رئيس التحرير
عصام كامل

حادث الواحات.. وتساؤلات مشروعة


رحم الله شهداء مصر الأبرار من خيرة جنود الأرض ورجال شرطتها البواسل الذين استشهد عدد كبير منهم في منطقة الواحات، وقد ذكر بيان الداخلية: "إنه استكمالا لما سبق الإعلان عنه من جهود ملاحقة البؤر الإرهابية التي تسعى عناصرها لمحاولة النيل من الوطن وزعزعة الاستقرار، والمعلومات التي وردت لقطاع الأمن الوطني حول اتخاذ مجموعة من العناصر الإرهابية من إحدى المناطق بالعمق الصحراوي بالكيلو 135 بطريق أكتوبر الواحات محافظة الجيزة، مكانًا للاختباء والتدريب والتجهيز للقيام بعمليات إرهابية، مستغلين في ذلك الطبيعة الجغرافية الوعرة للظهير الصحراوي وسهولة تحركهم خلالها. وفي ضوء توافر هذه المعلومات فقد تم إعداد القوات للقيام بمأموريتين من محافظتي الجيزة والفيوم لمداهمة تلك المنطقة إلا أنه حال اقتراب المأمورية الأولى من مكان تواجد العناصر الإرهابية، استشعروا بقدوم القوات وبادروا باستهدافهم باستخدام الأسلحة الثقيلة من كافة الاتجاهات فبادلتهم القوات إطلاق النيران لعدة ساعات مما أدى لاستشهاد عدد 16 من القوات «11 ضابطا – 4 مجندين – 1 رقيب شرطة»، وإصابة عدد 13 «4 ضباط – 9 مجندين»، ومازال البحث جاريا عن أحد ضباط مديرية أمن الجيزة".


هذا بيان وزارة الداخلية وقد روى أحد جنود العمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزي ببني سويف، أنه كانت هناك مأمورية لتمشيط الظهير على جانبي طريق 6 أكتوبر- الواحات، وتم تقسيم مجموعات التمشيط إلى 4 مجموعات كل واحدة مدرعتين وعدد من سيارات الدفع الرباعي. 

وبدأ التمشيط بداية من المنيا واستمر حتى صباح الجمعة يوم الحادث، حيث اتجهت السيارات للقيام بعمليات تمشيط بالقرب من الكيلو 135 موقع الحادث، وكانت المرحلة الأخيرة من عمل المأمورية هي الوصول إلى وادي الحيتان الذي لا يتبع بني سويف، وبعد صلاة الجمعة، تجمعوا في مجموعة كبيرة تمهيدًا للعودة إلى المعسكر في بني سويف، لكن وردت معلومات على أجهزة اللاسلكي أن قوات معسكر الشهيد أحمد الكبير التابعة للأمن المركزي بالجيزة تتعرض لهجوم عنيف في عمق الظهير الصحراوي للكيلو 135، فصدرت الأوامر بالتوجه إلى مكان الحادث.

وذكر أنهم قطعوا الطريق في وقت قياسي خلال نصف ساعة تقريبًا حتى وصلوا إلى مدخل المدق المؤدى إلى الظهير الصحراوي الشرقي للكيلو 135، وهو مدخل أحد المحاجر، لأن هذه المنطقة مليئة بمحاجر الزلط، وعلى مدى البصر لم يروا أي مدرعة أو أفراد لكن كان هناك أثر لعجلات سيارات ومدرعات، مرت من هذا المكان، وما هي إلا خمس دقائق حتى خرجت مدرعة فهد من الجبل يقودها ضابط برتبة عقيد، استطاع الإفلات من الكمين الذي نصبه الإرهابيون للتوجه إلى المستشفى، كان مصابًا وكانت المدرعة بها آثار طلقات رصاص كبير الحجم من الجرينوف، وهناك بالمدرعة أثر لشظايا كبيرة بالمدرعة تشبه أثر شظايا قذيفة الآر بى جى، وسألوه بشكل سريع عما يحدث في الداخل فقال جملة واحدة وقعت عليهم كالصاعقة (محدش يدخل جوه، اللى هيدخل هيموت)، وكانت المسافة الفاصلة بينهم وبين باقي القوات في عمق الجبل أكتر من 20 كيلو مترا، ثم تركهم العقيد وتحرك بالمدرعة إلى نقطة إسعاف الكيلو 135 التي تبعد عنهم أمتارا قليلة لعلاج إصابته. وكانت الشمس قد بدأت في الغروب، وبدأ الضباط في التفكير في الدخول للموقع لكنهم فكروا في أنه من الممكن أن يتم اصطيادهم في كمين آخر، خصوصًا أن الظلام شديد والقمر غائب، ولا توجد مصادر إضاءة سوى مصابيح المدرعات وبعض الأجهزة الخاصة بالعمليات الخاصة التابعة للأمن المركزى.

وأنا هنا لا أدعي العلم بالتكتيكات العسكرية، ولا أفهم في هذا الشأن، ولن أفتي بغير علم، وأنا أصدق رواية الداخلية، كما أصدق رواية ذلك الجندي، ولي حق التساؤل هنا- وهو مجرد تساؤل لا أكثر أريد الإجابة عنه - وهذه التساؤلات من واقع بيان الداخلية نفسه وليس من الإشاعات المنتشرة على النت : أولا هل من الممكن أن نذكر أن ما حدث لضباطنا وجنودنا ليس كارثة؟ بالطبع ما حدث كارثة. إذا من المتسبب في هذه الكارثة؟ من الذي أعطى الأمر بالهجوم على موقع به ذلك الحشد من الإرهابيين بأسلحتهم الثقيلة؟ لماذا لم تتم عمليات المراقبة والاستطلاع بصورة توضح حقيقة تسلح هؤلاء وعددهم قبل مهاجمتهم؟ من البديهي أن القوات التي وقعت في ذلك الكمين قامت باتصالات عديدة بالوزارة فلماذا لم ترسل الوزارة الطائرات لإنقاذ هؤلاء وإبادة الإرهابيين في وقت الاشتباك؟ هل الطائرة أغلى من الضابط والجندي فنضحي بهم ولا نضحي بها؟

في الحقيقة لم يستشعر الإرهابيون قدوم القوات لكنهم كانوا مستعدين لهذه القوات في مواقعهم الحصينة وبأسلوب الكمين فمن الذي أعطاهم موعد قدوم القوات؟ أين هرب هؤلاء الإرهابيين بالضبط؟ لماذا تأخر إرسال الإسعاف الطائر لهؤلاء حتى قضى بعضهم نحبه ؟ لماذا ترك الوقت للإرهابيين لسلب الضباط والجنود سلاحهم بل وكما قال أحد أعضاء مجلس الشعب تم أخذ بعضهم كرهينة؟

وأخيرا رحم الله هؤلاء الشهداء وأسكنهم فسيح جناته فقد جادوا بأرواحهم من أجل أن نعيش وننعم بحياة أفضل، وأطالب أن تحصل أسرة الشهيد على أكبر مرتب بالدولة، وأن تراعى أسرته بصورة فعالة، وتقدم لها كل الرعاية وذلك بالطبع بعد الثأر لهم.

الجريدة الرسمية