رئيس التحرير
عصام كامل

سامح شكري: تصاعد التمييز ضد الأقليات في أوروبا يؤدي لانتشار الإرهاب

سامح شكري وزير الخارجية
سامح شكري وزير الخارجية

شارك سامح شكري وزير الخارجية في المؤتمر الوزاري الثاني للتنوع الدينى والثقافى والتعايش السلمي في الشرق الأوسط في العاصمة اليونانية أثينا.


وأكد شكري خلال المؤتمر أن التعددية سنة كونية لا يُمكن إنكارها، بل إنها مصدر للتوازن والثراء، ولقد حبا الله الشرق الأوسط باحتضانه للأديان السماوية الثلاثة وبتنوع غزير وواسع في تراثه الثقافي والحضاري، فكان قلبًا للعالم ومحورًا لتاريخه وتفاعلاته، وكان لسكان هذه المنطقة من ذوي الخلفيات العرقية والدينية المختلفة حضورًا مشهودًا في هذه التجربة التاريخية الفريدة.

وأشار إلى أن دول الشرق الأوسط وشرق المتوسط شهجت تحديات مشتركة على مدار التاريخ، وصولًا الآن إلى المسئولية الجماعية في مواجهة الكراهية والعنف والإرهاب، مضيفا أن الحديث عن الحفاظ على التنوع في ظل ما تعانيه المنطقة من استفحال لظاهرة الإرهاب، ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة حتمية للحفاظ على أمن وسلامة شعوب الشرق الأوسط.

وقال: "لعل صرخات ضحايا داعش في سوريا والعراق، ومعاناتهم التي لا يمكن وصفها، ينبغي أن تظل تُذكرنا بحجم المسئولية المُلقاة على عاتقنا".

وأشار إلى أن الدولة المصرية شددت في العديد من المناسبات على أن المعالجة الناجعة لهذه التحديات تكمن في الحفاظ على تماسك الدول الوطنية، بما في ذلك في دول المنطقة التي تمر بصراعات، ودعمها فيما تواجهه من ضغوط التفكك والتحلل، ومساندتها في قيامها بمسئولياتها الرئيسية في حماية جميع مواطنيها من العنف والإرهاب، وإفساح المجال لإزدهار قيم المواطنة والعيش المشترك في إطار من الديمقراطية وسيادة القانون.

ولفت إلى أنه يخشى من تصاعد التمييز ضد الأقليات الدينية والعرقية في أوروبا بما في ذلك الجاليات العربية والمسلمة، وشيوع التحريض والكراهية في الخطابين السياسي والإعلامي، وهي التوجهات التي تمنح انتصارات مجانية لدعاة الكراهية ووقود يُستخدم لإذكاء المواجهات والاستقطاب.

وأكد أن إيجاد حل عاجل وعادل للقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الأجنبي لا ينبغي أن يغيب عن أي جهد فعال لتغليب قيم الحوار والتسامح والتعايش والعدل، حيث يظل الفشل في معالجة هذه القضية الحيوية مصدرًا رئيسيًا لتغذية الإحباط واليأس والكراهية.

وأشار إلى التحولات الجوهرية المتمثلة في التدفقات البشرية الضخمة داخل الشرق الأوسط وتمتد لأوروبا، وأكد أنه بقدر الفرص التي تحملها هذه التدفقات من اللاجئين والمهاجرين في بعض الأحيان، فينبغي الإقرار أيضًا بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المُقترنة بها على المجتمعات التي تستضيف أعدادًا ضخمة من اللاجئين.

وقال إن بعض دول المنطقة، ومن ضمنها مصر، انتصرت لمبادئ الإنسانية وتحملت وتتحمل الكثير من الأعباء في ظل مساندة محدودة من مجتمع دولي أعطت عدد من دوله ظهرها لهذا الوضع الإنساني الصعب.

وأشار إلى أن مصر عانت لعقود من ويلات الإرهاب الذي طال مسيحييها ومسلميها، وكان من آخر حلقاته وأكثرها خسة الهجوم الإرهابي على شهداء الوطن من الشرطة المصرية في الواحات، ومن قبله تفجير الكنيستين القبطيتين صبيحة أحد السعف، ويدفع الشعب المصرى ثمنًا باهظًا جراء هذه الشرور المقيتة التي تحاول ضرب الوحدة الوطنية وتمزيق التماسك المُجتمعي.

وأكد أنه حان الوقت لتبني المجتمع الدولي موقفًا واضحًا ومتسقًا ضد الإرهاب، العدو الأول للتنوع والتعايش السلمى في مجتمعاتنا، وكانت السنوات الأخيرة كفيلة بإبراز أنه لا توجد دولة أو منطقة في العالم بمأمن من الإرهاب، وأكد ضرورة وقف التمويل والدعم السياسي والعسكري واللوجيستي للإرهابيين، وامتناع الدول عن توفير ملاذ آمن لهم أو السماح باستخدام أراضيها أو وسائل الإعلام التي تُبث منها.

وأضاف أن مصر تؤمن بضرورة تبني معالجة شاملة ومُتعددة الأبعاد في مكافحة الإرهاب، وكان ذلك الأساس الذي قامت عليه الإستراتيجية التي أعلنها رئيس الجمهورية خلال القمة الأمريكية-العربية-الإسلامية في جدة في مايو الماضي، والتي أكدت أن التسامح والحوار وتعزيز التفاهم بين الأديان والثقافات من أهم مكونات مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تجنيده.

وقال: "أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة إلى أن تجديد الخطاب الديني قضية حيوية للشعب المصرى وللأمة الإسلامية، مُشددًا على ضرورة تغليب فكر الاعتدال والوسطية، بما يراعي ظروف واحتياجات الناس ومقتضيات العصر".

وأضاف أن مصر دولة يكفل دستورها حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، ويؤسس لمفوضية دائمة لمناهضة التمييز، وأصدر برلمانها تشريعًا عصريًا لتنظيم وبناء وترميم الكنائس، وتستمر جهود الأزهر كمنارة شامخة للإسلام السمح والمُستنير الذي تزدهر معه قيم قبول الأخر والعيش المشترك.

وقال إن الحكومة المصرية اتخذت عددًا من الخطوات العملية، كان أبرزها إنشاء المنتدى العالمي للسماحة والوسطية بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والجهود الرامية لتعزيز احترام التعددية الدينية والمذهبية والثقافية في التعليم والإعلام، فضلًا عن استمرار جهود الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية المصرية في العمل سويًا تحت مظلة مبادرة "بيت العائلة المصرية" لتأكيد قيم المواطنة للجميع.

وقال إن مصر وطنًا للتنوع والتعددية والتعايش السلمي برغم كل التحديات الداخلية والإقليمية، وأضاف:" واختتم حديثي اليوم بأن مصر ستظل في طليعة الدول الداعمة لأى جهود صادقة تسعى لإرساء السلام والاستقرار في دول الشرق الأوسط، واحترام التنوع ونبذ الكراهية، ويساعد على تكوين توافق إقليمي لمواجهة التحديات المتصاعدة التي تواجه الشرق الأوسط وشعوبه".
الجريدة الرسمية