رئيس التحرير
عصام كامل

أوان التنازلات المؤلمة


الجهل والعناد سيدمران البلاد.. عبارة تحذيرية حادة وجادة، أنهى بها الدكتور محمد البرادعى تدوينته على حسابه الخاص بموقع تويتر منذ أيام قلائل.


قال البرادعى فى رسالة قصيرة مباشرة للدكتور محمد مرسى: إلى دكتور مرسى ومن معه.. باسم جموع الشعب المصرى، أحَمِّلك المسئولية الكاملة عن حالة الاستقطاب التى تمزق الوطن.. استمعوا إلى صوت العقل قبل فوات الأوان، والبداية تكون بسحب مشروع تدمير السلطة القضائية، وحكومة قادرة مستقلة، ونائب عام جديد، ثم حوار وطنى جاد.. انتهت تدوينة البرادعى.

واضح تماما أن دكتور البرادعى وهو ممثل رأس حربة المعارضة على الأرض، يطرح مطالب تصب فى خانة الرغبة فى التوافق مع النظر بعين الاعتبار لعامل الوقت، وهو تصريح يحمل فى طياته وقف ارتفاع كلفة فاتورة الصدام من دماء ودمار وترد اقتصادى، ودفع قطار الوطن فى انطلاقه نحو الاستقرار.

فى ظنى أن تفاصيل المطالب الواردة تعنى حلحلة موقف المعارضة بدرجة ملحوظة.. ذلك أن سقف المطالب قد انخفض من مستوى إزاحة الرئيس واجتثاث الإخوان إلى طرح مطالب يدور حولها النقاش ومن ثم التوافق.

وهنا علينا أن نعترف كمراقبين، أن الرئيس مرسى قد نجح فى صرف المعارضة عن فكرة المطالبة بعزله هو نفسه عن سدة الرئاسة، ثم تصدير الأزمة أو حصرها فى صراع حول قوانين وقضايا أخرى، هى ما تم تحديده حصريا فى تدوينة البرادعى (قانون السلطة القضائية ــ حكومة جديدة ــ نائب عام جديد ــ حوار وطنى جاد)

وفيما يبدو أن قَبَسا من ضوء حول التوافق، يطل من الأفق، لاسيما بعد تجاوز مرحلة الصراخ والصراع والصدام العنيف، وطرح أجندة محددة لمجالات التوافق.. وعلينا أن نعترف بحقيقة مهمة، وهى أن الرئيس مرسى ــ وإن بدا باردا أمام أحداث مستعرة ــ فقد حاول تجنب الصدامات الكبرى لكسب الوقت للحركة وتحقيق أى مساحة مكاسب سياسية تحفظ مستوى شعبيته على الأقل بعد أن تقهقرت بوضوح عقب انتخابه، أضف إلى ذلك بوادر رغبة فى الحوار من حين لآخر.

إذن.. نحن أمام دعوة دكتور البرادعى بعد انخفاض سقف المطالب كما أوضحت، تقابلها رغبة مماثلة من النظام بعد تحقيق مساحة رضا مقنعة له بحساباته هو، ومن ثم فإن الفرصة سانحة الآن للتوافق، بعد أن سلَّم الجميع باستحالة حصول طرف على كل ما يريد مع هزيمة الطرف الآخر بالضربة القاضية، وهذا لم يحدث ولن يحدث.
الجريدة الرسمية