رئيس التحرير
عصام كامل

أبو طقة يكتب: إعلامي غدار.. اشترى البردعة وباع الحمار

فيتو

مكالمة تليفونية جاءتني منذ أيام من الأخ المناضل الهارب «أيمن نور»، وهذا على غير العادة.. فمنذ هروبه المفاجئ من مصر لم أحاول أن أتذكره.. وكنت أظنه أيضا نساني.. قلت له: أؤمرني يا أيمن بيه.. أخبار الغربة إيه يا دكتور؟!


قال: عشرة على عشرة يا عمنا.. عايشين عيشة 5 نجوم.. ولا ينقصنا إلا وجودك معنا.. فأنت معارض شرس ضد الحكومة ونحن تلاميذك.
قلت: أنت لو كنت تلميذي حقا.. ما كنت هربت من ساحة المعركة.
قال: المضطر يركب الصعب يا عمنا.. وإحنا هنا محتاجينك معانا.
قلت: وما المقابل؟!
قال: كل اللي تؤمر بيه.. ممكن تعمل برنامج في قناة الشرق.. ولو عايز قناة مكملين برضو عادي.. أو ممكن نستضيفك في قناة الجزيرة وأهو كله بالدولار يا عمنا.
قلت: طب أنا راجل ساخر وفشار ومجنن كل وزراء الحكومة وأنا هنا في بلدي.. إيه بقى الجديد اللي هعمله عندك؟
قال: مش عايزين منك أكتر من كدة.. مع شوية حرية أكتر في الأداء.. يعني بدلا من أن تنتقد الحكومة فقط.. ممكن تنتقد النظام بأكمله.. البلد بأكملها.. كبيرها وصغيرها.
قلت: يعني أطلع أنشر غسيلنا الوسخ كله برة مصر.. والعالم يتفرج علينا بقى وإحنا أبطال وكدة.. صح؟!
قال: عداك العيب يا عمنا.. وكله بالدولار يا مولانا.
قلت: طب أنا يعني بكدة هبقى إعلامي معارض ولا إعلامي ببردعة؟!
قال: قصدك إيه يا عمنا؟!
قلت: شوف يا أيمن يا حبيبي.. أنا هحكيلك حكاية وأنت افهم زي ما أنت عايز.
قال: اتفضل احكِ يا عمنا.. وحشتنا حكاياتك من أيام الميدان.

قلت: كان فيه زمان إمبراطور ألماني.. وكان في زيارة إلى «دمشق» ومعه زوجته.. فخرج له شعب سوريا على بكرة أبيه ليرحبوا به.. واستقبلوه استقبالا حافلا، وﺧﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘقبال ﻭبينما هو ﻋند ﻣدﺧﻞ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﻻحظت زوجته الإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺣﻤﺎﺭًا ﺃﺑﻴض ﺟﻤﻴﻼً يقف بجوار سور القلعة ﻓﺄﺛﺎﺭ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ.. ﻭطلبت ﻣﻦ ﻭﺍلي دمشق ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﻪ لكي ﺗﺄﺧذﻩ ﻣﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻟﻴﻦ كذكرى من دمشق، ذهب ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ بكل براءة ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﺎﺣب ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ.. ﻭﻛﺎﻥ ﻳدعى «أبو ﺍﻟﺨﻴﺮ».. ﻓطلب منه أن يتنازل عن حماره، ويهديه ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺔ ﺍلإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ.. إلا أن أبو الخير اعتذر ورفض أن يتنازل عن حماره.. فغضب ﺍﻟوﺍﻟﻲ غضبا شديدا، ﻭﻋﺮﺽ عليه شراء ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ بأي ثمن، إلا أن أبو الخير أصر على الرفض وقال له: «ﻳﺎ أفندينا، ﻟدﻱ ﺳﺘﺔ ﺭءﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻞ.. ﺇﻥ ﺷئت ﻗدﻣﺘﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺍلإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﻫدﻳﺔ دون مقابل.. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﻼ!
فاﺳﺘﻐﺮﺏ الوالي ﻫذﺍ ﺍﻟﺠوﺍﺏ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴبب!
فرﺩ أبو الخير ﻣﺒﺘﺴﻤا: "إنهم ﺍﺫﺍ أﺧذﻭﺍ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ إﻟﻰ ﺑﻼﺩهم ﺳﺘكتب ﺟﺮﺍئد ﺍﻟدﻧﻴﺎ ﻋﻨﻪ.. ﻭسيسأﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻴﻦ ﻫﺎﻟﺤﻤﺎﺭ؟.. ﻓﻴﺮﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴهم: "ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ".. وساعتها سيصبح "ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ" ﺣديث ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ في الخارج.. ﻭﺭﺑﻤﺎ يصبح معرضًا ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻞ ﻳُﻌﻘﻞ أﻥ إﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ لم ﺗﺠد ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻤير؟!.. ولن يصدقوا أنها وجدت لدينا أفضل من ذلك.. وﻟذلك ﻟﻦ أﻗدﻣﻪ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻦ أﺑﻴﻌﻪ أبدا".
ها.. انتهت الحكاية يا عم أيمن.. فهمت حاجة؟!

قال: مش قوي يعني يا عمنا!
فقلت: عايز أقولك يا أخ أيمن إن هناك أناسا يخافون على سمعة بلادهم أن تمسها الألسن بالسوء في الخارج، حتى لو لم يعجبهم الحال بالداخل... وهناك حمير تبيع البلد بما فيه ولا يفرق معاها الخارج من الداخل.. ما دامت تحصل على المقابل.

وهكذا هو حال الإعلامي أو الصحفي أو حتى السياسي الذي يخرج من مصر كى يهاجم من بداخل مصر.. يبيع الحمار ليشتري بردعة يغطي بها ظهره المكشوف.
الجريدة الرسمية