رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. «عبد الملك» السرطان يفقده عينيه والإرادة تدفعه للتفوق

فيتو

«لو أن الإنسان خلق كاملا لما احتاج إلى أن يطمع في الكمال».. كلمات للأديب طه حسين، قرر أحد أبناء الدقهلية، أن يمشي على خطاه، ويبدأ في زراعة الأمل بداخله، هزم المرض اللعين، ورسم لنفسه طريقا طويلا، إلا أن هذا الطريق توقف لفترة بعد إصابته بالعمى، ولكن استطاع أن يثبت لمن حوله أن العمى في القلوب والعجز في الفكر فقط.


"طه حسين" الدقهلية.. لقب بهذا بين من حوله بعد قدرته في التغلب على جميع الصعاب، ويصل لما هو وصل إليه، من يجلس معه يشعر بطاقة إيجابية، ويعلم أن العجز في العقل فقط وليس بأي إعاقة.

قصة لشاب مصري، من الممكن أن تقرأ عنه الأجيال القادمة في الكتب، ويصنع له مسلسل يحكي قصة أحد العباقرة الذي يسير على خطى من سبقوه، هو عبد الملك مصطفى إبراهيم، ابن قرية طرانيس العرب، التابعة لمدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، والذي يبلغ من العمر 22 عاما، تربى وسط أسرة تتخذ من العلم سلاحا لها في الحياة، أب يعمل مدرسا في أحد المعاهد الأزهرية، ووالدته التي تعمل في مجال التدريس أيضا، زرعوا بداخله حب التفوق في دراسته، وحصوله على المركز الأول شيئا أساسيا.

واكتشف والداه أن عين نجلهم البكري اليسرى بها إصابة، وهو لازال في ربيع عمره، وبعد الكشف عليه ورحلة علاج طويلة أجمع الأطباء أنه مصاب بالسرطان في عينه، وطالبوا بإزالتها كاملة، وظل عبد الملك بعين واحدة يرى بها طبيعيا، إلى أن أصبح في الصف الرابع الابتدائي، وأصيب في العين اليمنى أيضا، وبعد كشف والديه أكد الأطباء أن السرطان توغل إلى العين اليمنى أيضا ولابد من علاج كثيف.

رحلة علاج جديدة عانى منها "عبد الملك" إلا أن جاء قرار الأطباء الذي جاء كالصدمة لوالديه بأن يتم إزالة العين اليمنى أيضا قبل أن يتوغل السرطان إلى المخ، أصبح عبد الملك بعد أنا كان مبصرا بعين واحدة أعمى البصر، وهو لازال في الصف الرابع الابتدائي، إلا أن والدته تمكنت من أن تحفظ له القرآن الكريم كاملا.

تحد جديد للطفل منذ صغره، إلا أنه لم يهزم بعد أن أصيب بالعمى وتفوق في دراسته في المرحلة الابتدائية الذي حصل فيها على المركز الثانى على مستوى الجمهورية بمجموع 97.4%، وقرر أن يلتحق بالمرحلة الأزهرية، والتحق بها وهو كفيف، وكان يتم امتحانه شفويا إلا أن والده كان يصر على أن يتم امتحانه بنفس ورقة أسئلة الطلاب المبصرين، وبالرغم من ذلك تفوق عبد الملك وحصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية بمجموع 100%.

تفوق أيضا الطالب الكفيف في المرحلة الثانوية الأزهرية وحصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية بمجموع 102% بالقسم الأدبي، لم يقف عند ذلك فقط، بل تمكن من حصوله على إجازة متصلة السند برواية حفص عن عاصم في قراءة القرآن الكريم.

التحق عبد الملك بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر فرع المنصورة، وتمكن من الحصول على مجموع 96.6% في الفرقة الأولى بتقدير امتياز، وفى الفرقة الثانية حصل أيضا على مجموع 97% بتقدير امتياز، وفى الفرقة الثالثة حصل على مجموع 97.2% وتقدير امتياز، وفى الفرقة الرابعة والأخيرة حصل أيضا على تقدير امتياز بمجموع 97.6%، وفاز بالمركز الأول على دفعته بالجامعة، وحصل عبد الملك على ليسانس لغة عربية جامعة الأزهر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.

كما تمكن من تنمية قدراته في اللغة الإنجليزية، وحصوله على شهادة معتمدة من الأكاديمية الأمريكية بالمنصورة، ودبلومة المحادثة في اللغة الإنجليزية.

ويقول الحاج مصطفى والد عبد الملك: "كنا نساعده في المذاكرة بتسجيل الدروس له على شرائط تسجيل وبعد ذلك تم استخدام الفلاشات والكمبيوتر مؤكدا على أن والدته كان لها الدور الكبير في ذلك، بتدريس المناهج له، وتحفيظه القرآن الكريم".

وأكد "عبد الملك" على أنه راض على ما أصيب به، موضحا على أن الإعاقة ليست في الجسد، ومن الممكن أي إنسان مهما كانت قدراته أن يفعل ما يريده ولكن لابد من أن يمتلك عزيمة لتحقيق ذلك.

وأوضح على أنه يمارس حياته اليومية بالجلوس على الكمبيوتر، واستخدام الهاتف المحمول ومتابعة صفحات مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".

وناشد شيخ الأزهر على أن يتم قبوله معيدا في الجامعة، كونه حاصلا على التقديرات المناسبة، مؤكدا على أنه يعتز بالأزهر ويتمنى أن يكون من ضمن هيئة التدريس قائلا: «أقدر شيخ الأزهر وهو أب لي، ونحترمه وأتمنى منه استثناء لي، أن أكون معيدا في الجامعة؛ لأنه تم وقف تعيين المعيدين الفترة الماضية، وأنا سخرت حياتى للعلم، وأتمنى أن يتم قبولى معيدا بالجامعة؛ لأنه طموحي منذ بدايتى».
الجريدة الرسمية