رئيس التحرير
عصام كامل

«الطيب».. و«تواضروس الثاني»


أتمَّ بابا الإسكندريةِ وبطريركُ الكرازةِ المُرقسيةِ "تواضروس الثانى"، مطلعَ الأسبوعِ الجارى، عامَه الخامسَ والستينَ، متَعَهُ اللهُ بموفورِ الصحَةِ والعافيّةِ. سوفَ يذكرُ التاريخُ المنصفُ الدورَ الوطنىَّ للبابا منذ ثورةِ 30 يونيو 2013، وحتى الآن، وسوف يُخلّدُ له إخلاصَه في الحفاظِ على الوحدةِ الوطنيةِ للمصريين، ولنْ يغيبَ عن أذهانِهم مقولتُه الخالدةُ التي ترتقى إلى منزلة "الحِكمةِ": "وطنٌ بلا كنائسَ خيرٌ منْ كنائسَ بلا وطنٍ"، عندما أعملَ الإخوانُ المارقونَ وتابعوهم الحرقَ والتخريبَ في دورِ العبادةِ المسيحيّةِ، في أعقابِ فضِّ اعتصامى "رابعة العدوية" و"النهضة".. لمْ ينحرفْ البابا يمينًا أو يسارًا، في أصعبِ الظروفِ وأشدِّها.


كانتْ مصرُ ولا تزالُ في عقيدتِه هي الأوْلى والأهمُّ.. كما لا يخفى على كلِّ ذى بصيرةٍ التقارُبُ الكبيرُ الذي التأمَ بين الأزهرِ الشريفِ والكنيسةِ المصرية، في عهد البابا الحالى، ما ضاعفَ أواصرَ المحبّةِ والألفةِ.. ولأنَّ الشئَّ بالشئِّ يُذكرُ.. فإنَّ الإمامَ الأكبرَ الدكتور "أحمد الطيب" جسّدَ مع البابا "ثنائيًا عظيمًا ورائعًا"، في فترةٍ دقيقةٍ منْ عُمرِ الوطنِ، ولا يزالانِ يُنفقانِ عُمرَهما في خدمةِ الوطنِ والدينِ، ويتحملانِ في سبيلِ ذلكَ الكثيرَ من تنطُّعِ المتُنطعينَ الذينَ يتطلعونَ إلى منعِ الأزهرِ الشريف والكنيسة المصريّةِ من الاضطلاعِ بأىِّ دورٍ في الحياةِ العامَةِ.

هؤلاءِ المُتنطعونَ من كارهى الأديانِ، يُمثلونَ الوجهَ الآخرَ للتطرفِ والعُنفِ.. الإمامُ الأكبرُ، الذي تصدّرَ مؤخرًا قائمةَ الشخصياتِ الأكثرِ تأثيرًا في العالمِ الإسلامىِّ، يرى أنَّ العلاقاتِ الطيبةَ التي تسودُ بينَ الأزهرِ الشريفِ، والكنيسةِ المصريةِ، لا يمكن لأحدٍ، أنْ ينالَ منها أو يعكّرَ صفوَها، فيما يقولُ البابا دومًا: "إن المسلمينَ والمسيحيينَ يعيشونَ على أرضِ الوطنِ في تلاحُمٍ وأُخوةٍ وتواصُلٍ، وإنَّ العلاقةَ القويّةَ بينَ الجانبينِ، تُعدُّ نموذجًا فريدًا في التعايُش المشترك بين أبناء الوطن الواحد".. وفى زمن "الطيب" و"تواضروس الثانى"..

يعملُ الأزهرُ الشريفُ، والكنيسةُ المصريةُ على إبرازِ القيمِ الأخلاقيةِ النبيلةِ في المجتمعِ، وإعلاءِ قيّمِ التسامحِ والاعتدالِ، والعودة إلى العادات والتقاليد المصرية الأصيلة، وتجفيفِ منابعِ الانحرافِ الدينىِّ والأخلاقىِّ، ولعلّها، بدونِ أدنى شكٍّ، حربٌ ضروسٌ، لا تقلُّ ضراوةً عنْ الحربِ ضدَ الإرهابِ، لأنْ مُجتمعًا بلا أخلاقٍ أو قيمٍ، يُعتبرُ عبئًا وعارًا على الإنسانيةٍ.. وأخيرًا.. خالصَ التمنيات الطيبةِ للبابا في يوم ميلاده، ودُمتَ صديقًا مُحبًا ومُخلصًا لشيخِ الأزهرِ الشريفِ.
الجريدة الرسمية