رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وائل النحاس الخبير الاقتصادي: بعض أرقام «المركزي للإحصاء» حول نسب السكان بمصر غير صحيحة

فيتو

  •  الحكومات لدينا لا تدعم الأول ولا الثاني والدليل المدارس الخاصة

  • الصين جعلت شعبها يكره الإجازة ويعشق ساعات العمل

  • وجود 6.4 ملايين منشأة اقتصادية بمصر يعني أنه لا يوجد مشكلة في الاقتصاد

  • يتحدثون عن الزيادة السكانية منذ أيام عبد الناصر

  • دول كثيرة أثبتت أن الزيادة السكانية من الممكن أن تصبح قيمة مضافة

  • حكومتنا تستطيع تحويل عدد السكان من عالة عليها إلى موارد لها


تحذر الحكومات دائمًا شعوبها من أن الانفجار السكاني يشكل عبئًا كبيرًا على الدول، ويحول دون تحقيق العيشة الرغيدة للمواطنين، بما يشمل قلة الدخول، ونقص الخدمات، وصولًا لمعاناة المواطنين في كل شيء، ولما صدرت الأرقام الأخيرة حول تعداد السكان الذي وصل وفقًا للإحصائيات إلى 104 ملايين نسمة، تعالت الأصوات حول خطورة هذا الرقم على مصر، لتهديده للتنمية والاقتصاد.

الدكتور، وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، غرد خارج السرب فيما يتعلق بأزمة الانفجار السكاني، معتبرًا أنها من الممكن أن تكون شيئًا إيجابيًا يخدم الاقتصاد، وتعتبر قيمة مضافة للدولة، حال توظيفها بالشكل الصحيح.

النحاس أضاف في حواره مع "فيتو" أن التأثير يعتمد على مفهوم الدولة لكيفية إدارة حجم الشعب، المشكلة ليست في عدد السكان وإنما في عدم قدرة الدولة على استثمار العنصر البشري، مشيرًا إلى أنه يوجد دول استطاعت أن تحول عدد سكانها إلى موارد استفادت منها، وعرفت "الباسوورد" الخاص به، الشعب دائمًا متلقٍ إذا منحته فرصة سيعمل بكل طاقته، وسيتحول إلى قيمة مضافة تنهض بمعدلات التنمية... وإلى نص الحوار:

*في البداية نريد أن نعرف هل الانفجار السكاني أخطر مشكلة تواجه الاقتصاد؟
بالعكس أثبتت كثير من الدول أن الزيادة السكانية من الممكن أن تكون شيئًا إيجابيًا يخدم الاقتصاد، وتعتبر قيمة مضافة للدولة، ويردد غير المتخصصين في الإعلام فكرة أن زيادة عدد السكان مع ندرة الموارد يمثل مشكلة للاقتصاد، وهذا للأسف خطأ، أما المتخصصون في المجال الاقتصادي فيعرفون أن الزيادة من الممكن أن تكون أحد ميزات الدولة إذا تم توظيفها على النحو الأمثل.


*هل للأزمة السكانية تأثير فى معدلات التنمية؟
التأثير يعتمد على مفهوم الدولة لكيفية إدارة حجم الشعب، الدولة يمكنها أن تحول عدد السكان من عالة عليها لموارد لها، كلمة السر تكمن في كيفية إدارة الشعوب، وعلى سبيل المثال دولة مثل الصين استطاعت تحويل عدد سكانها إلى موارد استفادت منها وعرفت "الباسوورد" الخاص به، الشعب دائمًا متلقٍ إذا منحته فرصة للعمل سيعمل بكل طاقته، وسيتحول إلى قيمة مضافة تنهض بمعدلات التنمية، كل دولة في العالم لها طريقة في إدارة شعوبها بما يخدم مصالحها، يوجد دول توجه شعوبها تجاه تجارة المخدرات مثل باكستان، أمريكا تركز على السلاح، ودول أخرى تركز على الإرهاب وبيع الأعضاء، وداعش يركز على تجارة النساء، ومصر أيام عبد الناصر كانت توجه الشعب نحو السد العالي ومحاربة إسرائيل، كل دولة إذا أرادت أن توجه شعبها نحو النمو ستنجح.

المصريون أيام محمد على نادرًا ما كان يظهر بينهم شخص مهندم في ملابسه ويهتم بمظهره، وعندما بدأ محمد على يطور البلاد أرسل بعثات لأوروبا لتعلم فنون العمارة والهندسة، بدأ المصري يهندم نفسه ويهتم بمظهره، هنا الحاكم وجه الشعب وهجن المصريين بالثقافة الأوروبية من الناحية المعيشية أو الاجتماعية، وأخذ منها ما يناسب بلاده ليطورها، في عصر الحاكم بأمر الله كانت القمامة ليل نهار في الشارع، هو حول الشعب وشغله وجعل شوارع مصر نظيفة، وهكذا.

*ما تعليقك على الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول نسب السكان في مصر؟
أرقام خطيرة، وإن صحت فهذا يعني أننا دولة قابلة للشيخوخة، لأن الجهاز أعلن أن نسبة الشباب هي 18%، في حين أننا كنا في وقت من الأوقات بالتحديد في الثمانينيات 40%، ونزول النسبة إلى 18% يعني أنه نتيجة المشكلة الاقتصادية رحلت الدولة سن الشباب لـ37 عامًا، وبالتالي الذي سيتزوج في عمر 37 ستكون قدرته الإنجابية ضعيفة، ولن تكون هناك أجيال جديدة، وهذا يعني أن نسبة الشباب لا تتعدى 10%، وبالتالي نكون أمام أمة قابلة للشيخوخة في غضون من 10 إلى 20 سنة، وهذه الأرقام إن صحت فهي خطر جدًا، ولا بد أن يتم تحليلها جيدًا، هذا ما تعاني منه أوروبا الآن لذا يستقبلون المهاجرين ليزيدوا من عدد السكان، 18% من 100 مليون يعني 20 مليون شاب، ويجب أن نختزل منهم الشباب الذي لديه أمراض مزمنة، نسبة الإعاقة، المدمنين، ومن لديهم شذوذ جنسي، وكذلك من تسرب من التعليم وعمل على توك توك، إلى آخره، إذن من سيقف على الحدود يرفع العلم عدد قليل، إذن الأرقام إن كانت صادقة تقول إننا أمة في خطر.

*أستشعر من حديثك أنك تشكك في النسب الصادرة عن الجهاز؟
نعم أنا أشك في أن الأرقام التي أعلن عنها سليمة، مثلًا ما أعلن عنه حول وجود 6.4 ملايين منشأة اقتصادية في مصر، يعني أنه لا يوجد مشكلة في الاقتصاد، وأن الدولة تعرف من يعمل بشكل رسمي وغير رسمي، وتدرك مستويات البطالة ومستويات الأسر الغنية والمتوسطة والدنيا، والأمر ذاته بالنسبة للإعلان عن وجود 16 مليون عمارة، أرى أن الأرقام غير متناسقة.

*من وجهة نظرك.. ما أسباب الزيادة السكانية؟
في رأيي هي زيادة تراكمية، كان لدى مصر زيادة حقيقية حتى عام 1990م، بعد ذلك التاريخ تم إدخال أعمار الـ37 عامًا في زمرة الشباب، إذا محصلة الزيادة هي حتى عام 1990م، وبعد ذلك تحولت الزيادة إلى تراكمية، مواليد الثمانينيات أصبحوا شبابًا لم يستطيعوا الزواج حينما كان الدولار بـ5 جنيهات وصولًا لعام 2010 مع تزايد ارتفاع الدولار ثم 2017 مع وصوله إلى 17 جنيهًا، وبالتالي قدرته الإنجابية تضعف، وكذلك مواليد جيل التسعينيات لن يستطيع الزواج مادام الجيل الذي سبقه تعثر أيضًا، ثم تتراكم الأجيال مع عدم القدرة على الزواج وكذلك الإنجاب، لذا فهي زيادة تراكمية من الجيل الذي سبق الثمانينيات، وبالتالي لا بد أن تنظر الدولة إلى ذلك بحذر.

*وماذا عن تعليقك على الحديث حول كثرة الإنجاب ومخاطره؟
الحديث عن كثرة الإنجاب كلام فاشل، والدليل تركيز الإعلام سواء في الراديو أو التليفزيون أو الجرائد على محاربة العقم وتأخر الإنجاب، وكذلك طوابير السيدات عند أطباء النساء لحل أزمة عدم الإنجاب الناتج عن تحريك نسبة الشباب واللعب في الهرمونات وقلة الطعام الصحي الخالي من المبيدات المؤذية.

*ما معدل النمو السكاني الذي يجب أن تصل إليه مصر ليتناسب مع النمو الاقتصادي؟
لا يستطيع أحد أن يتحكم في معدل النمو أو السكان، لابد أن تحقق الدولة معدل نمو يناسب الزيادة، بحيث الأطفال يكبرون يجدون مكانًا في الصحة والتعليم، الحكومة التي تعمل بشكل جيد لتحقيق معدلات نمو تستطيع أن تحتوي عدد السكان.

*بعض الدول مثل الصين تمنع مواطنيها من إنجاب أكثر من طفل واحد لسنوات عدة.. هل من الممكن أن يحدث ذلك في مصر؟ وماذا سيكون مردود ذلك؟
لا أحد يستطيع منع الإنجاب خاصة في مصر، لكن من الممكن أن تعلن الحكومة أنها تتكفل الطفل الأول والثاني، أما الثالث فيخرج من دعم الدولة، لكن في الواقع الحكومات لدينا لا تدعم الأول ولا الثاني ولا غيره، والدليل المدارس الخاصة، وتراجع الخدمات، ولا تمنح المواطن زيادة 10% حينما ينجب طفلًا مثل دول الخليج. وكل من يروج لهذا الكلام يفتي وأنجب وانتهى من المسألة، في حين أنه لو أتيح لشاب الزواج يتمنى أن يملأ البيت أطفالا.

*ما المقترحات والحلول التي تقدمها لمواجهة الأزمة؟
أهم شيء هو دراسة حكم الشعوب للدول التي أدارت المليارات من الناس، وحولت الشعوب من عالة لقيمة ودخل للدولة، وجميعهم يعملون في انسجام، الصين حولت الشعب كله إلى منتج، حتى إن كان من داخل غرفة في بير سلم، جعلت شعبها يكره الإجازة ويعشق ساعات العمل، وذلك حتى لا تكون عبارة الزيادة السكانية شماعة نعلق عليها الأخطاء.

*هل ممكن أن تستفيد مصر من الزيادة السكانية أم ضررها أكثر من نفعها؟
ممكن أن تستفيد من الزيادة في كل حاجة حين توجهها بشكل جيد، بمعنى أنه لا يصح القول إن مصنعًا في مصر يطلب عاملين براتب قيمته 1500، ولا يجد متقدمين، وبالتالي نقول هذا شعب فقري لا يحب العمل، لأن الحقيقة ليست هكذا وإنما العامل يجد نفسه سينفق 1100 جنيه على المواصلات والأكل، وبالتالي سيحصل في النهاية على 400 جنيه فقط، يعني في اليوم 12 جنيهًا هل هذا يعقل! وتأتي الحكومة لتقول إن متوسط دخل الفرد ارتفع من كذا إلى كذا، يجب أن تقيس الحكومة الدخل على الصافي بعد حساب ثمن المواصلات والأكل، كلام أن متوسط دخل الفرد ارتفع غير صحيح، لأنه حينما يتحول صافي دخل 1500 إلى 400 يشير إلى أن الدخل نزل لـ90%، لا بد أن يتم التحديد هل ذلك ناتج عن قرارات حكومية أم تكلفة معيشة، لأنه لو الأخيرة لا بد للحكومة أن تصلح ذلك، وفي الواقع لا نعرف ما هو النموذج الذي تعمل به الحكومة!

*ما الدور المنوط بالحكومة فعله للخروج من الأزمة؟
ينبغي أن تحلل الأرقام وتتأكد من منطقيتها وإيجابيتها وتلاشي سلبياتها، الحصر الدقيق لا يتم في أي دولة في العالم إلا إذا كانت تعتمد في كل تعاملاتها مع السكان بالكمبيوتر من الولادة حتى الوفاة، وهذا لا يحدث في مصر، هناك خلل في تركيبة الأرقام والدولة لا بد أن تظهر مصداقية البيانات التي تصدرها.

*إذا كانت الدولة تعلق أزماتها على الزيادة السكانية.. لماذا فشلت استراتيجيتها حتى الآن في الحد من الظاهرة؟
منذ أيام عبد الناصر وهم يتحدثون عن الزيادة السكانية، وذلك حينما كانت مصر كلها 18 مليونًا، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن يدور الحديث عن أننا نعيش على 7% من رقعة مصر، منذ أوائل الخمسينات وحتى الآن يتردد الكلام ذاته، في حين أن مصر لم يعد لديها ظهير صحراوي، المنصورة، الدقهلية، كفر الشيخ، التجمع، الشيخ زايد، بورتو، طريق مرسى علم، وغيره مليئة بالمباني التي لا حصر لها، بدأنا في غزو الجبال، فكيف نعيش على 7% فقط، لا بد من تحديث البيانات بأرقام واقعية، لأنه لو نعيش على رقعة 7% مع الزيادة السكانية الحالية يعني أنه لا يوجد من يعمر الأرض، الدولة لم تنجح في احتواء ما جرى في 2011م الذي كان مرتبًا له؛ لأنه يوجد دول مهمة من جيراننا كانت على شفا الإفلاس في 2010، في حين أن مصر لم تتأثر بالأزمة العالمية في 2008، عدم حدوث أحداث 2011 وتداعياتها على مصر كان يعني حدوث عدم اضطراب اقتصادي في المنطقة، لذلك شاركت معظم الدول الجارة في هذه الاضطرابات.

*ما السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الاقتصاد في حال عجز الحكومة عن مواجهة الأزمة؟
لن تقدر الحكومة على حل الأزمة لأن الفكر الحالي هو أن تجعل من الزيادة شماعة لتعليق الأخطاء، وأنا أتمنى أن تنظر للمجتمعات التي ليس لديها موارد واستطاعت أن تصنع المستحيل.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية