رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دروس من حفل الثأر


ليست هناك أدنى مبالغة أو جنوح مني في اختيار لفظة حفل مقرونة بالثأر، فالذي عاشته مصر، الشعب والقيادة، والمؤسسات كافة، منذ مذبحة الواحات، واستشهاد الــ16 كبدًا من أكباد مصر، كان جنازة منعقدة طيلة الــ13 يومًا. كنا نبكي ونحترق ونتطلع إلى الثأر.


ولما وقع الثأر وقع على النحو الذي يشفي الغل والغليل.. كان حفلا في صحراء الفيوم لاصطياد الجرذان والثعالب والكلاب المسعورة المأجورة، والحق أن عملية إعادة البطل النقيب محمد الحايس هي في جوهرها عملية تحرير كاملة لمصر من قبضة الحزن والإهانة.. كان محمد الحايس الذي خطفته جماعة "المرابطون"، في عملية قادها الضابط المفصول هشام عشماوي، مشروع كساسبة آخر.. هل تذكرون الطيار الأردني الذي وقع أسيرا في قبضة كلاب جهنم، فأحرقوه على الهواء، في مشهد سينمائي درامي هز قلوب العالم، ما أدى إلى قيام العاهل الأردني عبد الله بقيادة طائرة حربية وقصف معسكرات الإرهاب ثأرًا للشاب الذي احترق أمامنا فأحرق قلوبنا.. كان الحايس مرشحًا لهذا المشروع المهين، أو لعلهم يرتهنون به الدولة كلها، فيبتزون القيادة السياسية ويحرجونها أمام الشعب والعالم.

من أجل هذا يمكن فهم الدواعي التي أدت إلى ضرورات التغيير الهيكلي في أركان الجيش وكبار قيادات الأمن الوطني والعام، كما يمكن فهم الدلالات التي انتهت إليها عملية حفل الثأر.

أولا: أثبت النجاح الكامل للعملية أن التأني والتخطيط والتحضير، وجمع المعلومات، بمثابة نصف الطريق إلى النجاح.

ثانيا: أدى نجاح العملية إلى بث الطمأنينة ووأد الشائعات التي ترددت أن الداخلية انفردت بالعملية الأولى طلبًا لتقدير ومباهاة، وهي في القلب تحظى بكل الامتنان والتقدير.

ثالثا: يجب أن نتذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يقرر فيها الرئيس رد الاعتبار والثأر الفوري، والمرة الأولى في ليبيا حين ذبح الإرهابيون إخواتنا المسيحيين العشرين.

رابعا: يعرف المصري، يومًا بعد الآخر أن في البلد رجلا في وظيفة رئيس، وهو خادم للشعب حريص على أرواح أبنائه، ولقد التزم الرئيس الصمت، وهو صمت العاملين، لا صمت الخانعين.

خامسا: هذه العملية هي معركة في حرب، تغير فيها مسرح العمليات وأدواته وخططه، والذين نفذوا عملية الغدر في الواحات بالمأمورية القتالية للشرطة لم يكونوا بضعة إرهابيين، بل هم مقاتلون مدربون مجهزون جيدًا.

ولا ريب قط في أن الجبهة الغربية، حدودنا مع الشقيقة ليبيا، قد فتحت لقتال متجدد، وأن عمقها بالنسبة للقوات الخاصة والقوات الجوية هو العمق الليبي حيثما توجد معسكرات تدريب الإرهابيين من الدواعش ومن جماعة "المرابطون"، التابعة لتنظيم القاعدة.. وبطبيعة الحال فإن مسرح العمليات الممتد حتى داخل ليبيا، مفتوح بالاتفاق مع القائد الوطني الليبي خليفة حفتر الذي تدعمه مصر حتى تحرير كل التراب الوطني الليبي من الخونة والعملاء والارهابيين.

كنا بدأنا شهر أكتوبر باحتفالات وانتصارات، بلغت أقصاها وأروعها ببلوغ محطة روسيا للاشتراك في شرف كأس العالم، ومع الثلث الأخير من الشهر كان العدو يدبر لنزع الفرحة من الصدور، وإحلال السواد في العيون والوجوه.. ثم انتقمنا ممن خان، وممن قتل، وثأرنا للشهداء، وأعدنا ابننا محمد الحايس، في عملية أحس كل مصري أنها إنقاذ لابنه هو، وبالفعل يستحق الرئيس ما سمعته بقوة: والله العظيم عندنا رئيس راجل.. رجل من ظهر رجل يا ريس.
Advertisements
الجريدة الرسمية