رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

البطل المصرى موشى رافى.. وتكريم إدريس!


في الأسبوع الماضي كنت القلم الوحيد الذي كتب عن بطولة وعبقرية البطل أحمد إدريس، ودوره في تقديم الحل السحرى لمشكلة عانت منها قواتنا المسلحة، وهى الشفرة التي تستخدم فى نقل الأوامر بين القادة في القوات المسلحة، وكان استخدام اللغة النوبية فكرة عبقرية عجزت أجهزة العدو عن حلها، وكانت أحد الأسباب المهمة في نجاح قواتنا في حرب السادس من أكتوبر 1973، وبعد نشرنا المقال بـ72 ساعة فقط، فوجئت بتكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذا البطل، وكان الاحتفال قائما له فقط، وجاء من يهاتفنى ليؤكد أن ما كتبته عن البطل أحمد إدريس من الأسباب التي كانت وراء هذا التكريم، الذي تأخر على الأقل خمسة وأربعين عاما كاملة، وربما يكون البطل أحمد إدريس الصف ضابط الوحيد الذي تم تكريمه من رئاسة الجمهورية، فتحية لقرار التكريم لهذا البطل، وتحية للبطل الذي قدم لمصر ولم ينتظر تكريما أو شيئا، ولكن كان العطاء بلا انتظار لمقابل.


قدم التليفزيون المصرى مسلسلا تحت اسم "العميل 1001" بطل المسلسل الحقيقى هو البطل عمرو طلبة، ولا أشعر- كلما تذكرته، وقفزت صورته أمامي- بنفسى إلا والدموع تنساب من عيني، وكأني أعرفه وكأنه واحد من أهلي ومن دمي، ولا أعرف السبب برغم معرفتي لشهداء كثيرين سواء في حرب 67 أو حرب الاستنزاف، أو حرب أكتوبر، الشهيدان اللذان يسببان لى حالة من الارتباك النفسي هما أمير الشهداء العظيم إبراهيم الرفاعى، والثاني الذي يبكيني دائما البطل عمرو طلبة!

بعد عرض المسلسل التقيت بالمؤلف المبدع نبيل فاروق، الذي كتب سيناريو المسلسل، وسألته عن مدى الحقائق في العمل، وخاصة  أننا لم نسمع عن هذا البطل أي شيء، فقال إنه بطل حقيقى، وإنه تأثر كثيرا ببطولة وشجاعة هذا الشاب، ولكن فجأة توقف الكاتب نبيل فاروق عن الكلام ثم أكمل: هناك موقفان قمت بتعديلهما في العمل، كان المفروض أن يترك الموقع البطل عمرو طلبة بناء على التعليمات، ولكنه رفض هذا في الحقيقة، وفى العمل تجاهلت الأمر الذي صدر له، الأمر الثاني في المسلسل أن البطل قتله قائده الإسرائيلى، والحقيقة أن الذي قتله الطيران المصرى!

ونعود إلى المفاجأة بعد اقتحام الجيش المصرى خط بارليف، واحتلاله في حرب أكتوبر، فوجئت قواتنا في خط بارليف بزيارة قائد عسكري كبير، ووفد مرافق له لموقعهم.. وأخذوا يبحثون بين جثث اليهود حتى وجدوا ما يريدونه، جثة الجندي الإسرائيلي موشى رافي، أخذوا الجثمان الطاهر في علم مصر، وقرأوا عليه الفاتحة ثم نقلوه إلى القاهرة، في هذه اللحظة فقط تم الكشف عن أن موشى رافي هو البطل المصري عمرو طلبة الذى زرعته المخابرات في خط بارليف، واستطاع نقل كل تفاصيل الخط إلى المخابرات المصرية حتى يوم 6 أكتوبر 73.

والبطل عمرو طلبة تم تجنيده في الجيش الإسرائيلي عام 1969، تحت اسم موشى رافي يهودي مصري مهاجر إلى إسرائيل.. وبعد سنة من التحاق عمرو طلبة بالجيش الإسرائيلي انتقل للخدمة في خط بارليف، ويذكر أنه في يوم 6 أكتوبر، وقبل اندلاع الحرب بساعة صدرت الأوامر إليه بمغادرة الموقع نهائيا، حتى يتم ترتيب عودته إلى القاهرة، ولكن البطل عمرو طلبة رفض تنفيذ الأمر، وأصر على انتظار الطائرات المصرية لتوجيهها إلى مخازن الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية الموجودة في خط بارليف، وبالفعل اندلعت الحرب وضربت الطائرات المصرية خط بارليف وهرب الجنود الإسرائيليون يمينا ويسارا ما بين قتلى وجرحى، بينما وقف عمرو طلبة وسط الموقع يهلل ويكبر "الله أكبر" وضربته الطائرات المصرية لأنهم لا يعرفونه.. واستشهد بطل مجنون بعشق مصر وأرضها.

والحقيقة لا أدرى سر الدموع التي لا أستطيع منعها عند مجرد تذكر صورة ذلك الشاب الوسيم الباسم، وكأنه أحد ملائكة الجنة، عندما عرض عليه قائده أنه سيكون في مهمة صعبة داخل الكيان الصهيونى لم يتردد، وحتى يطمئن قلبه سأل والده رجل القوات المسلحة السابق قائلا: ماذا تفعل لو طلب منك شىء من أجل مصر!؟ أجاب الأب: روحى فداء لمصر يا ابنى! واحتضن ابنه وسط طوفان من الدموع.. رحمة الله عليك يا عمرو طلبة.

ألا تستحق قصة هذا الشاب الذي باع الدنيا واسمه وكل شىء من أجل مصر، أن تدرس للأطفال والشباب من أجل إعادة الروح والانتماء لهذه الأرض الطيبة مصر!؟
ليست هذه المرة الأولى التي أكتب فيها بطولة هذا الشاب لعله يتذكره المسئولون مثلما تذكروا البطل أحمد إدريس!.
Advertisements
الجريدة الرسمية