سريعة تنال من قوته العسكرية وتشتيته بين أكثر من جبهة في آن واحد.. أيضًا توجيه الاتهامات لإيران بإطلاق صواريخ على العاصمة السعودية من شأنه دفع إيران للقيام بهجوم يتبعه رد فعل يكبدها العديد من الخسائر في اليمن ممثلة في الحوثيين هناك.

وفي حالة صدق هذه التوقعات، فإن بعض المحللين رأوا أن ترامب يهدف من خلال جولته أن يضغط على الصين وروسيا للموافقة أو ضمان حيادهما في تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة لضمان أمن إسرائيل، ولذا يتوقع البعض أنه يحمل في جعبته أدوات ضغط على كل من الصين وروسيا، فمن ناحية الصين لها استثمارات كبيرة جدا في إيران، ولكن هناك مصادر عدة تهدد الأمن القومي الصيني ومنها التهديد بحرب ضد كوريا الشمالية، وكذلك اضطراب الأوضاع في بورما، وخاصة في منطقة الشمال التي تستورد منها الصين الغاز والبترول، مما يعني ضغطا أمريكيا على التنمية في الصين.

كما أن روسيا تريد أن تضمن وجودًا لها في سوريا والمنطقة والمياه الدافئة في البحر المتوسط، ويُعتقد أن ضغط أمريكا على روسيا بأن يكون هذا الوجود محدودًا أمر سهل الحدوث، خاصة أن روسيا أيضًا لديها نقاط ضعف كثيرة، منها وجود أنصار للفكر المتطرف من المسلمين الذين يعيشون فيها (وكذلك الصين)، فضلا عن رغبتها في تأمين حدودها الجنوبية مع دول الكومنولث وخاصة أوكرانيا، كل ذلك يصب في أن توقيت زيارة ترامب لآسيا يحمل في أجندته، ضمان تحييد موقف كل من الصين وروسيا تجاه الحرب المزمع قيامها في المنطقة.

ولكن يصعب القول إن بداية حرب كهذه من شأنه أن يعود بالخير على الدول التي ستشارك في هذه الحرب، بل سيكون للدول التي ستكون عدوا وعلى رأسها إيران وقطر وسوريا واليمن ردود فعل حول أي خسائر ستتكبدها، ومنها انتشار العمليات الإرهابية في أراضي الدول العربية المشاركة في التحالف، فضلا عن تأثر حركة التجارة العالمية في الممرات المائية في المنطقة وارتفاع أسعار البترول والغاز، ومن ثم أسعار السلع مما يعني التأثير فى التماسك الداخلي بهذه الدول وفى الاستقرار والأمن الداخلي وتأثر البورصات وحركة التصدير والاستيراد، مما سيكون له تأثير سلبي فى الرأي العام الداخلي بالدول العربية.

ويمكن القول إن عدم وجود مسئولين يتسمون بالحكمة يتصدرون في المشهد السياسي، سوف يدخل المنطقة في أتون حرب لا تنتهي، وقد صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي على هامش "منتدى شباب العالم" المنعقد في مدينة شرم الشيخ بأنه يعارض الحرب ضد إيران وحزب الله، مؤكدًا أن أي مشكلة في المنطقة سواء تعلقت بإيران أو حزب الله، يجب التعامل معها بحذر، مضيفًا: "لا نريد إشكاليات أخرى، ولا زيادة التحديات والاضطرابات الموجودة في المنطقة".

هذا المشهد المضطرب والذي يحمل في طياته الكثير، يجب ضبطه والسيطرة عليه، ومن ثم فإن تصدر مصر لهذا المشهد أصبح ضرورة ملحة، للقيام بدورها المنتظر منها والمشهود له بالرؤية الثاقبة لمستقبل المنطقة، والقيام بالدور الضابط للأحداث، وأصبح إحياؤها الدعوة لتشكيل قوة عربية مشتركة للردع أمرًا في غاية الأهمية، ولذا عليها أن تقوم بدور لوقف استنزاف الدول العربية مثل لبنان وسوريا واليمن، للحيلولة دون دخول المنطقة في حرب لا طائل من ورائها كما ستعود بتداعيات سلبية على مصر أيضًا.

إن التحرك الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة لا يعني غير الخراب، مؤكدًا للمنطقة وأن محاولة التنسيق مع أمريكا أو إسرائيل للزج بالمنطقة إلى حرب طويلة، سيعود بالخسائر على الدول العربية، وبالفعل تفتيتها كما ترغب أمريكا وإسرائيل.
Advertisements
الجريدة الرسمية