رئيس التحرير
عصام كامل

«عبد العاطي» وقع في «الفخ».. زار «سد النهضة» ونفى بدء أديس أبابا تخزين المياه.. أثيوبيا تستغل زيارة وزير الرى لتحسين صورتها أمام الأمم المتحدة.. والمكاتب الاستشارية تحذر

سد النهضة
سد النهضة

لا شيء يجبر أثيوبيا على السماح لوزراء مياه «مصر والسودان» بتفقد منشآت سد النهضة كما حدث منذ أسبوعين، الأوراق كلها في يد أديس أبابا، مطالبات وزارة الخارجية المصرية باستئناف المفاوضات لم تكن تأمل من ورائها أكثر من الجلوس مرة أخرى لبحث المسار الفني، لا لزيارة السد الذي لم يزره أي مسئول مصري، ومن هناك كان وجود الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري المصري داخل منشآت السد أمر جديرًا بالتوقف، وإثارة علامات الاستفهامات قبل الفرح بهذا الكرم الأثيوبي.


مفاجأة
بدا الأمر مفاجئًا حين أعلنت وزارة الري المصرية - دون مقدمات - أن الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري سيتوجه إلى أديس أبابا لاستئناف المفاوضات الفنية مع نظيريه الأثيوبي والسوداني، ولم تفصح عن أية تفاصيل للموضوعات المطروحة، وفي نفس اليوم أعلنت الوزارة أن «عبد العاطي» تفقد مواقع منشآت سد النهضة.

لا يوجد تخزين للمياه
وبحسب حسام الإمام المتحدث الرسمي للوزارة، فإنهم استمعوا على مدى ساعتين للشرح التنفيذي المشروع، كما تأكدوا أنه لا يوجد أي تخزين لمياه سد النهضة، ما يعني نفي الشائعات التي انتشرت خلال العام الماضي، وإن كان البعض شكك في هذا الحديث، خاصة أن وزارة الري نفسها أعلنت منذ عام أن أثيوبيا بدأت تخزينا جزئيا لتشغيل بعض توربينات السد، ناهيك عن صور الأقمار الصناعية التي أوضحت تخزين مياه جزئيا في يوليو 2015.

الفخ
أثيوبيا لم تكن كريمة إلى هذا الحد، لكن بالتدقيق في الأمر يتضح أنها ربحت أكثر مما خسرت، وأوقعت الوفد المصري في «فخ» جديد، يؤكد هذا مصدر داخل اللجنة الفنية، أشار إلى أن التقرير الاستهلالي للمكاتب الاستشارية، أوضح أن هناك خطرًا على مصر والسودان من هذا السد، ولم يكن أمام أثيوبيا إلا اللجوء لحيلة جديدة من أجل تكملة مشروعها الضخم.

الحيلة تلك المرة - والحديث لا يزال للمصدر ذاته- كانت في إظهار أن أثيوبيا تتعامل بكل شفافية مع مصر والسودان، ولم تكن هناك حجة للرد على تقرير المكاتب الاستشارية بأن أديس أبابا ترفض تفقد الخبراء لمنشآت السد سوى أن تسمح هي للوزراء بتفقده، وما دل على ذلك أنه في الوقت الذي كان فيه الدكتور محمد عبدالعاطي يتفقد منشآت سد النهضة، كانت بعثة إثيوبيا في الأمم المتحدة تضع تلك الصور على موقعها الرسمي، وبجوارها صورة لسفارة أثيوبيا في القاهرة كدليل أنها ليس لديها ما تخشاه.

بدوره قال الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه الدولي: وجود وزير في تلك الزيارة كان مقصودًا، فعادة تكون تلك الزيارة للوفد الفني والمهندسين المصريين، أما وجود وزير فهذا يحقق ما تريده إثيوبيا للهروب من التقرير الاستهلالي للسد، والذي حسم وقوع أضرار كبيرة على السد.

اعتراف رسمي
«الفخ» لم ينته بعد، فأديس أبابا استطاعت الحصول على تصريح رسمي من وزير الري المصري، ينفي فيه أي تخزين للمياه من جانب حكومة بلادها، وفي المفاوضات الفنية وبالتالي هو تصريح له ثمنه، إذ إن أي حديث بعد ذلك عن تخزين أديس أبابا للمياه لن يُقابل بأي مصداقية.

مصدر «اللجنة الفنية»، أكد أن تلك الزيارة لا تعني أي تقدم في المفاوضات، فالـ«شو» الأثيوبي لم يغير من حقيقة أن أديس أبابا ترفض اطلاع المكاتب الاستشارية على بعض منشآت السد، بجانب إهدار 11 شهرا دون الوصول إلى أي نتيجة، أما النقطة المهمة والتي يمكن أن تطغى على المسار الفني أن أثيوبيا لا تزال تتمسك بملء الخزان خلال 3 سنوات، فيما تصر مصر على 7 لتجنب أي آثار سلبية كبيرة.

نتائج الجولة ذاتها أثبتت ذلك، فبعد الزيارة أعلن الدكتور محمد عبدالعاطي أن الجولة الفنية انتهت إلى الاتفاق حول اجتماع وزاري آخر - لم يحدد موعده - لمناقشة التقرير الأولى للمكاتب الاستشارية، لافتًا إلى أن الوصول إلى الاتفاق حول هذا التقرير سيعزز من التعاون لإنجاز المفاوضات.

ورغم ما سبق فإن عدم تحديد موعد وعدم الموافقة على التقرير الأولى للسد، يثبت أن المشكلة لا تزال قائمة، خاصة أن مصطلح «اجتماع قريب» تم استخدامه منذ أشهر في المفاوضات ولم يتغير الوضع القائم.

بدوره قال الدكتور ضياء القوصي عضو اللجنة الفنية لسد النهضة السابق: الزيارة كان يجب ألا تكون علنية وإنما في إطار مفاوضات الخبراء، خاصة أن إعلان المبادئ وطلبات المكاتب الاستشارية تعطينا الحق في تفقد المنشآت، وبالتالي تصوير الأمر على أنه «منحة أثيوبية» أمر لا يليق بفريق التفاوض المصري.
الجريدة الرسمية