رئيس التحرير
عصام كامل

خمسة أرقام في حياة الزيني جمال الغيطاني.. «تقرير»

الكاتب والروائي جمال
الكاتب والروائي جمال الغيطانى

تمر اليوم الذكرى الثانية على رحيل الكاتب والروائي جمال الغيطانى، حكاء التاريخ ونساج الأدب، فمثلما كانت علاقته بالبشر والأماكن استثنائية، كانت الأرقام استثنائية في حياته أيضا، تحمل دلالات ورموزا بل أسرار لا يعلمها إلا صاحب التجليات والذي رحل عن عالمنا في 18 أكتوبر 2015.


«الموت مرتان»
يحمل رقم 2 دلالة ورمزية للموت عند الأديب الراحل جمال الغيطانى، والذي رأى الموت بعينيه وعاش إحساسه مرتين، ولكن أهداه الله عمرا ثالثا إلى حين أن أتى أجله في الموعد المكتوب.

فيقول الغيطاني: "أعتقد أن حياتي الآن هي وقت إضافي منحه الله لي، فقد مت مرتين من قبل، مرة أثناء العملية الأخيرة التي أجريتها والتي أعطتني إحساسا أن الله أهداني وقتا إضافيا، فاستمرت العملية 11 ساعة لتغيير صمامين وثلاثة شرايين في القلب، وبعد أن كنت تهيأت تماما للرحيل.

وفى السابق، عندما كنت مراسلا حربيا، وكنت أقف أمام أحد أصدقائي، الذي كان جالسا وعرض على أن أجلس مكانه، وصمم على ذلك ولكني رفضت، وفجأة أصابته شظية وتوفى في الحال".

أيضا من مفارقات رقم 2، وفاة الغيطاني بعد شهرين من نقله إلى العناية المركزة بالمجمع الطبي بمستشفى الجلاء العسكري.

«37.. جمال الغيطاني سابقا»
رقم سبعة وثلاثين هو الاسم الجديد الذي حصل عليه الغيطاني، عندما كان معتقلا داخل سجن القلعة عام 1966، على خلفية اتهامه بالانضمام لتنظيم الحزب الشيوعي والدعوة لتغيير نظام العالم.

ورقم سبعة وثلاثين.. كان رقم زنزانة الحبس الإنفرادي التي كان يسكنها الغيطاني، وكان بجواره في المعتقل كل من عبد الرحمن الأبنودي، سيد حجاب، إبراهيم فتحي، وصلاح عيسى، والذي يصفه الغيطاني بأنه عومل بعناية أشد فقد علق كالذبيحة لمدة 3 أيام وغطس رأسه في جردل من الماء، ويحكي الغيطاني: "كان اسمي رقمها منذ أن دخولنا هذا المعتقل، المشهور بالتعذيب، فاستبدلت الأسماء بالأرقام، وكان المخبر الذي يقوم بالحراسة ينادي أمرا فيقول: اسكت يا سبعة وثلاثين أو ممنوع يا أربعة وعشرين، وإلغاء الاسم يعنى بعد حين إلغاء الهوية".

«حكاية الـ20 ألف ضنا»
عشرون ألف ضنا تبناهم الغيطاني طوال مشواره في الحياة.. حافظ عليهم وحماهم من غدر الزمن وعوامله، داخل تلك الجدران الخشبية القابعة بمكتبه، فتتميز مكتبته بثرائها الشديد بمئات بل آلاف الكتب الحديثة والنادرة أيضا، حيث امتلك أكثر من 20 ألف كتاب في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مجموعة من أندر وأعرق المخطوطات والوثائق عن تاريخ مصر.

وعلى الرغم من هذا العدد الضخم من الكتب، إلا أن هناك ثلاثة كتب كانت لا تفارق الغيطاني أبدا، وهم «المصحف الشريف» وخصوصا أنه يمتلك منه ثلاث نسخ نادرة جدا، وديوان «الحماسة» لأبي تمام، وكتاب «ألف ليلة وليلة» والذي يراه أعظم عمل روائي عرفه العالم.

وفى حب الكتاب قال الغيطاني: «يوما ما عندما يحملوني على الأعناق إلى مثواي الأخير، فاعلموا أن ليس لدى ثروة امتلكها سوى مكتبتي، التي ظللت أبنيها على مدار مشواري الطويل، التي تحمل أكثر من 20 ألف كتاب، كل كتاب منها «ضنايا» الذي لم أنجبه».

«2412..بوابة البداية»

2412.. ليس رقما لأحد حسابات صاحب الحكايات الهائمة والتجليات في أحد البنوك، أو عدد الأوراق رواية جديدة تشتاق إلى كتابة نهايتها بعد رحيل صاحبها، إنما هي رقم الغرفة بالمجمع الطبي بمستشفى الجلاء العسكري، التي شهدت صاحب الزيني بركات يصارع الموت شهرين متتاليين، كفارس في ميدان المعركة، دون مهادنة أو استسلام، وسمعت همهمات تلاوة الآيات القرآنية وهمسات الأدعية والرجاء، ثم استرقت النظر والسمع لآهات البكاء وحرقة الفراق، وذلك عندما رحل صاحب الحكايات الهائمة في 18 أكتوبر 2015، ليتحرر الغيطاني ويبدأ حياة جديدة، كما قال «الموت بداية وليس نهاية، بالموت ينتقل الكائن إلى طور آخر، الموت ليس مرضا، ليس عرضا، إنه صنو الحياة، لذلك نقول في صلواتنا لقد مات مفعما بالحياة».

«43500.. من الميلاد إلى الرحيل»
يعد الرقم 43500 هو الرقم المدون على دفتي ملف صاحب التجليات جمال الغيطاني، بقسم الأرشيف بمؤسسة أخبار اليوم، الذي يزخر بالعديد من الموضوعات الصحفية ما بين التقارير والتحقيقات، بداية منذ أن كان محررا عسكريا 1969، وكتاباته التراثية والتاريخية، وحكاياته وقصصه الإبداعية والنقدية، بالإضافة إلى مقالاته التي حملت آرائه الجريئة الثقافية والسياسية، والحوارات التي أجراها خلال مشواره الإبداعي والصحفي.
الجريدة الرسمية