رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«الفلوس كل حاجة».. ماذا لو كنا أثرياء.. «ملف خاص»

فيتو

صحيح أن القناعة كنز لا يفنى، لكن الطمع «مشروع» طالما كان بوسائله القانونية، فطرة الإنسان التي فطرها له الله فجعل الجنة بكل ما تحويه من نعيم ورغد العيش هي مكافأة طاعته، بل وحث الإنسان أن يطمع فيه. 


المصريون شعب قنوع، بارع في اختلاق الجمل التي تهون عليه ضنك الحالة، ومشقة الحياة، لا غرابة أن تكون أحلامه هي حقوقه، فالشعب الذي يطول الفقر فيه 27% من سكانه، ويعيش فيه 1.5 مليون مواطن في غرفة واحدة ليس أمامه سوى الرضا، وترديد تلك الجمل وإلا فالبديل هو الانتحار، خاصة أن الحكومات على مدار العقود الماضية لم تغير نغمة «العين بصيرة والإيد قصيرة».


ولأن العالم لم يعد يتحدث إلا بلغة الأرقام، وصحيح أن المصريين مقتنعون أن «الفلوس مش كل حاجة» لكن الواقع الحالي أثبت تلاشي الأيديولوجيات والأفكار والمبادئ أمام لغة «البيزنس» فإن الفقر ليس إلا رجلًا يجب قتله.

ماذا لو كانت مصر دولة غنية غير مديونة لأحد وشعبها ينعم بحياة هادئة، هذا ما نتخيله خلال سطور هذا الملف. 

النقل
لو تملك مصر 10 مليارات جنيه لاستطاعت أن تحمي أرواح 500 مواطن، هو عدد الذين يتوفون سنويًا بسبب حوادث السكك الحديدية ناهيك عن الإصابات التي تصل وفق إحصاءات غير رسمية إلى 4 آلاف مواطن.

ورغم أن الحوادث أمر طبيعي في كل دول العالم إلا أنه وفق تقرير صادر عن المعهد القومي للنقل، فإن الحوادث الفنية هي الأعلى مقارنة بحوادث أخرى مثل السقوط من القطار على سبيل المثال، وهو ما دفع الدكتور هشام عرفات وزير النقل إلى الإعلان أن مبلغ العشرة مليارات جنيه كافِ لتطوير منظومة السكك الحديدية، وتطويرها بالكامل لحماية أرواح المواطنين. 


التعليم
النصوص الدستورية جميلة، ترسم واقع دولة حضارية بكل المقاييس، لذلك حين اختارت وضع ميزانية للتعليم كان الرقم هو 136 مليار جنيه، فالنص الدستوري يُلزم الدولة بتخصيص نسبة لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.


الزراعة
«لا يملك حريته من لا يملك قوت يومه» كلمات رددها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ردًا على الولايات المتحدة الأمريكية، حين قررت التلويح بورقة تصدير القمح للقاهرة، لم تعد المشكلة فقط هي الاستيراد لسلعة أو اثنين، فحسب تقارير غير رسمية فإن الفجوة الغذائية تحتاج إلى 55 مليار جنيه، ودون ذلك ستظل هناك حالة من التبعية لبعض الدول التي تتحكم في السلع الإستراتيجية كالقمح.


الري
عامان من المفاوضات، رعب مصري، استقواء أثيوبي، ومشكلة عالمية، هذا ما يلخص سد النهضة، ورغم حق القاهرة في القلق فإنه «الحسرة» الحقيقية أن تهبنا الطبيعة 51 مليار متر مكعب من المياه سنويًا بحسب البنك الدولي للمياه وهي مياه السيول، ولا يتم سوى تخزين 3 مليارات متر مكعب فقط، وهو ما اعتبرته الدولة إنجازًا. 

ويقول الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية، إن التكلفة الكلية لحماية مصر من السيول 4 مليارات و600 مليون جنيه. 


القوات المسلحة
لا يمكن فصل ثراء الدولة عن قوتها العسكرية، وفي عالم لا تحكمه إلا القوة فإن التحديث المستمر لدروع الوطن أمر لا يحتاج للفصال، الولايات المتحدة الأمريكية أسست عظمتها على أساس قوتها العسكرية وقدرتها على شراء على الأسلحة الحديثة وتطويرها، وهو ما ينطبق على القوات المسلحة المصرية.


البحث العلمي
وإذا كنا سنتحدث عن القوة العسكرية فإن الأمر لا ينفك عن البحث العلمي أيضًا، ففي الوقت الذي تصرف فيه مصر 11 مليار جنيه على البحث العلمي، تصرف إسرائيل أكثر من خمسة أضعاف هذا الرقم.

الدستور حاول تلافي تلك المشكلة من خلال تخصيص 1% من الناتج القومي للبحث العلمي، إلا أن ذلك لم يحدث تمامًا، كما حدث مع التعليم وبالحجة نفسها «الإيد قصيرة».


تَخيل 
«لو لعب الزهر» وبات لدينا تعليم قومي وبحث علمي متقدم وقوات مسلحة هي الأقوى في العالم، ومياه نخزنها سنويًا وتكفينا، ورُحمنا من حوادث النقل السنوية، فإن هذا سينطبق على المجتمع، ولعل أولى تلك الآثار هي تقليل نسب الجريمة بعد أن تصدرت مصر المرتبة الثالثة عالميًا في الجرائم، فيما أشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن 40% من الجرائم سببها الفقر. 

وترى الخبيرة النفسية سامية خضر، أن الحالة الاقتصادية تعد ضمن الأسباب الرئيسية لانتشار الجريمة، خصوصًا تلك الجرائم التي تحدث لأسباب تافهة هي في الأساس تفريغ طاقة نتيجة الضغوط التي يمر بها المواطن.

وأضافت «خضر» في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أن شريحة كبيرة من المجرمين لو ارتبطوا بعمل وتم توفير حياة كريمة لهم لن يرتكبوا تلك الجرائم، والدليل على ذلك أن الكثيرين منهم يبدعون داخل السجون حين يحصلون على الحد الأدنى من الحياة.

تتابع أيضًا، أن توفير حياة كريمة لا تعني تراجع نسبة الجرائم فقط، بل تحقيق نسبة من أحلام الشباب أكبر دافع للتنمية والانطلاق، فلا يمكن لشاب كل فِكره أن يتزوج أن ينتج لدولته أي شيء. 


عودة الحب مرة أخرى
 يؤكد الدكتور أحمد الباسوسي، أن العيش حياة كريمة يقلل من نسب الكراهية التي زادت في المجتمع، لافتًا إلى أن ذلك لا يعني مجتمعًا مثاليًا لكنه يعني مجتمع سوى لا تؤرقه المشكلات. 

وبالنسبة إلى المواطن سيكون بإمكانه أيضًا السفر والذهاب للمنتجعات السياحية والحفلات التي يُحرم منها كثيرًا بسبب ضيق الحال. 

الحلم ممكن
خبراء الاقتصاد، يرون أن مصر تملك من الهبات الطبيعية ما يمكنها من ذلك، يؤكد «رشاد عبده» أن الثروة البشرية التي يغلب عليها الطابع الشبابي والمنح الإلهية من بحار ومحيطات وأنهار يجعل ما يحدث الآن قصور في الرؤية، بل وكما يوضح «عبده» أن هناك الكثير من أطروحات التطوير حبيسة الأدراج.
Advertisements
الجريدة الرسمية