رئيس التحرير
عصام كامل

د. مجاهد الزيات: مصر لم تنهزم في معركة اليونسكو.. وأوروبا لا تقبل مديرا عربيا للمنظمة


  • الأزمة القطرية صنعها أطماع حكامها وسعيهم لتغيير الأنظمة العربية
  •  دوائر صنع القرار الأمريكى تمنع صدور قرار باعتبار الإخوان جماعة إرهابية 
  • جماعات الضغط داخل الإدارة الأمريكية تستخدم ملف حقوق الإنسان ضد مصر
  • المصالحة بين حماس وفتح كانت ضرورية لوقف حالة الانقسام الفلسطيني 



هو عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية والرئيس الأسبق للمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أحد الذين عملوا بأحد الأجهزة السيادية، يملك الرؤية والمعلومات عن المشهد الخارجى جيدا خاصة ما يتعلق بارتباطة بمصر.

إنه الدكتور محمد مجاهد الزيات، الخبير الاستراتيجي، الذي قال إن الأزمة العربية مع قطر أشعلها حمد منذ انقلابة على والدة وجاء نجلة وسعيها للبحث عن دور لهم على الساحة الدولية بدعم الإرهاب وتنفيذ المخططات الأمريكية لإسقاط الأنظمة العربية.
 
وأضاف الزيات أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها اتخاذ قرار بجعل جماعة الإخوان إرهابية لاستخدامها كورقة لعب في المنطقة العربيه بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي يستخدمها التنظيم الدولى على الدول الأوروبية.
 
بالإضافة إلى العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والدور المصرى في المصالحة الفلسطنية والمشكلة الكردية في سطور الحوار التالي:


**في البداية كيف ترى الأزمة القطرية وأبعادها وإلى أين تتجه؟
*الحقيقة أن جوهر الأزمة القطرية أن هذه الدويلة الصغيرة التي تفتقد إلى مقومات الدولة بمفهومها الشامل تحاول لعب دور سياسي على المستوى الإقليمى والدولى منذ انقلاب حمد بن خليفة على أبيه وبدأ في السعى للتدخل في شئون الدول العربية والخليجية وسار نجله تميم على نفس النهج، وهو ما تلاقى مع مخطط الولايات المتحدة الأمريكية التي وظفت الدور القطرى لتحقيق أهدافها بالمنطقة وهو تغيير الأنظمة العربية ولعل ثورات الربيع العربى في ليبيا ومصر وتحويل وجهة التنظيمات الإرهابية إلى العراق وسوريا لإسقاط نظام بشار الأسد، وبالتالى قطر كانت قاسما مشتركا ومنفذا للمخطط الأمريكى في المنطقة بل إن قطر ساهمت وساعدت عناصر المعارضة في البحرين وطوعت قناة الجزيرة لمهاجمة الأنظمة العربية وقامت بمساعدة عناصر شيعية في السعودية وأجرت اتصالات بالحوثيين باليمن كل هذا أدى إلى تبلور الأزمة القطرية.

**وهل تعتقد أن بيان مجلس التعاون الخليجى واتهامه قطر بالإسهام في تفجير الكنيسة المرقسية أسقط القناع الزائف عنها؟
*لا.. قطر لم تكن تحتاج إلى قناع للتخفى خلفه لكن الأزمة أن الدول العربية والخليجية تدرك حقيقتها لكنها كانت تأمل وتراهن أن تفيق القيادة القطريه وتتراجع عن الطريق الذي تسير فية لكنها كانت تستند على استراتيجية أمريكية ونجاح قوى الإسلام السياسي في تولى الحكم في بعض البلاد ومنها مصر، أضف إلى ذلك أن أوباما كان يرى أن قطر هي الحل لتوطين قوى التطرف الإسلامي في المنطقة.

**ولماذا تدعم الولايات المتحدة الأمريكية قطر في ظل الانتقادات التي يوجهها ترامب لها وللتنظيمات الإرهابية؟
*يجب أن نفرق هنا بين ترامب وبين إدارات صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تلعب دورا أساسيا ومحركا في القرار الأمريكى والتي ترتبط بعلاقات مصالح مع قطر والتنظيم الدولى لجماعة الإخوان والتي ترى أن جماعات الإرهاب ورقة يستخدمها الأمريكان وقت الحاجة للضغط وابتزاز الشعوب العربية وبالتالى هناك من يراهن على ترامب وهناك من يراهن على الإدارات وكل منهم له تأثيره.

**وهل يمكن أن تتأثر جماعة الإخوان بمقاطعة الدول العربية الأربع لقطر؟
*الحقيقة التي علينا الاعتراف بها أن هناك علاقة تنظيمية وتاريخية قديمة بين النظام القطرى والتنظيم الدولى للجماعة الإرهابية من قبل فترة الخمسينات عندما استوطن قيادات الإرهاب في قطر ومن هنا لا يمكن أن نتوقع قيام قطر بطرد عناصر الجماعة من أراضيها بسبب مقاطعة الدول الأربع وإن كان من الممكن أن يقل دعمها لهم أو يتم تحجيم نشاط هذه العناصر والتي تتسبب في الضرر للعديد من الدول العربية.

**وهل ترى أن هناك إمكانية للمصالحة مع قطر وما هي شروط إتمام هذه المصالحة من وجهة نظرك؟
*حتى هذه اللحظة لا أتصور أن تتخذ الدول العربية موقفا عدائيا من قطر والمقاطعة التي اتخذتها الدول الأربع هدفها ضبط السوق القطرى ونشاطها والتوقف عن دعم عناصر الإرهاب التي تسعى لإثارة الفوضى داخل الدول العربية وبالتالى عملية المصالحة مرهونة بالموقف القطرى وعلاقتة بهذه العناصر وإصراره على دعم الإرهاب، وإذا توقفت قطر عن ذلك ستكون بداية جيدة للمصالحة ولكن حتى هذه اللحظة الأزمة لم تهدأ بل هي في تصاعد مستمر من جانب قطر التي تلجأ لسلاح المال لكسب داعمين لها من الدول الأوروبية وتركيا وإيران في الوقت الذي لا تريد الدول العربية انعكاس آثار هذه الأزمة على المواطن القطرى أملا في استيعاب قطر للفرصة المتاحة أمامها الآن من خلال وساطات بعض الدول مثل الكويت والولايات المتحدة الأمريكية.

**وما تبريرك لعدم اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية حتى الآن؟
*اتخاذ مثل هذا القرار سيجعل هناك التزامات على الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأن هناك دوائر عدة داخل الإدارة الأمريكية ترفض هذا الأمر وبالعكس هذه الدوائر ترى ضرورة دعم قوى الإسلام السياسي ومن هنا لا يمكن أن نرى الولايات المتحدة الأمريكية تصدر مثل هذا القرار لأنها يحكمها مصالحها أولا خاصة وأن الإخوان لهم علاقات عدة بمراكز صنع القرار إلى الاستثمارات في عدد من الدول الأوروبية.

**الرئيس السيسي يتحرك على الساحة الخارجية بلا توقف، ما تقييمك لهذه الجولات ومدى تأثيرها في دعم العلاقات مع الدول ذات التأثير الدولى ؟
*الرئيس السيسي نجح في استعادة العلاقات المتميزة مع دول العالم ذات التأثير الدولى من خلال مشاركتة في العديد من المنتديات والمؤتمرات الدولية وهذه العلاقات اتخذت أشكالا من خلال عدة دوائر منها الصين وفيتنام وألمانيا وفرنسا ولا يزال الرئيس يعمل على تطوير العلاقات مع بريطانيا رغم المواقف السلبية لحكومتها ونجح السيسي في استعادة العلاقات المتميزة مع روسيا، أما على المستوى الأفريقى فالرئيس اهتم بهذا الملف على أساس أن أفريقيا أمر حيوى بالنسبة لنا وباعتبار أن قضية المياه رئيسية والسيسي نجح في العودة لحضن القارة الأم وتوفير المناخ المناسب للحفاظ على حصتنا من المياه وتجاوز التعنت الإثيوبي لحل مشكلة سد النهضة من خلال التفاهم بممارسة الضغوط على إثيوبيا من خلال الدول المعنية دون الوصول إلى مرحلة التوتر وبالتالى جولات السيسي استهدفت تأكيد الحضور الإقليمى والدولى لمصر وتغيير معادلة التوازن الإقليمى في الشرق الأوسط إلى جانب دعم البرنامج الاقتصادى إلى سعيه لبناء دولة مصريه حديثه تفتح الباب لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل وتجاوز العقبات الاقتصادية الأخيرة.

**وما تفسيرك لما حدث في انتخابات اليونسكو إخفاق السفيرة مشيرة خطاب في الحصول على المنصب؟
* مصر لم تنهزم في معركة اليونسكو بالحسابات السياسية، وما حدث باليونسكو واضح جدا منذ البداية أن الدول الأوربيه لا توافق على أن يكون مدير منظمة اليونسكو عربى فعلى مدى سنوات طويلة فشل كل المرشحين العرب في الحصول على المنصب وحصلت فرنسا عليه "6" مرات وهو أمر غير أخلاقى باعتبارها دولة المقر والأمر الآخر أن مصر خاضت معركة شريفة في الجولة الأخيرة لدعم السفيرة مشيرة خطاب ولم تتوان عن مساندتها من خلال رسائل الرئيس مع الدول العضوة في المجلس التنفيذى باليونسكو أو الاتصالات من جانب وزير الخارجية وحضوره في باريس قبل وأثناء التصويت إلا أن اللوبى الصهيونى رتب تلاقى مصالح بين قطر وفرنسا اسفرت عن هذه النتيجة فضلا عن مواقف بعض الدول العربية لم تكن واضحة وبالتالى علينا ألا نحزن.

**العلاقات المصرية الأمريكية متقلبة منذ أيام أوباما إلى ترامب كيف تقيم هذه العلاقة الآن؟
*العلاقات المصرية الأمريكية تمر بمرحلة إيجابية خلال السنوات الأخيرة ووضح ذلك من تقدير الرئيس ترامب للرئيس السيسي وإعلانه عن دعم مصر في مواجهة الإرهاب وتأكيده على أن مصر تخوض حربا حقيقيا ضد الإرهاب نيابة عن العالم كما أن عودة المناورات العسكرية المشتركة بعد توقف 8 سنوات بالإضافة إلى تنامى العلاقات على المستوى العسكري والسياسي ولكن ستبقى هذه العلاقات مرهونة بدوائر صنع القرار بالولايات المتحدة الأمريكية والتي تتخذ موقفا سلبيا تجاة مصر وتناصر جماعات التطرف والإرهاب.

**جماعات الضغط داخل الإدارة الأمريكية تلجا إلى استخدام ملف حقوق الإنسان ضد مصر، ما قولك؟
*هذا الكلام صحيح وملف حقوق الإنسان مطروح من جانب منظمات دوليه تستخدمها أمريكا والدول الأوروبية للضغط على العديد من الدول ومنها مصر، والمشكلة أن هذه المنظمات تستقى معلوماتها من منظمات محلية لها مواقف من الحكومة سواء في مصر أو دول أخرى بتوجيه اتهامات بالتقصير لها وبالتالى تقارير هذه المنظمات تعد سيفا مسلطا على رقاب الدول ومنها مصر رغم النجاح الذي نحققه في هذا الملف.

**نجحت مصر في تجميع طرفى المعادلة الفلسطينية حماس وفتح كيف ترى الدور المصرى في المنطقة؟
*لابد أن نعترف أن هذه المرحلة تحمل الكثير من علامات التفاؤل وهذا يرجع لعدد من العوامل على رأسها إتمام المصالحة بعد تغير القيادة داخل حماس وإدراكها لضرورة وقف الانقسام الفلسطينى –الفلسطينى خاصة بعد زيادة معاناة المواطنين في قطاع غزة بالإضافة إلى أن تغير البيئة الإقليمية وتراجع الدور القطرى والتركى في انجاح جهود مصر في المصالحه بالإضافة إلى أن الأزمة القطرية التي وضعت حماس في موقف صعب إما أن تستمر علاقتها بقطر وتخسر المساعدات الخارجية أو الابتعاد عن التحريض القطرى كل هذا يدعوا للتفاؤل بأن الدور المصرى سيؤتى ثماره خاصة وانة لم يكتف بدور الوساطة وإنما كشريك في التوصل لاتفاق ووضع آلية التنفيذ أو الضامن لتحقيق ما تم الاتفاق عليه.

**المشكلة الكردية أثير حولها كثير من الأقاويل بإمكانية استخدامها لتفتيت المنطقة فما صحة ذلك؟
*المشكلة الكردية تكمن في رغبة مسعود برزانى إجراء استفتاء على الانفصال وإقامة دولة كردية ورغم معارضة قوى كردية لهذا الأمر لتوقيته إلا أن هناك آخرين يرون أن برزانى يريد أن يقفز فوق الأزمة السياسية في الإقليم وانتهاء ولايته منذ سنين وانتهاء مدة البرلمان أيضا فضلا عن أنه كان يريد أن يطرح نفسه كزعيم قادر على تحقيق الحكم الكردى بإقامة دولة كردية إلا أن موقف الحكومة العراقية والموقف الإيرانى والتركى المتشدد قد يخلق أزمة في الإقليم حيث يرى كلاهما أن السماح باستقلال الأكراد سيغرى الأكراد في إيران وتركيا وسيؤثر على الأمن القومى لهم وأعدوا إجراءات متدرجة لحصار الإقليم إذا ما أقدم على الانفصال وتشهد الفترة توترا بين حكومة بغداد والإقليم في المناطق المتنازع عليها خاصة كركوك وتصر الحكومة على الانسحاب من مناطق البترول والمواقع العسكرية التي استولت عليها بعد انسحاب داعش وفى تقدير الكثيرين أن هذا قد يؤدى إلى زيادة حدة التوتر والمواجهات العسكرية في تلك المنطقة لكن المعطيات للموقف في مجمله تشير إلى أن الإقليم لن يتخذ قرار الانفصال وأن جهود الوساطة ستبذل لتأجيل مثل هذه الإجراءات ضمن الوصول لحل وسط ضمن الدولة الفيدرالية.
الجريدة الرسمية