رئيس التحرير
عصام كامل

لم تشهدها مصر.. إلا في حرب أكتوبر و30 يونيو!


حقق رجال المنتخب بقيادة اللاعب الفذ محمد صلاح الفوز في الوقت بدل الضائع على الكونغو، والوصول إلى نهائيات كأس العالم بروسيا بإصرار وهمة كبيرين، ولم يخذلوا ملايين المصريين الذين تعلقت قلوبهم بأقدام اللاعبين داخل المستطيل الأخضر.. فتحية لهذا الجيل من اللاعبين المميزين، الذين نال بعضهم شرف الاحتراف في أعرق الأندية الأوروبية.. عاشت جماهيرنا لحظات عصيبة من الترقب والتشوق للفوز.. توحدت مشاعر المصريين جميعًا على قلب رجل واحد، في حالة من التوافق الوجداني لم تشهدها مصر إلا في حرب أكتوبر 1973، وعند تأهلها لمونديال إيطاليا 1990، وفي 30 يونيو 2013، يوم خرج الشعب لإزالة حكم الإخوان الفاشي..


وهذه الحالة المفعمة بالأمل والرغبة في الفوز والارتقاء بمصر إلى مصاف العالمية، حتى ولو في كرة القدم، حررت نفوس الجماهير مما ران عليها من صدأ اللامبالاة والعزوف عن الاهتمام بالشأن العام، وعدم الاكتراث بما يجري في الشارع المصري، أو الالتفات لما تثيره النخبة، وبعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من ضجيج لا يعكس نبض الجماهير ولا مشاعرها الحقيقية.

رأينا شبابًا قالوا عنه لم يعد يهتم بالشأن العام، فإذا به يملأ ستاد برج العرب، ويمتلئ بالأمل في الفوز، ويذرف بعضه دموعًا تسبب فيها التعادل المباغت في أحرج لحظات المباراة، لكنه لم يفقد حماسه وظل يشجع فريقه حتى آخر لحظة، ولم يخيب الله رجاءه واستجاب لدعائه، وتحقق الفوز فيما يشبه المعجزة الكروية.

لقد جمَّعت كرة القدم ما فرقته السياسة والمصالح الضيقة على اختلافها.. توحدت الجماهير بعد أن وجدت شيئًا يوحدها، لتعيد اكتشاف نفسها من جديد وتتذكر أيامًا كنا فيها كتلة واحدة من المشاعر، وقلبًا واحدًا يخفق بالأمل والرغبة في تحقيق الذات.

لقد مضى وقت طويل ونحن نتحدث عن غياب ما يُسمى "المشروع القومي الجامع" الذي يمكنه رص الصفوف وتأليف القلوب، وحشد الطاقات نحو غاية كبرى، يبدو أن لحظتها المناسبة قد حانت بعد الذي رأيناه قبل المباراة الأخيرة وأثنائها وبعدها؛ ذلك أنها أظهرت بجلاء أن جماهيرنا مهيأة تمامًا بل متعطشة لاستقبال مثل هذا المشروع القومي، لتحمله على أكتافها وترفعه بسواعدها، وتحميه بأرواحها حتى تصل إلى الهدف المنشود.
الجريدة الرسمية