رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا وكيف وأين ومتى؟!


مهمة الكاتب هي التوقف أمام الحدث وتحليله ثم الخروج بنتائج تتضمن إجابات لأسئلة مطروحة.. في الفترة الأخيرة -ورغم كثرة الكتاب والمحللين- أصبحنا نتوقف أمام أحداث بعينها مكتفين بطرح الأسئلة، وهنا يتساوى الكاتب مع القارئ، فالأول عجز عن أداء مهمته.. والثاني فشل في العثور على ضالته، لتظل تلك الأحداث طليقة لم يخضعها للتحليل فراسة كاتب ولا اجتهادات مراقب، وبالتالي.. تظل لماذا وكيف وأين ومتى؟ حرة هي الأخرى لتدلل على حالة الغموض التي تحيط بالحدث.


ولعل الأحداث الأخيرة والمتعاقبة في المملكة العربية السعودية والتي جعلتها مسرحًا للأحداث بعد أن كانت صانعة لها خارج حدودها.. دليل على عجز الكاتب أمام القارئ بسبب فشل الأول في تحليل ما يجري للخروج بإجابات ترضي فضول الأخير، قد يقول قائل: ما لنا وما يجري في المملكة فذلك شأن داخلي؟ وهذا كسل يضاف إلى عجز الكاتب وجهل يضاف إلى حيرة القارئ، لأن ما يحدث في المملكة سوف تمتد تبعاته إلى المنطقة العربية سياسيًا وإقتصاديًا، فاستقرار المملكة يعني استقرار الخليج، وأمن الخليج يعني أمنًا قوميًا لمصر، لذلك كانت مقولة السيسي الأشهر (مسافة السكة) التي دلل بها على أن الهم العربي لا يتجزأ.

حالة الغموض التي أحاطت بالأحداث الأخيرة في المملكة العربية السعودية نتج عنها العديد من التساؤلات خاصة أنها مفاجئة ومتلاحقة، هل كان توقيف هذا العدد من الأمراء والوزراء لأسباب اقتصادية كما أعلنت المملكة؟ أم أنها أسباب سياسية كما ردد المجتهدون في تحليل الموقف؟ هل هؤلاء متهمون بالفساد كما أعلنت المملكة التي عززت إعلانها بأرقام مذهلة ؟ أم أن الموقوفين ضمن مجموعة رفضت الانصياع إلى تسليم محمد بن سلمان زمام الأمور في المملكة؟ وأصحاب هذا الرأي برهنوا على ذلك بوثيقة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتتضمن رفضًا من الموقوفين بتسليم ولي العهد زمام الأمور، والوثيقة تم تقديمها للملك سلمان.. هل أراد ولي العهد التخلص من شخصيات أعتقد أنها معوقًا لانفراده بالحكم؟ أم أن الصفقات المشبوهة لم يعد ولي العهد قادرًا على السكوت عنها؟ وهل هناك علاقة بين مطلب الرئيس الأمريكي ترامب بطرح أسهم من شركة أرامكو في بورصة نيويورك واستجابة ولي العهد له وهذا التوقيف؟

أما استقالة سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، فكانت الحدث الثاني الذي عجز المراقبون عن تفسيره، خاصة أن إعلانه الاستقالة كان من الرياض، فعلى الرغم من الأسباب التي أعلنها الحريري والخاصة بنفوذ إيران وحزب الله في لبنان والمعلومات التي ذكرها حول محاولة تصفيته وشعوره بالأجواء التي أحاطت باغتيال والده.. رغم كل هذا فإن قراره كان مفاجئًا حتى لتيار المستقبل، لماذا أعلن الحريري استقالته من الرياض ولم يعلنها من بيروت؟ وهل هناك علاقة بين استقالته ومن تم توقيفهم من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال خاصة أن الحريري يحمل الجنسية السعودية؟ هل إعلان الحريري استقالته من الرياض جاء حماية له أم تمهيد لقرارات تجاهه سوف تكشف عنها الأيام المقبلة؟ وهل سيكون للمملكة تدخل من أي نوع في الشأن اللبناني خاصة أنها تضع حزب الله في نفس قفص الاتهام مع إيران؟ ولماذا تزامنت الاستقالة مع قرارات التوقيف؟

تساؤلات أخرى كثيرة تحمل تخوفات على استقرار المملكة، خاصة أن وضع المنطقة لا يتحمل والسعودية كما أن مصر مستهدفة وقد وضعها المستهدفون على خريطة التقسيم، وهنا يجب أن نتعامل مع هذه التخوفات بجدية، لأن التاريخ ليس ببعيد، فعندما بدأت الأحداث في تونس.. قلنا في مصر إننا بمنأى عن ذلك وإن مصر ليست تونس، وعندما زحف ما أطلقوا عليه الربيع العربي إلى ليبيا صاح القذافي.. من أنتم؟ ورحل القذافي وبقي سؤاله قائمًا، وها هي سوريا تئن، واليمن تحتضر، لذلك كانت التخوفات على مستقبل المملكة مشروعة لأن استقرارها يعني استقرار المنطقة وأي سوء يطالها -لا قدر الله- يعني أننا مقبلون جميعًا على ما لا يحمد عقباه. basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية