رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إنقاذ الحايس.. وكيف نصنع إرهابيا؟!


إنقاذ الحايس.. وكيف نصنع إرهابيا !؟ سؤال تردد بعد العملية التاريخية لإنقاذ البطل محمد الحايس، هل نحن حقا نحارب الإرهاب أم نصنعه دون أن ندرى!؟ نشرت جميع المواقع صور نشاط ثقافى في إحدى الجامعات الكبرى بالقاهرة، حضره رئيس الجامعة وأحد العمداء والأساتذه والقاعة على آخرها من الشباب طلبة الجامعة، لفت نظرى أن المتحدث ممثل ربما ليس من الصفوف الخمسة الأولى من فنانينا، ومعه شاعرة ربما لا نجد لها صنفا نصنفها فيه، وطبعا مسرح أنيق ولافتات جميلة لمواجهة الإرهاب..إلخ، دهشت من الصور، رئيس الجامعة وكل هذا الاهتمام يعنى أن هؤلاء لا يتوفر فيهم الحد الأدنى لقيادة أهم المؤسسات المؤثرة في المجتمع عامة والشباب خاصة! وبناء على هذا كتبت تعليقا على صفحتى: رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وهيئات التدريس.. المطلوب إعدادهم ثقافيا قبل الطلبة.


جاءت الردود متباينة الفنان التشكيلى أحمد بيومى: ليسوا جميعا ولكن اقتراحك هايل، وأتمنى أن يكون لأى وزير ثقافة حتى لا يأتى بموروثه الثقافى الشخصى!..الشاعر الكبير جلال عابدين: ليس دائما!..الكاتبة الصحفية مى حسن: معك حق!..أما د.محمد إسحاق عميد كلية التربية الفنية: البعض وليس الكل! وأضاف: ليس الثقافة فقط.. بل علم الإدارة والقيادة والشئون القانونية والإدارية!.. أما د.أحمد سالم أستاذ الفلسفة بجامعة طنطا فعلق قائلا: المفروض يتعلمون جيدا لكى يستطيعوا تعليم الطلبة.. 90% منهم ليس لهم علاقة بوظيفتهم!

بل عاد د.أحمد سالم وكتب على صفحته، وكأنه يكمل ما كتبه تعليقا على اقتراحى: "شيء محزن للغاية..على الرغم من توافر المعلومات على الشبكة العنكبوتية في كل شيء من كتب ومعلومات وأبحاث. وعلى الرغم من معرفة معظم شباب مصر كيف يستخدمون الإنترنت. فإن معظم شباب الجامعة جاهلون بامتياز في أبسط المعارف الفلسفية والدينية والعلمية. في محاضراتى أنا مضطر أن أعرض لهم أبسط هذه المعلومات، وأنا أشرح لهم في مقررات الفلسفة. حتى بعض ألفاظ اللغة العربية البسيطة يجهلون معانيها. الذين يعتقدون أن لدينا تعليم واهمون ليأتوا ويروا أن كثيرا منهم لا يعرف شيئا عن موقعة صفين. ولا عن معاوية بن أبى سفيان. ولا عن أشياء كثيرة تتعلق بتاريخ وطنهم. ولا أدرى ما جدوى شبكة الإنترنت التي يستخدمونها. ولا الكتب الرخيصة والزهيدة السعر الملقاة على الأرصفة.

هذا الجيل توفر له إمكانيات لم تكن متاحة لنا. وأشياء كثيرة من سبل التعلم والتواصل. ولذا فالمحنة كبيرة وتمشى في الشوارع تجد مراكز الدروس الخصوصية التي خلقت تعليما موازيا رديئا لتقرأ عن صاروخ الفيزياء، ورائد الكيمياء، وألقاب وألفاظ ما أنزل الله بها من سلطان، واستنزاف لطاقة الأسر في الصرف على الدروس والمحصلة حصاد الهشيم. والمصيبة الكبرى أن ثقافة الدروس الخصوصية والمجموعات استمرت مع الطلبة بالجامعة، فصارت الجامعة لا جدوى منها مثلما صارت مدارسنا أيضا لا جدوى منها، والقائمون على الدولة لايضعون مشروع تطوير التعليم في اعتبارهم، ولذا صار من السهل على الجماعات الإسلامية استغلال الشباب وقيادتهم إلى طريق العنف لأن رؤسهم فارغة ويستطيع أي فكر متطرف استغلالهم".

رائع رؤية الصديق د.أحمد سالم الذي أرى فيه حيوية النبوغ والذكاء والثقافة والبحث بدون كبرياء بل إنه يشتبك مع قضايا الشارع دائما، وأرجع أن التعليم هو مفتاح كل شىء، وأن أهميته لو تعلمون كبير، لأن تدهور التعليم ينتج فيما بعد رؤساء جامعات وهيئات تدريس غير مؤهلين تماما، وقد أكد ذلك د. محمد إسحاق عميد التربية الفنية، إنهم لايعرفون عن الإدارة شيئا!

والسؤال لماذا يظهر الإرهابى بعد ذلك؟ للأسف كما قلنا مرارا إن تدهور التعليم يجعل مهمة الجماعات الإرهابية سهلة لاستغلال الشباب وتجنيدهم في طريق العنف! وإن كان هناك رؤية أخرى أرى أنها تأتى أهمية بعد التعليم الجيد، وهى للناقدة المميزة د.أماني فؤاد التي كتبت مقالا طويلا الجمعة الماضية عن كيف تصنع إرهابيا!؟ وقد أرجعت الأسباب إلى إصرار الأصولية على حشو أذهان اتباعهم بموروث فقهى قديم ناتج عن سياق عصر ماض وصراعات تاريخية وبيئات معينة ورؤية متعالية وعنيفة للآخر والتهميش السياسي والاجتماعى.. واستئثار الحكام وبطانتهم بكل السياسات والقرارات وثروات البلاد والتأثير المخابراتى الغربى في تأسيس الجماعات الإسلامية!

في النهاية مخطئ تماما من يعتقد أن عملية إنقاذ حياة الضابط محمد الحايس هي مجرد إنقاذ حياة أحد أبطالنا من الموت، وليست مجرد إعادة الثقة لأبنائنا الذين يواجهون الموت بصدورهم يوميا وفى كل لحظة، وليست مجرد استعادة الثقة لرجل الشارع في أبنائه الذين يقبضون على الجمر في سبيل الدفاع عن تراب الوطن، وعن المواطن الذي ينام وهو قرير العين، ويثق بأن العين الساهرة لحمايته جديرة بالثقة، وهى التي قال عنها سيدنا رسول الله "عينان لاتمسهما النار،عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله".. إنها إعادة الروح والثقة لنا ورسالة للعالم بأن مصر محفوظة ليوم الدين برعاية السماء وشعبها الأبى وأبنائه في القوات المسلحة والشرطة.. مصر.. مصر.. نعيش لمصر.. ونموت لمصر.. مصر.. تحيا مصر!
Advertisements
الجريدة الرسمية