رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس حزب التحالف الاشتراكي: أراضي مصر التي نهبها أثرياؤها أكبر من قرض صندوق النقد

فيتو

  • أنصار الاستبداد فقط يرون أن مصر لا تنفع معها أي تجارب حزبية 
  • المعارضة غائبة بعد 25 يناير ونظرية الأمن حلت محل الحرية
  • المنظمات الدولية تشيد بتعويم الجنيه لأنه ينفذ مخططها في الهيمنة على مصر
  • الانقسام وراء أفول نجم اليسار في الشارع والأحزاب تتعرض للإقصاء
  • برلمان عبد العال إصلاح وتهذيب
  • البرلمان الحالي تابع للسلطة التنفيذية ولم يشهد استجوابا واحدا

هو أحد قيادات اليسار المصري الذي نهض على مبادئ الاشتراكية، شارك إلى جانب أبو العز الحريري والدكتور عبد الغفار شكر في تأسيس حزب التحالف الاشتراكي ثم أصبح القائم بأعمال الرئيس حتى اختير رئيسا للحزب في الانتخابات الأخيرة. 
مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الاشتراكي كشف في حوارة بصالون فيتو العديد من الجوانب التي ساهمت في أفول نجم اليسار المصري والتضييق على الأحزاب إلى جانب غياب المعارضة بعد 25 يناير عن عمد بدعوى إحلال نظرية الأمن محل الحرية. 
وأكد الزاهد أن البرلمان الحالي هو الأسوأ في تاريخ الحياة البرلمانية بعد تحوله إلى تابع للسلطة التنفيذية بدليل عدم مناقشته استجوابا واحدا طول فصلين تشريعيين.
 
وإلى تفاصيل الحوار:

* في البداية بعد فوزك برئاسة الحزب الاشتراكي.. ما أولويات الحزب في المرحلة القادمة؟
** هناك ملفات ذات أهمية كبرى تستحق النظر اليها في المرحلة القادمة على رأسها ملف مشروع تطهير مياه النيل خاصة وأن الزراعة تحتاج إلى 68 مليار متر مكعب نحصل على 44 مليار من مياه النيل و3 من المياه الجوفية والباقى من معالجة مياه الصرف وهذا أمر بالغ الخطورة لأن المخلفات التي تلقى في النيل حولته من شريان الحياة إلى شريان للموت ونحن نتعاون مع الخبراء ومراكز البحث العلمي والأحزاب في هذا الملف. 
وهناك ملف المحليات فرؤيتنا أن يكون القانون ليس بالقوائم المغلقة لأنها ستؤدى إلى استبعاد الشباب وتجعل العصبيات ورأس المال يتحكم وهذا من شأنه إضعاف المحليات، إلى جانب ذلك هناك الملف الرئيسى وهو الانتخابات الرئاسية القادمة حيث نركز على أمرين أولهما خاص بالضمانات التي تضمن حرية المنافسة ومساحات متساوية بين المرشحين في الاعلام والثانى ضرورة صدور عفو رئاسي عن كل سجناء التعبير عن الرأي من الشباب. 

* تيار اليسار يجسد حالة من الأفول والانحسار وتراجع دوره في الشارع المصري، ما تعليقك؟
** هذا الكلام صحيح وحالة الانقسام التي شهدها اليسار لعبت دورا في هذا الانحسار إلى جانب وجود وضع في المعادلة السياسية يقيد عمل الأحزاب وأصبحت مجرد مقر وجريدة وهذا الوضع منع الاتصال بالطلاب والعمال والفلاحين، بالإضافة إلى الانشقاقات التي حدثت داخل اليسار.
 
* وهل تعتقد أن أزمة اليسار المصري هي جزء من حالة الغياب الكامل للأحزاب؟
* لا بد أن أشير هنا إلى تصريح الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب عندما قال إن الأحزاب لا تفرز قيادات سياسية وامتد الأمر للنائب أحمد رفعت الذي طالب بحل الأحزاب التي ليس لها نواب وهنا نتساءل هل الأحزاب تكلف الدولة شيئا؟ الإجابة لا، والأكثر من ذلك أنها لا تحصل على أي فرصة في الإعلام وبالتالي هناك استهداف وإقصاء للأحزاب، رغم أننا نقدم رؤى وحلولا لمشكلات المواطن لكن للأسف لا يكلفون أنفسهم عناء النظر فيها وبالتالي إغلاق المجال العام وراء غياب الأحزاب أضف إلى ذلك أن أحزاب اليسار فقيرة وجاءت القوانين لتزيد القيد عليها مثل حظر التظاهر والوقفات الاحتجاجية والضرر هنا ليس على الأحزاب فقط وإنما على النظام السياسي ككل وبالتالي لا بد من خلق متنفس للمشاركة من جانب الأحزاب.
 
* ولكن البعض يرى أن مصر لا تنفع معها أي تجارب حزبية؟
** هذه وجهة نظر أنصار الاستبداد ومصر عبر تاريخها وخاصة وقت ثورة 19 كان أهم إنجازاتها الاستقلال والدستور الذي نادى بالتعددية الحزبية حتى الوفد لم يمكث في الحكم إلا فترة قليلة وبالتالي هناك خطوط حمراء توضع أمام الأحزاب منذ عام 77.

* بمناسبة المعارضة هل ترى أن مصر لديها معارضة بعد 25 يناير؟
** الحقيقه لا، الفترة بعد 25 يناير حتى 30 يونيو كانت المعارضة قوية وتشكلت جبهة الإنقاذ وعقدت مليونيات ذهبت للاتحادية والميادين العامة وضد مكتب الإرشاد وضد تحويل المجتمع إلى مجتمع مغلق ومحاولات الإخوان الهيمنة على القضاء وعلى التعليم وبالتالي جوهر الصراع من 25 يناير وحتى الآن بين القوى الديمقراطية والقوى الأمنية يدور حول انتزاع المساحة التي أخذتها الثورة لحرية الفكر والتعبير وفي هذه المنطقة سقط شهداء وسجن العديد من الشباب ساعد على هذا التوجه الظروف التي حدث فيها صعود موجات الإرهاب، وهنا ظهرت قصة الأمن مقابل الحرية وهذا خطأ لأنه لا يمكن مواجهة الإرهاب بتقييد الحريات لأن التنمية والعدالة والكرامة جزء رئيسي مع الأمن في مواجهة الإرهاب، وهنا لا بد أن نشير إلى أن مواجهة الإرهاب تقتضي تجفيف منابعه.
 
* الناس لا تشعر بعودة الشرطة رغم مرور 6 سنوات.. هل حادث الواحات ممكن يزيد من حالة الغياب؟
** الحق يقال إن غياب الشرطة طوال الفترة الكاملة لم يكن كاملا بل كانت حاضرة في مواجهة المعارضة المدنية وللأسف لا تدرك أن التهديدات التي تواجه الدولة ليس من المعارضة المدنية ولكن من جانب المعارضة المسلحة من جانب جماعات الإرهاب، من ناحية أخرى حادث الواحات سيعيد الشعور بالشرطة وتضحياتها وهذا يقتضي تطوير أدوات المواجهة مع هذه العصابات المسلحة التي لا تؤمن بسياسة حيازة الأرض من خلال تطوير القدرات الاحترافية في الاختراق والتدريب وتطوير الأسلحة، مع ضرورة أن تكون المواجهة مجتمعية شاملة.
 
* لماذا لم يظهر حزب الرئيس حتى الآن؟ وهل هناك نية لظهوره الفترة القادمة؟
** طبيعة النظام السياسي تستبعد ظهور حزب الرئيس ككيان تنظيمي مؤسسي لكنها تبقى على جماعة الموالاة، والمعادلة الحاكمة الآن الا تتصدر السياسة المشهد، فإحدى مشكلاتنا الآن أن المجال الأمني طغى على المجال السياسي مما تسبب في أزمه في المجالين والمفروض أن يدير السياسي المجال الأمني وليس العكس وبالتالي وجود الكتلة الموالية التي توافق على ما يطرحه الرئيس من سياسات مقبول لكن إعلان حزب الرئيس أمر مستبعد.

* هناك تأكيدات على فوز الرئيس السيسي بفترة رئاسة ثانية وبنسبة عالية؟
** هذا الأمر يتوقف على عدم استمرار إغلاق المجال العام وعدم إحكام القبضة الأمنية أو حصار أي منافس لأن هذا سوف يظهر قوة الرئيس السيسي فوجود منافسة حقيقية أمر ضروري وملح لامتصاص أدوات الغضب خاصة وأن ظروف الانتخابات القادمة تختلف عن الانتخابات الماضية حيث كان يطلق على الرئيس السيسي رجل المرحلة ومرشح الضرورة فضلا عن أنه كان اختيارا شعبيا، أما الانتخابات الحالية فالظروف مختلفة، نحن نعاني من الصحة والتعليم والبطالة وحالة الغلاء في الكهرباء والأسعار والعلاج وهذا كله أخذ من رصيد الرئيس وبالتالي من يردد كلام الرئيس ناجح ناجح يضرون الرئيس بإظهار وجود إجماع شعبي عليه فلا بد من إعلان السلبيات لكي يعالجها الرئيس.

* بمناسبة ذكرى تعويم الجنيه لماذا تشيد المنظمات الدولية بالخطوة في وقت يشكو المواطن؟
** المؤسسات الدولية تشيد بالقرار الخاص بتعويم الجنيه لأنه ينفذ رغبتها وأننا ننفذ روشتتها في علاج مشكلاتنا الاقتصادية فهم يمثلون رأس المال الاحتكاري الذي يهدف إلى إخضاع المنطقة لسيطرته من خلال توقف الدولة عن دعم الخدمات والسلع الضرورية دون النظر إلى حقوق الإنسان وعندما تستجيب الدولة لصندوق النقد الدولي الذي يعد أداة تحكم الكبار في الدول الأخرى طبيعي أن تجد إشادة بقراراتها، لكن الواقع يقول لا بد أن يكون لنا مذهب آخر بعد صرف العديد من الأموال في مشروعات كبرى كان يمكن تأجيلها مثل شرق التفريعة أو العاصمة الجديدة لأن هذا استنزاف كبير لموارد الدولة في وقت تحاول النهوض من عثرتها فنضطر للجوء لصندوق النقد لطلب قروض فيفرض مزيدا من الشروط وينخفض سعر الجنيه ويلغي دعم الطاقة وغيرها وبالتالي انخفاض قيمة الجنيه أدت إلى ضرر فادح للمواطن خاصة وأن مرتبه انخفض للنصف وهذا يعني انخفاض مدخراته بنسبة 50% وأدى إلى زيادة معدلات التضخم إلى 35% وهذا أدى إلى زيادة الديون وتدهور الخدمات. 

* وما تفسيرك لقيام الحكومة بالتهليل لقرض صندوق النقد وتأثيره؟
** لا بد أن نتفق أولا على أن القروض أحد صور الهيمنة الحديثة لتنفيذ أجندة الغرب في الشرق الأوسط لفتح الاقتصاد وهي طريقة لا تناسب إلا أصحاب الاقتصاد القوي وهذه كارثة إذا كانت الحكومة لا تدرك ذلك وإذا كانت تدرك فالكارثة اتنين وبالتالي القرض لم يكن ضروريا لأن لجنة محلب قدرت الثروة المنهوبة من الأراضي بأكبر من قيمة القرض الذي حصلنا عليه من صندوق النقد وبالتالي قرارات الحكومة غير مدروسة بدليل الفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء وغياب العدالة للنظام الضريبي، فالضريبة تفرض على الغلابة وعندما حاولنا عمل ضريبة على أرباح المضاربات في البورصة ألغى القرار وبالتالي الممول للضرائب أصبح المواطن الفقير.
 
* هناك اتهامات للبرلمان بأنه أصبح أداة في السلطة التنفيذية.. ما قولك؟
** قانون تشكيل البرلمان إقصائي وتقسيم الدوائر أيضا أعطى الفرصة للعائلات للسيطرة، كل هذا أدى إلى خلق برلمان موالٍ للسلطة التنفيذية وهو أكثر برلمان في تاريخ مصر تراجعت فيه طلبات الإحاطة والأسئلة والاستجوابات بصورة غير مسبوقة، وبالتالي هذا البرلمان تحول إلى أقرب ما يكون كسكرتارية للحكومة مثل قرار تعيين الرئيس للهيئات القضائية وبالتالي البرلمان لم يمارس دوره الرقابي والتشريعي، إلى جانب تهديد رئيس المجلس للنواب في حالة الاعتراض وبالتالي هو برلمان إصلاح وتهذيب وهذا كله يحرم المجتمع من وجود صمامات أمان من خلال برلمان يعبر عنه. 
الجريدة الرسمية