رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قطار «صنع في مصر»!


عام 1962 وبمناسبة مرور 10 سنوات على ذكرى ثورة يوليو وفي خطبته الشهيرة من "الإبرة للصاروخ"، قال الرئيس جمال عبدالناصر متفاخرا "لم نكن ننتج أي شيء.. اليوم وبعد مرور عشر سنوات فقط على الثورة أصبحنا نصنع قضبان وعربات السكة الحديد.. وننتج كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ".


نحن ثاني دولة في العالم فيها سكة حديد منذ 160 عاما بعد بريطانيا التي اخترعتها فكان من الطبيعي أن نمتلك اليوم أفضل سكة حديد في العالم، ونكون مركزا دوليا للتصنيع والتصدير والتكنولوجيا والبحث العلمي، ولكن للأسف الشديد حالنا لا يسر عدو ولا حبيب ولا توجد إرادة حقيقية لإعادة أمجادنا في هذا المجال، لأن وزارة النقل أمس على لسان وزيرها قال إنه يدرس شراء "1000"عربة قطار، وأغلب الظن أنها تلك الصفقة التي تحاول المجر تمريرها بكل الطرق منذ عهد الوزير" محمد منصور" قبل "عشر سنوات" بنحو مليار دولار (17 مليار جنيه بدون الفوائد)، يوجد عدد من الحقائق المهمة للرأي العام والأجهزة الرقابية والأمنية ومؤسسة الرئاسة حول هذه الصفقة:

أولا، مصر ليست في حاجة ملحة للاقتراض والاستدانة من أجل شراء عربات جديدة لمرفق مشاكله المزمنة في فشل إدارته، وليس نقص عرباته، ولا ينقل أكثر من 2% من حجم الركاب والدولة تنفق عليه مئات المليارات.

ثانيا، وزارة النقل في عهد وزيرها الأسبق هاني ضاحي وبتكليف شخصي من رئيس الجمهورية أنفقت 4 مليارات جنيه على تجديد عرباتها ويجب الاستفادة منها وإلا يعتبر ذلك إهدارا للمال العام.

ثالثا، دولة المجر ليست لديها القدرة على إنتاج العربات، ولهذا أنشأت شركة مع روسيا للتصنيع المشترك، فالدولتان اتحدتا على سبوبة مصر تحت سمع وبصر وعلم مسئولينا.

رابعا، المجر دولة ليس لها أي ثقل سياسي حتى نجاملها بمليار دولار، وهو مبلغ ينعش اقتصادها ويحقق طفرة لسكانها البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة.

خامسا، مصر تعاني من نقص في العملة الأجنبية وزيادة في الدين العام، ورئيس الجمهورية نفسه طلب من الحكومة عدم الاقتراض إلا للضرورة القصوى ومعرفة كيفية السداد، وهذان الشرطان لا يتوفران في صفقة المجر، لأنها ليست ضرورية ولن يكون هناك قدرة على السداد، فمرفق السكة الحديد فاشل وخسائره بالمليارات ولا يستطيع حتى جمع إيراداته الحالية ولا سداد ديونه السابقة.

سادسا، هذه الصفقة سوف تقتل حلم صناعة القطارات في مصر وتكون على حساب إقامة عرض تقدمت به دولة لاتفيا، وبالفعل كانت هناك زيارات ووفود متبادلة بين البلدين واتفاق على تصنيع القطارات في مصانع وزارة الإنتاج الحربي، أي منطق أو عقل أو شرع أو دين يسمح برفض إقامة مصنع بالكامل على أرضنا لتلبية احتياجاتنا بقطار مكتوب عليه "صنع في مصر" ويوفر لنا عملة أجنبية وفرص عمل وخبرة ويشغل مصانعنا الخربة وأيضا أكثر من 100 مصنع مغذ، من أجل استيراد عربات من دولة لا تنتجها وبأموال لا أمتلكها بل أستدين وأقترض من أجلها.

سابعا، إذا كانت هناك ضرورة ملحة لشراء قطارات فلماذا لا تتفاوض الحكومة على تصنيعها في مصر (وليس تجميعا) سواء من خلال عرض دولة لاتفيا أو غيرها من الدول؟ أو على الأقل طرحها في مناقصة دولية للوصول إلى أفضل العروض والشروط؟ لماذا تلجأ الحكومة للتعاقد بالأمر المباشر في صفقات بالمليارات تثير الشبهات؟

ثامنا، لماذا لا يتولى القطاع الخاص هذه الصفقات؟ سواء بتصنيعها في مصر أو حتى استيرادها من أمواله أو بقروض دولية بضمان الحكومة، خاصة أن مجلس الوزراء وافق مؤخرا للقطاع الخاص بالاستثمار في السكة الحديد.

تاسعا، إذا كانت هناك حاجة ملحة للاقتراض فيكون من أجل التصنيع عندنا وليس الشراء الجاهز أو التجميع فمصانعنا وعمالنا أولى من مصانعهم وعمالهم.

أتمنى أكون مخطئا في كل ما ذكرت فأنا أكتب ما أعتقد أنه في مصلحة بلدي ولكني أعلم جيدا بالضغوط الكبيرة التي يمارسها رئيس وزراء المجر ووزير تجارتها لتمرير الصفقة، ولكني على ثقة بأن الرئيس السيسي لن يسمح بإهدار أموال الشعب وإغراق مصر بالديون فيما لا يفيد.. وحتما سوف يأتي يوم يحاسب فيه سماسرة القروض والاستيراد وكل من فرط أو تهاون في مصلحة البلد (حتى لو بحسن نية) فلا يمكن أن تستمر الأمور هكذا، أبطال يستشهدون حتى تحيا مصر وآخرون يتاجرون بها.
egypt1967@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية