رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أجنحة السيسي


لم أقترب من الرئيس السيسي.. لكني اقتربت من الذين اقتربوا منه، وطنيته وحبه لمصر وتفانيه في العمل وجديته وحلمه.. كانت القاسم المشترك في كل أحاديثهم عنه.. في المرحلة الثانوية كان هادئًا، لا يتحدث كثيرًا، وإذا قال أصاب، مستقبله هو شغله الشاغل، ومشكلات زملائه لم تجد حلولًا إلا إذا استقرت عنده، يحرص على تجنب الأخطاء، كما أنه الأبعد عن التهريج الذي يحلو لطلاب هذه المرحلة الدراسية، حتى ابتسامته لم يكن مفرطًا فيها وكأن العسكرية كانت حلمه الذي لا يسعى لسواه وبدأت صفاتها تنطبع عليه مبكرًا، تلك كانت صفات السيسي على لسان أحد الذين زاملوه في المرحلة الثانوية.. والتي لم تتغير كثيرًا عن أحاديث كثيرة عنه استمعت إليها من أحد زملائه في الكلية الحربية الذي زاد على صفات السيسي طيبة القلب والصرامة والتروي في اتخاذ القرار وثقة زملائه فيه ورغبتهم الدائمة في الاستماع إليه.


أما قربي من أحد الوزراء السابقين والذي عمل مع السيسي.. فجعلني أستمع إلى ما هو أكثر من ذلك، عندما أقيل هذا الوزير تملكتني الدهشة لأن اثنين لم يختلفا على تفانيه في العمل، والخطوات التي حققها كانت ملموسة، وشجاعته في مواجهة المشكلات جعلته مادة ثرية لوسائل الإعلام، وبعد أيام من إقالته التقيته وقد رسخ في يقيني أنني سأجد شخصًا آخر غير الذي عرفته وتلك نتيجة طبيعية لوزير أشاد به الكثيرون وأقاله السيسي، وبالتأكيد سيكون هذا التحول بسبب غصة في حلق الرجل الذي طالما تباهى واعتز بعمله مع رئيس وصفه بالوطنية والحكمة وتباهى بالعمل معه مثلما تباهى بخلفيتهما العسكرية، توقعت انقلابًا في آرائه عن السيسي وطريقة إدارته، لكني فوجئت به يؤكد أن الغضب لم يتسلل إليه، وأن ثقته في الرئيس واختياراته لم تهتز لحظة واحدة، وأنه على يقين من أن مصر ماضية إلى الأفضل، وأشار الرجل إلى كومة من أخشاب التسليح أمام عمارة تحت الإنشاء وقال: لو أن السيسي طلب مني أن أحمل كل هذه الأخشاب على ظهري وأصعد بها إلى الدور الأخير لن أتردد لأنني على ثقة من أن هذا المطلب سيكون للمصلحة العامة، وثق أن أي قرار يتخذه الرئيس سيكون من أجل مصر، لأن هذا الرجل لا يحلم إلا للمصريين وود لو طار بهم إلى مستقبل أفضل.

تلك كانت آراء بعض الذين اقتربوا من السيسي في مراحل مختلفة، أما الجملة التي توقفت أمامها فهي التي قالها الوزير السابق من أن الرجل ود لو طار بالمصريين إلى مستقبل أفضل، وقفة لازمتها تساؤلات كثيرة.. هل من يمتلك هذا الحلم للمصريين لديه الأدوات التي تمكنه من ذلك؟ هل السيسي سيطير إلى المستقبل منفردًا أم أن أجنحة تلزمه للعبور بمصر إلى المستقبل الذي يتمناه؟ ألم يقل الرئيس في كل أحاديثه إن الشعب لابد أن يكون شريكًا في النهوض بمصر؟ ألم يقل لمذيعة في قناة أجنبية إن الشعب والسيسي سوف ينهضون بمصر، وكان ذلك ردًا على سؤال لها.. متى يشعر المصريون بالراحة ويجنون ثمار المشروعات؟ ألم يكن الاقتصاد أحد الأجنحة التي يطير بها السيسي إلى مستقبل أفضل للمصريين؟ هل يطير باقتصاد سعى الكثير من رجال الأعمال إلى تجريفه عندما نقلوا أموالهم إلى الخارج بعد أحداث يناير ٢٠١١ ثم ادعوا الفقر؟!

اقتصاد بح صوت القاصي والداني من قانون ينظمه وعندما تم زفاف القانون وهو في طريقه إلى البرلمان ظلت لائحته حبيسة تحتاج إلى من يفرج عنها؟ هل هذا هو الاقتصاد الذي يطير به السيسي إلى مستقبل أفضل في ظل هروب مستمر من دفع الضرائب؟ هل يكفي رجال أعمال تربحوا في عهود سابقة أن يغطوا على هروبهم من دفع الضرائب بمشروعات ظنوها خيرية وهي لزوم الشو الإعلامي وتخصم أضعاف قيمتها من ضرائبهم؟ ألم يستمع هؤلاء إلى نداءات الرئيس لهم بضرورة مد أيديهم لأن المجتمع في حاجة إليهم؟ ألم يكن التعليم أحد الأجنحة التي يطير بها السيسي إلى مستقبل أفضل للمصريين وقد عجزنا عن تطبيق النموذج الياباني الذي طالب بالإسراع فيه أكثر من مرة ؟!

ألم يكن نموذج مدارس النيل الذي أشاد به الرئيس وطالب بتعميمه في كل المحافظات كفيل بالنهوض بالعملية التعليمية خاصة أنه تم تجريبه؟ ألم يتراجع هذا المشروع بسبب صراعات القائمين عليه وأصيب بتشوهات جعلت الكثير من العاملين فيه يهربون منه؟! ألم يكن الإعلام أحد الأجنحة المهمة التي يطير بها السيسي إلى المستقبل؟ هل وصلات الردح اليومية من البعض على الشاشات هي الإعلام الذي طالب به الرئيس؟ ألم يأمل الرئيس إعلامًا بعيدًا عن السباب حتى أنه في أحد المؤتمرات طالب الإعلاميين بأن يغيروا في طريقتهم ويقدموا إعلامًا هادفًا؟ هل الإعلام الموجود حاليًا جرب على الرئيس لفظًا نابيًا سمعناه من رؤساء سابقين ردًا على تجاوزات في حقهم من الداخل أو الخارج؟

ألم يطلب الرئيس من الإعلام عدم التطاول لأنه شخصيًا لا يتطاول حتى على من يسيئون إليه؟! ألم يقتصر إعلامنا على الحديث مع بعضنا البعض وتربص بعضنا بالبعض الآخر؟ ألم يخسر العديد من الإعلاميين ثقة الشعب فيهم، وبالتالي لم يعد مقبولًا منهم حتى مجرد الحديث عن إنجازات الرئيس؟ هل يطير السيسي إلى المستقبل الذي يتمناه للمصريين بفهلوة البعض؟! ألم يستوعب هؤلاء الدرس من الذين أشادوا بالسيسي ثم انقلبوا عليه لأنهم اعتقدوا أن المناصب هي الثمن المنتظر فتبخرت أحلامهم؟ ألم يقل السيسي إنه ليس لديه فواتير يسددها لأحد؟ لست ضد الحملات الكثيرة التي تأسست لجمع التوقيعات لانتخاب السيسي لفترة رئاسية ثانية.. لكنني ضد مسمى حملة واحدة هي في صلب الموضوع الذي نتحدث فيه، حملة (علشان تبنيها) لأن السيسي لن يبنيها بمفرده، ولن يطير بالمصريين دون أجنحة تساعده على العبور إلى المستقبل، هو نفسه قال ذلك عندما طالب الجميع بالعمل والتكاتف للنهوض بالبلد، اسم الحملة فيه تحامل على السيسي وتعمد تحميله المسئولية منفردًا وهذا عدم إنصاف، السيسي في حاجة إلى المخلصين الوطنيين الذين يتحملون معه المسئولية، السيسي جاد وعملي ولا علاقة له بمن يجيدون الفهلوهة، العزيز على السيسي هو من يعمل لمصر، عدا ذلك.. ليس لديه عزيز.. ألم تستوعبوا الدرس؟!!
basher_hassan@hotmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية