رئيس التحرير
عصام كامل

أمين عام نقابة الأطباء: خطأ سحب العينة وراء كارثة نتائج التحاليل الطبية المتضاربة

فيتو

- نسب الأخطاء في المعامل حاليا 40%.. ووجود طبيب بشري يعني خفضها

أثار وجود مشروع قانون جديد لتنظيم العمل داخل معامل التحاليل الطبية أزمة في القطاع الطبي، بعدما وضعته رابطة أطباء الباثولوجيا الإكلينيكية ونقابة الأطباء، وتقدمت به النائبة إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب.

وتجددت الأزمة بين نقابة الأطباء من ناحية، ونقابات الصيادلة والعلميين والبيطريين من ناحية ثانية، على خلفية مشروع قانون تنظيم إنشاء المعامل الطبية، ومزاولة مهنة التحاليل، الذي أعدته نقابة الأطباء وتهدف من خلاله إلى قصر ترخيص مزاولة المهنة على الطبيب البشرى، دون غيره من أعضاء النقابات الثلاثة الأخرى.

وفى الوقت الذي ترى فيه نقابة الأطباء ضرورة تغيير معظم قوانين إنشاء معامل التحاليل الطبية وإخضاع جميع المعامل لإشراف فنى من الأطباء للتأكد من سلامة المريض ودقة نتائج العينات، فإن حالة من الغضب تجتاح النقابات ذات الصلة، حيث أكد أعضاؤها رفضهم لمشروع القانون جملة وتفصيلا وعدم إقراره، كما شددوا على مخالفته للدستور، وهددوا بتصعيد الغضب حال إقراره.

التحاليل الطبية هي جزء من ممارسة مهنة الطب البشري، وليست تحاليل مياه أو تربة أو عينات أغذية؛ لذا يجب أن تكون تحت إشراف طبيب بشري، حسبما أكد الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، مشيرا إلى وجود مخالفات متعددة داخل معامل التحاليل على أرض الواقع، ومؤكدا أن القانون الحالي به عوار، ويحتاج إلى تصويب، حيث إنه ينص على حق خريجي كليات الزراعة والبيطريين والصيادلة والعلميين في فتح معامل تحاليل دون وجود طبيب بشري يشرف عليهم، وهو ما يتسبب في تهديد صحة المواطن المصري.

أمين عام نقابة الأطباء كشف في حوار لــ"فيتو"، عن عيوب قانون تنظيم تراخيص المعامل الطبية، إضافة إلى مميزات مشروع القانون الجديد، فضلا عن أهم المخالفات التي تشهدها معامل التحاليل، وأهمها تضارب نتائج التحاليل، وإلى نص الحوار..


- من وجهة نظرك، ما وجه الاعتراض على القانون الحالي المطبق رقم 367 لسنة 1954؟
القانون الحالي به عدة ثغرات، حيث يعطي الحق لبعض خريجي كليات أخرى في ممارسة بعض أنواع التحاليل الطبية وليس كلها، منها كليات الزراعة والبيطري والصيادلة والعلميين، بعد الحصول على شهادة مكملة في التحاليل الطبية، وهو أمر خطير، ويضر بالمنظومة، لأنها ليست خناقة على تورتة أو صراع على وضع اجتماعى نهائيا، ولكن ننظر لصحة المجتمع والمريض المصري.

- وما دور الطبيب البشري في مهنة التحاليل الطبية؟
لا بد من وجود طبيب بشري لكي يمكنه أخذ العينة من الجسم، وهو الوحيد الذي له الحق فقط في سحبها من الجسم؛ لأنه يمكن أن يصاب المريض بصدمة عصبية حينها من مجرد وخزة الإبرة وفقا للكتب العلمية، ومن يستطيع التصرف فورا هو خريج كلية الطب البشري، وإذا لم يسرع في إنقاذه خلال دقائق يمكن أن يتوفى المريض، بينما الجزء الخاص بالتعامل مع الأجهزة يحتاج إلى معايير، ليس بالضرورة أن يستخدمها طبيب بشري، ولكن لا بد من إشرافه عليها، ويمكن أن يتعامل مع الجهاز خريجو الطب البيطري أو الصيادلة أو البشريون.

- لكن هناك اتهامات لنقابة الأطباء بأنها عنصرية في انحيازها للأطباء وإقصاء الفئات الأخرى في حال تطبيق مشروع القانون الجديد؟
نحن لا نقصي الفئات الأخرى، ومن حقها أن تعمل في مهنة التحاليل، ولكن المشرف يكون طبيبا بشريا؛ لأنه، بمثال أوضح، يمكن للطبيب المعالج أن يصف للمريض إجراء عدة أنواع من التحاليل الطبية، وأحيانا تخرج النتائج متضاربة بسبب خطأ في أخذ العينة.. وهكذا.. ولكن من يحدد مدى ترابط نتيجة التحاليل هو الطبيب البشري، فضلا عن أنه يمكن أن يطلب إعادة التحليل مرة أخرى لعدم دقة النتيجة، بالإضافة إلى أن الطبيب البشري يمكنه أن يطلب من الطبيب المعالج التدخل الفوري لإنقاذ المريض، في حالة وجود نتيجة طارئة، وعلى سبيل المثال حالة فشل كلوي حاد، أو انخفاض شديد في سكر الدم، حينها لا بد من التدخل الفوري حتى لا يموت المريض.. ومن يفهم ويعي خطورة ذلك هو الطبيب البشري، وطبيب التحاليل يمكنه أن يتصل تليفونيا بالطبيب المعالج ليبلغه بوجود أمر خطير، ويبدأ في التعامل الفوري، ولكن وجود خريجي كليات أخرى بالنسبة لهم نتيجة عينة يرسلها للطبيب المعالج، ولا يفرق معه ماذا تعني أهمية نتيجة التحاليل، لأنه يتعامل مع جهاز وأرقام، ولكن في جسم الإنسان يجب ألا يحدث ذلك.

- وماذا عن مقترح القانون الجديد المقدم في مجلس النواب؟
مشروع القانون الجديد يضع الأمور في نطاقها الصحيح، ويعطي الحق في الإشراف للطبيب البشري، كما أن القانون الحالي نص على أن خريجي كليات علوم يحصلون على دورات تحاليل طبية، ويمكنهم فتح معمل تحاليل كيميائية فقط.. وأنواع محددة منها، ولكن لابد من وجود طبيب بشري لأخذ العينة.. وفي معظم الأحوال لا يوجد طبيب بشري لأخذ العينة.. ولكن إذا وجد طبيب بشري لم نسمع أنه يوجد معمل تحاليل يقول إنه يجري تحاليل الدم الكيميائية فقط، وأي شخص يريد إجراء تحليل يجريه له بالمخالفة للقانون أو يأخذ العينة ويرسلها لمعمل آخر يحللها، وكأنه يعمل وسيطا وسمسارا، وفي النهاية الضحية هو المريض المصري الذي يظن أنه يدخل معمل التحاليل ليقابله طبيب بشري، ولكن حاليا يدخل ويخرج من المعمل دون إثبات أنه طبيب بشري، كما أن هناك مشكلة خطيرة في تضارب نتائج المعامل المختلفة بين المعامل، ويكون الاختلاف ناتجا عن طريقة سحب العينة أو جمع العينة، أو إعادة قراءة الجهاز، ووجود الطبيب البشري مشرفا مهم لضبط منظومة التحاليل.

- وهل تواجد الأطباء البشريين يمنع تضارب نتائج المعامل؟
= لن يتم منع الأخطاء كاملة 100%، وتوجد أخطاء من البشريين تستوجب المحاسبة، ولكن أخطاءهم بنسب أقل من أصحاب المهن الأخرى، خاصة أن الطبيب البشري حاصل على بكالوريوس الطب ما يؤهله للتعامل مع حالات الطوارئ، ثم بعد ذلك يدرس ماجستير تحاليل ويتخصص فيها، ولكن للأسف خريجي أي كلية أخرى يحصلون على دورات تدريبية ويتم السماح لهم بفتح معمل تحاليل مثلهم مثل الطبيب البشري، وكذلك خريج كلية العلوم حاصل على شهادة في الكيمياء الحيوية، ويحصل على ترخيص بمزاولة مهنة التحاليل في جزء معين وهي تحاليل الدم، ونتائج التحاليل الخطأ الخطيرة لن يفهمها خريج العلوم، وكذلك خريج الطب البيطري، حيث إنه يكون مسموحا لدارسي البيولوجي بالتعامل مع تحاليل المزرعة، ولكن واقعيا من يفتح معمل تحاليل يكون لكل الأنواع دون تخصيصها، وإذا جاء مريض لإجراء تحليل غير موجود بالمعمل لا يرفضه ويحصل على العينة ويجري اختبارها في أي معمل آخر دون أن يخبر المريض، ولا يمكن أن يقول للمريض إنه غير مرخص له إجراء أنواع معينة من التحاليل، لذا لابد من وجود إشراف طبي وإعادة النظر في القانون الحالي.

- إذن هل يوجد اعتراض من الأطباء على عمل المهن الأخرى في مجال التحاليل الطبية؟
= لن نعترض على عملهم في التحاليل ولكن مع ضرورة وجود طبيب مشرف على المنظومة.

- وهل عندما تقدمت النائبة بمشروع القانون كانت نقابة الأطباء على علم بذلك؟
= بالتأكيد على علم بالقانون وتم وضعه بالتوافق بين رابطة أطباء التحاليل الإكلينيكية، والنقابة شاركت في جلسات صياغة القانون.

- وما مميزات القانون الحالي؟
يضع شروط ترخيص المعامل ومعاييرها ومكافحة العدوى، وطرق سحب العينة والرقابة المستمرة على المعامل، لضمان خروج نتيجة صحيحة، وعدم وجود خطأ إلا بنسب ضئيلة، كما يهدف القانون لوضع معايير دقيقة لمراقبة الأجهزة بالمعامل.

- وما نسب الأخطاء الحالية في معامل التحاليل؟
تصل إلى 40% ولكنها تنخفض عند تطبيق معايير مكافحة العدوى ووجود طبيب بشري.

- وهل عند تطبيق القانون يتم إنهاء عمل جميع الفئات الأخرى التي تعمل حاليا؟
إطلاقا، لا يمكن القبول بذلك، ولا يمكن إلغاء تراخيص أي معمل تحاليل، ولكن على كل معمل أن يكون لديه مدير فني طبيب بشري لمراقبة العمل، ولن نحرمهم أو نمنع عنهم فرصة عمل، أو نأخذ منهم سبوبة أكل عيش مثلما يدعي أصحاب المهن الأخرى الرافضين للقانون.


- وهل يوجد عدد كاف من أطباء التحاليل المتخصصين في الباثولوجيا الإكلينيكية؟
لا يوجد إقبال كبير على التخصص من الأطباء، تفاديا للدخول في صراع مع أصحاب المهن الأخرى، ونتيجة أن مهنة التحاليل الطبية يتشارك بها فئات متعددة، وجزء كبير منهم يكتفي بالعمل الحكومي، ولا يفتح معامل تحاليل.. ومادة القانون الحالي لتراخيص المعامل تتعارض مع قانون مزاولة مهنة الطب عالميا؛ لذلك فإن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمها نتيجة وجود قضايا متعددة يرفعها أعضاء المهن الأخرى، وفقا للقانون، ويكسبون القضية ويفتحون معامل تحاليل.. وبموجب حكم المحكمة أكدت أن التعامل مع الجسم البشري جزء من مزاولة مهنة الطب، ولا يجوز التعامل مع جسم إنسان إلا بواسطة طبيب بشري.

- وما الذي ننتظره لتطبيق القانون؟
حاليا في يد مجلس النواب لإنهاء الجدل العقيم حوله.

- برأيك، لماذا اعترضت نقابات البيطريين والصيادلة والعلميين على القانون؟
اعترضوا لأنهم يريدون العمل بدون رقابة، ودون وجود إشراف من طبيب بشري، وأنا أتساءل: لماذا يعترضون ما داموا يعملون بصورة قانونية في الطريق الصحيح.. ويجب أن يراجع نتيجة التحاليل طبيب بشري، لكي يقول إنها متوافقة مع بعضها أم تحتاج إلى إعادة، أم أن الجهاز يحتاج إلى إصلاح.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية