رئيس التحرير
عصام كامل

«ليلة الثلاثاء».. والتسع سفريات


من المعروف أن ليلة الخميس من كل أسبوع هي الليلة الموعودة عند موظفي الحكومة، سواء من ناحية أنه يعقبها إجازة "يوم الجمعة" أو من ناحية أنها تجمع الأهل والأحباب أو من ناحية الطقوس الجميلة للشعب المصري في تلك الليلة، حتى أصبحت ليس فقط محل اهتمام موظفي الحكومة لكن أصبحت محل اهتمام الشعب المصري كله بفضل القرارات الصعبة التي اعتادت الحكومة اتخاذها في تلك الليلة.


أما في وزارة التربية والتعليم الوضع قد يختلف كليا عن باقي موظفين الدولة، فالليلة الموعدة لدينا هي ليلة "الثلاثاء" التي يعقبها صباح الأربعاء.. لما لها من ارتباط قوي بكل سفريات الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم للخارج، فباعتباري أحد المهتمين بملف التعليم ومتابعًا جيدًا للعملية التعليمية بجميع أطرافها.. فقد لفت انتباهي منذ تولي الدكتور "شوقي" المسئولية منذ ثماني شهور أن الدكتور الوزير ضرب العدد القياسي في السفر للخارج مقارنة بكل وزراء التعليم السابقين، وقد يكون الأكثر بين وزراء الحكومة جميعهم في عدد السفريات للخارج، فقد وصل عدد السفريات للخارج إلى ثماني سفريات في ثماني شهور وفقا لحساباتي الشخصية قد تزيد لكن بالطبع لا تقل، بمعنى أن معالي الوزير يسافر الخارج بواقع سفرية شهريا.. فبعيدا عن أهمية بعض السفريات أو تكليفه بالأخرى إلا أني أرى أن هذا جيد بالطبع، فهذا الرجل يبدو عليه ملامح النشاط والحيوية، لكن للأسف في التحرك للخارج فقط وكم كنت أتمنى أن يكون مثل هذا العدد سفريات داخلية لمحافظات مصر ليتفقد المدارس والمحافظات الفقيرة والحدودية بعيدا عن مشكلات المدارس الخاصة والدولية المتمركزة في القاهرة الكبرى ونواحيها.

لكن ما أثار انتباهي أيضا أن جميع السفريات للخارج تتم في "ليلة الثلاثاء"، فأولى سفريات معالي الوزير بعد توليه المسئولية بأيام كانت في "ليلة الثلاثاء" الموافق الرابع عشر من مارس أي بعد تولي الدكتور طارق شوقي المسئولية بأيام قليلة، وكانت إلى السنغال عبر فرنسا، للمشاركة في إحدى الفعاليات التعليمية هناك، وظل ثلاثة أيام حتى عاد بسلامة الله في السابع عشر من مارس من الشهر نفسه.

أما السفرية الثانية كانت "ليلة الثلاثاء" الموافق الثالث والعشرون من مايو حيث سافر وزير التعليم إلى "لندن" في إطار جولاته الخارجية لحضور أحد المؤتمرات لمدة عدة أيام أيضا، والسفرية الثالثة كانت "ليلة الثلاثاء" الموافق الخامس والعشرون من أبريل إلى دولة "الإمارات العربية" في إحدى الفعاليات التي تقام في إمارة أبو ظبي ولمدة ثلاثة أيام.

ففي السفرية الرابعة كانت "ليلة الثلاثاء" الثامن من أغسطس إلى "لندن" مرة أخرى بعد شهرين فقط من زياراته السابقة لنفس لعدة أيام أيضا، السفرية الخامسة كانت في "ليلة الثلاثاء" الخامس عشر من أغسطس إلى "الولايات المتحدة الأمريكية" عن طريق لندن في زيارة استغرقت عدة أيام في إطار جولاته الخارجية للاستفادة من الخبرات الدولية لتطوير التعليم بمصر.

أما السفرية السادسة فكانت "ليلة الثلاثاء" الخامس من سبتمبر إلى دولة "الإمارات العربية المتحدة"؛ مرة أخرى بعد أربعة شهور من الزيارة الأولى لكن هذه المرة للمشاركة في فعاليات أحد المؤتمرات لمدة 3 أيام.

الغريب في السفرية السابعة فقد كانت أيضا في "ليلة الثلاثاء"، الثاني عشر من سبتمبر إلى "لندن" للمرة الثالثة في زيارة استغرقت عدة أيام، لكن السفرية الثامنة والأخيرة حتى كتابة هذه الكلمات كانت "ليلة الثلاثاء" العاشر من أكتوبر الحالي إلى ألمانيا في زيارة هناك لإجراء عدة لقاءات في إطار خطة تطوير التعليم مع ألمانيا.

وهنا السؤال الذي أطرحه على نفسي هو أن "ليلة الثلاثاء" أصبحت مهمة جدا وغير عادية في المنظومة التعليمية مثلها مثل ليلة الخميس تماما عند المصريين، لكن الأهم من هذا وذاك أن تلك الليلة "ليلة الثلاثاء" تعتبر من أهم الليالي عند جميع الوزراء والمسئولين في الحكومة، حيث فيها يعكف كل وزير في الحكومة على تجهيز ما تم إنجازه خلال أسبوع عمل ويقوم أيضا بتجهيز ما سيتم عرضه على رئيس الوزراء في اجتماع الحكومة الأسبوعي، الذي يكون دائما يوم الأربعاء أو الخميس من كل أسبوع، فهل تغيب الدكتور "شوقي" كل هذه المرات من اجتماع مجلس الوزراء من الممكن أن يؤثر على دولاب العمل داخل الوزارة؟! علما بأن كل هذه السفريات لا تتم إلا بموافقة شخصية من المهندس شريف إسماعيل نفسه.

لكن أرى أن هناك شيئًا إيجابيًا في توقيت هذه السفريات التي تمت جميعها وبالطبع "بالصدفة" ليلة الثلاثاء ليصبح وزير التربية والتعليم هو الوزير الوحيد في الحكومة الذي يكون بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب من كل القرارات الصعبة التي اتخذتها الحكومة ليلة الخميس، التي أصبح الشارع المصري ساخطا على الحكومة بسببها، على الرغم من أن حقيقة هذه القرارات الليلية كانت تصدر بالفعل بهدف الإصلاح الاقتصادي لمرحلة بناء جديدة.
الجريدة الرسمية