رئيس التحرير
عصام كامل

جيشنا البطل يخوض المعركة منفردا!


واهم من يعتقد أن مصر تعيش في حالة سلم، وأنها بعيدة عن ما يحدث من حرب طاحنة في سورية وليبيا والعراق واليمن، فما يحدث داخل وطننا العربي هو حرب شاملة خطط لها العدو الأمريكى بدقة ومهارة فائقة، ومنذ زمن طويل، تحت ما عرف إعلاميا بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، والذي يستهدف إعادة تقسيم وتفتيت المنطقة العربية بما يحقق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية القوى الاستعمارية الجديدة التي لم تحضر عملية التقسيم الأولى التي قامت بها إنجلترا وفرنسا في مطلع القرن العشرين.


وبالطبع المخطط التقسيمى الجديد لابد أن يراعي مصالح الحليف الصهيونى بحيث تكون أكبر دولة عربية في حجم العدو الصهيونى، وبالطبع يكون أضعف منها وبذلك يشعر بالأمن والأمان المفقود في ظل وجود دول عربية كبيرة لها جيوش معتبرة يمكنها تهديدها وخوض حروب معها في أي وقت خاصة مصر وسورية، فالواقع يقول إنهما الأقرب لتهديدها في ظل وجود حدود جغرافية مشتركة، وبعد إنجاز هذه الخطوة تستطيع في مرحلة لاحقة تحقيق أهدافها التوسعية، لإنجاز حلمها (وهمها المزعوم) بما تسميه إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

وإذا كانت كامب ديفيد جزءا من الأهداف المرحلية لمشروع التقسيم والتفتيت، بحيث يتم عزل مصر مرحليا عن محيطها العربي والإقليمى، وإقناعها بأن حرب أكتوبر (تشرين أول) 1973 هي آخر الحروب مع العدو الصهيونى وبذلك يتخلى الجيش المصرى عن عقيدته القتالية ويركن إلى هذا الوهم، وبالتالى تضعف قدراته وإمكاناته وتسليحه بشكل كبير، إلا أن الجيش المصري لم يخدع يوما بهذا الوهم لذلك كان طوال الوقت في كامل جاهزيته ليخوض أي حرب منتظرة، ويرد أي اعتداء على أراضيه.

وكان الجيش ومازال رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة والديون التي تكبل مصر، والتي صنعت بفعل فاعل أيضا وكجزء من نفس مشروع التقسيم والتفتيت، حين أقنعوا مصر أن تتخلى عن مشروعها التنموى المستقل لصالح التبعية والانفتاح الاقتصادى الذي جعل أغلب المصريين يعيشون تحت خط الفقر وفى حزامه، ورغم ذلك يتم تسليح الجيش بأحدث الأسلحة والتقنيات التي تجعله قادرا على خوض الحرب في أي وقت، وبالطبع ما ينطبق على جيشنا الثانى والثالث في مصر ينطبق على جيشنا الأول في سورية التي لم تفلح معها كل مخططات المشروع التقسيمى والتفتيتى على مدار ما يقرب من أربعة عقود فكل محاولات إدخالها في عمليات السلام المزعوم فشلت وكذلك محاولات إدخالها في دائرة التبعية.

وعندما انطلقت شرارة الربيع العبرى في كل الأقطار العربية وتساقطت الأوراق الحاكمة وبدأت تتفكك، كان الرهان هو وصول عمليات التفكيك والانهيار للجيوش العربية، خاصة جيشنا الأول في سورية وجيشنا الثانى والثالث في مصر، باعتبارهما جزءا من المشروع القديم فكلمات بن جوريون مؤسس الكيان الصهيونى، مازالت حاضرة في ذهن وعقل كل عربي شريف والتي تقول "إن إسرائيل لا تستطيع أن تعيش وتحيا آمنة إلا بالقضاء على ثلاثة جيوش عربية هي الجيش المصرى والجيش العراقي والجيش السوري"، لكن ما حدث فاق كل توقعات العدو الأمريكى– الصهيونى فقد كان جيشنا الأول والثانى والثالث على قدر المسئولية في التصدي للجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل بالوكالة على الأرض العربية نيابة عن الأصيل في هذه المعركة وهى أمريكا وإسرائيل.

وفى الوقت الذي برز فيه دور جيشنا الأول في التصدى لوكلاء المشروع التقسيمي والتفتيتى وإلحاق الهزائم المتتالية بهم والتي أبهرت العالم أجمع، وجعلت البعض يقول أنها ستدرس في الأكاديميات العسكرية في العالم حيث ابتكر الجيش العربي السورى آليات جديدة في تعامل الجيوش النظامية مع حروب الشوارع والعصابات، فإن دور جيشنا الثانى والثالث في مصر يبدو غير ظاهرا للرأى العام على الرغم من أنه بالفعل يخوض حرب حقيقية لا تقل بأى حال من الأحوال عن الحرب التي يقودها جيشنا الأول في سورية، الفرق الوحيد يتمثل في الثقل النسبي للمعركة فالحشود الإرهابية على الجبهة السورية كانت أكبر أملا في إنهاء المعركة بسرعة ثم التفرغ للجائزة الكبرى وهى مصر.

وعلى الرغم من ذلك تمكن الجيش المصرى من حسم العديد من المواجهات مع الجماعات التكفيرية الإرهابية المتسللة من الأراضى العربية الفلسطينية المحتلة إلى سيناء، وهى الحرب التي استمرت لسنوات خاضها جيشنا البطل دون أن يشعر المواطن المصرى بأننا في حالة حرب، وفى نفس الوقت كان الجيش على وعى تام بالحشود الإرهابية المتأهبة للعبور عبر الأراضى الليبية في الغرب والأراضى السودانية في الجنوب ومن وقت لآخر يوجه لها ضربات استيباقية لمنعها من الاقتراب والتسلل والعبور.

إذا كان المواطن المصرى لا يشعر بأننا نخوض حرب فهذا يحسب لجيشنا لا عليه، وعلى هذا المواطن أن يفهم ويدرك ويعي أن الأصوات الخائنة والعميلة التي تحاول أن توجه سهامها المسمومة لجيشنا البطل هي جزء من المؤامرة، كما أن رجال أعمال نظام مبارك الفاسدين الذين نهبوا وسرقوا ومازالوا ثروات الوطن، ويعملون على تعميق الأزمات الاقتصادية للفقراء والكادحين والمهمشين هم أيضا جزء من المؤامرة، ويعملون بالوكالة لدى المشروع الأمريكى- الصهيونى، وجيشنا البطل هو الذي يخوض المعركة منفردا، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية