رئيس التحرير
عصام كامل

حسن زايد يكتب: «المسلماني والسينمائيين والإسلام السياسي»

حسن زايد
حسن زايد

معركة نشبت بين الكاتب الصحفي أحمد المسلماني، والسينمائيين المصريين، كتب الرجل مقالًا، فانتفض السينمائيون في مواجهته.


تجيشوا في مواجهته، وأوسعوه نقدًا وجلدًا، فقد اعتبروا أن مقاله مصادرة على الحريات، وعلى رأسها حرية الإبداع، ومناهض لمبادئ الديمقراطية، وأنه يسعى لفرض الوصاية على فن السينما، ويعود بهم إلى عصور السينما الموجهة، واتهمه بعضهم بالجهل، والفتيا فيما لم يحط به علمًا. وقد نسوا أو تجاهلوا أنهم بذلك يمارسون مع الرجل ما يرمونه به من تهم، بخلاف القهر، والاغتيال الأدبي.

وبالعودة إلى مقال المسلماني، تجد أن الرجل قد تلامس مع بعض الحقائق، المتعلقة بالسينما المصرية، باعتبارها إحدى القوى الناعمة، المطلوبة للمجتمع بقوة في الظروف الراهنة.

السينما لكونها قوة ناعمة، وكذا الدراما، فهي أكبر من القائمين عليها الآن، لأن القائمين عليها الآن لم يفعلوا سوى ما نرى ونشاهد، ولن يفعلوا إلا ما نرى ونشاهد.

وما نري ونشاهد، يعكس حالة البؤس التي عليها السينما المصرية، فكرًا، وإنتاجًا، ولن ندفن رءوسنا في الرمال، فهناك أفلام مصرية تعمل كقوة ناعمة في الاتجاه المعاكس، حيث تقدم موضوعات تفضي إلى شيوع قيم سلبية مدمرة، كموضوعات الجنس والمخدرات والقتل والبلطجة، وانعكاسها المباشر هو تفسخ المجتمع وتمزيقه، والإتيان عليه من القواعد.

والقول تبريرًا بأن العمل السينمائي هو انعكاس للواقع، وأنه يغترف من معين المجتمع، الذي يعمل فيه، هو قول مردود، بأن الإبداع ليس مجرد اجترار للواقع المعاش، وإنما هو إعادة صياغة قيم المجتمع، على نحو يرتقي بها، وليس إبراز سلبيات هذا المجتمع وتعميقها، وبفرض جواز الذهاب إلى القول بأن السينما هي انعكاس للواقع، فإن هذا الواقع يعاني اليوم إرهابًا غير مسبوق، فلما لم يتم تقديم معالجة سينمائية جادة لهذا الواقع، بما يؤهله لمواجهة هذا الإرهاب؟.

وقد يرد البعض بأن هناك أفلامًا، وأعمالًا درامية، عالجت مسألة الإرهاب، ونقول بأن هذا صحيح، ولكنها أعمالًا قشرية لا تملك رؤية سياسية واضحة، تنعكس على الفهم الجمعي للمجتمع، بما يدفعه إلى سلوك مناهض للإرهاب على الأرض، وقد وصف المسلماني هذه الأفلام أنها تمثل كم هائل من الجهل والركاكة، وسيل جارف من البلاهة والضحالة، وسلسلة من الألعاب النارية والمفرقعات، وثرثرات حانات رخيصة تصدرت المشهد، ظنًا بأنها الطريق الأمثل لمكافحة الإرهاب، والواقع يشهد بأن هذا ما نرى ونشاهد.

ومنطلق المسلماني في هذه الأحكام، هو فهمه للقضية التي يتحدث عنها، وقد صك مصطلحًا جديدًا، اتخذه تكئة لتوضيح وجهة نظره وهومصطلح :" سينما الإسلام السياسي.

وقد قصد من صك هذا المصطلح أن تكون هناك دراسات أكاديمية جادة لسينما الإسلام السياسي، تتناول قضاياه على نحو معمق تخصصي، وأن تكون هناك دراسات أكاديمية مقارنة، في تناول السينما العالمية، لقضايا الإسلام السياسي، وكذا الأعمال الدرامية.

وهذا يتطلب دراسة الإسلام السياسي فكرًا وحركة، نظرية وتطبيقًا، ثم يجري تقديم ذلك سينمائيًا ودراميًا، وفي هذه الحالة لا يجري الخلط بين محاربة الإرهاب ومحاربة الدين، كما يزعم أصحاب المشروع الفكري المتعلق بالإسلام السياسي، ولا تتم معالجة القضايا الكبرى في العقيدة والشريعة في عجالة مخلة، أو يجري اختزال حقائق التطرف، وصناعة الكراهية، وخلق الإرهاب، في مجرد بضع مشاهد تعكس أن الإرهابيين مجموعة من الكذبة، والمرضى النفسيين، دون الغوص في ذلك إلى العمق المطلوب، فمنهم كذلك من ليس كذابًا من وجهة نظرهم، ومن ليس مريضًا نفسيًا.

وأنا أدعو السينمائيين، والمجتمع، إلى التفاعل مع هذا المقال المهم.
الجريدة الرسمية