رئيس التحرير
عصام كامل

صرخة الإمام


"أهل العلم الصحيح وأهل الفتوى في أيامنا هذه قد اُبتلوا بنوعٍ من الضغوط والمضايقات لم يعهدوه بهذا التحدِّي، وأعني به الهجوم على تراث المسلمين، والتشويش عليه من غير مؤهَّلين لمعرفته ولا فهمه، لا علمًا ولا ثقافة، ولا حسنَ أدبٍ أو احترامٍ لأكثر من مليار ونصف المليار ممن يعتزون بهذا التراث، ويقدرونه حق قدره"..


نصًّا من كلمة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، أمام "مؤتمر الإفتاء العالمى"، والتي بدت صرخة مُدوية، أكثر منها "كلمة اعتيادية" تُتلى في مثل هذه المناسبات. الإمام الأكبر، الذي التزم الصمت طويلًا، أمام موجاتٍ متلاطمةٍ من الهجوم العشوائى من "أهل الجهل" الذين حشروا أنفسهم، في لحظة غادرة من الزمن، ضمن "أهل العلم"، وخاضوا فيما لا يفقهون، وأساءوا إلى علماء راحلين، وآخرين معاصرين.

ومن أسفٍ.. أن هؤلاء الصغار يجدون أبواب الإعلام المرئى والمسموع والمقروء والإلكترونى، مفتوحة أمامهم على مصراعيّها، فيتقيأون جهلًا متراكمًا، ويسعون إلى أن يجعلوا من هذا الجهل دينًا جديدًا.. و"لم يعدم هذا الهجوم المبيَّت بليلٍ دعاوى زائفة يغلَّف بها للتدليس على الشباب، كدعاوى التنوير وحرية الإبداع وحقِّ التعبير، بل حق التغيير حتى لو كان تغييرًا في الدِّين وشريعته، وأصبح من المعتاد اقتطاع عبارات الفقهاء من سياقاتها ومجالاتها الدلالية لتبدو شاذَّة منكرة ينبو عنها السمع والذوق، قبل أن تُبث في حلقاتٍ نقاشية، تُلصق من خلالها بشريعة الإسلام وأحكام فقه المسلمين عبر حوار ملؤه السفسطة والأغاليط والتشويش والخطأ في المعرفة، والعجز عن إدراك الفروق بين توصيف الفعل في ذاته، والآثار الشـرعية المترتبة عليه"..

يكمل "الطيب" استغاثته ليس درءًا لما يناله شخصيًا من بعض هؤلاء الصغار، ولكن ما يفزعه حقًا هو الجرأة في التطاول على الإسلام عقيدة وشريعة وعلماء.. ولم يغبْ عن فضيلة الإمام أن يربط تلك الهجمة البربرية، وبين بعض المستجدات التي طرأتْ مؤخرًا مثل: الرغبة في إباحة الشذوذ، والمساواة بين الرجل والمرأة، وكسر حزمة من الثوابت الدينية والأخلاقية الراسخة. وكالعادة.. تعامتْ وسائل الإعلام، على اختلاف أشكالها وأنماطها، عن صرخة الإمام واستغاثته، وكأنه عابر سبيل يصرخ في صحراء واسعة، ما يؤكد أن تلك الحرب غير المتكافئة لن تضع أوزارها قريبًا.. كان الله في عونك.. فضيلة الإمام الأكبر.
الجريدة الرسمية