رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. «ساعات خرج فيها المصريون من بيوتهم».. زلزال 92 يجبر الأهالي على الهروب للشوارع عرايا.. وقصة عمارة الموت والأسطى «أحمد» ومهندس شرب بوله في مدينة نصر الأغرب

فيتو

جدران متهالكة، وبقايا زجاج محال، وأسقف منازل سقطت على رءوس أصحابها، دمرت ذكرياتهم وأفقدتهم ذويهم وأصدقائهم، وإصابة آخرين بعاهات مستديمة مازالت تؤرقهم حتى الآن، أنها آثار ضيافة واحد من أعنف الكوارث الطبيعية التي عصفت بالبلاد "زلزال 1992"، ذكراه عالقة في أذهان الجميع ممن شهدوه، لم يبقى منه شيء سوى أشخاص يروون ما مروا به.


التفاصيل
وقع الزلزال يوم 12 أكتوبر 1992 في الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا تقريبًا، أي في الـ 13:09 بالتوقيت العالمي "جرينتش"، تمركز الزلزال السطحي بالقرب من دهشور على بعد 35 كيلومترًا "22 ميل" إلى الجنوب الغربي من القاهرة، واستمر لمدة نصف دقيقة تقريبًا، بقوة بلغت 5.8 درجات على مقياس ريختر.

الخسائر
لم تتمكن مباني مصر القديمة من الوقوف شامخة أمام قوته، وأصاب الزلزال معظم البيوت بتصدعات وأسقط بعضها، بداية من بولاق وجنوبًا على طول نهر النيل حتى العياط على الضفة الغربية للنهر، تدمير 350 مبنى بالكامل وإلحاق أضرار بالغة بـ9000 مبان أخرى، وأصيب 216 مسجد و350 مدرسة بأضرار بالغة، بما تسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين وشرد نحو 50000 شخص.

هول المشهد
من أبرز المشاهد التي تصدرت الواقعة، وهو "هول المشهد" بهروب أشخاص إلى الشوارع عرايا، وتوزيع بعض أصحاب المحال الملابس على النساء، آخرون قفزوا من منازلهم معرضين أنفسهم للخطر، الأمر كان مبهمًا للجميع، لم يسبق لهم التعرض لمثل هذا الحدث المفاجئ، الصراخ والعويل في كل مكان، الدموع حاضرة، الوجوه شاخصة، لا أحد يفهم ما يجري.

ما بعد الزلزال
وبعد مرور ساعات قليلة من الزلزال، ظهر المشهد المليء بالبؤس والكل يهرع للبحث عن أحد أقاربه، وعاشت المحروسة أيام أشبه بالحروب، اتشحت جميع محافظاتها بالسواد، فلا يخلو بيت من وفاة أحد قاطنيه، بفقدان أعزاء سواء من الأقارب أو الأصدقاء، وامتلاء المستشفيات بالمصابين، وأسرع الناجون للمستشفيات للتبرع بالدماء ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

عمارة الموت
"عمارة الموت" الاسم الذي أطلقه البعض على العقار المنهار بشارع الحجاز والمجاور لمستشفى هليوبوليس ذو الـ14 طابقًا، ولم ينج منه سوى 5 من سكان العقار، أحد الذكريات المرتبطة بزلزال 1992، وهي عمارة كبيرة جدا تطل على مسجد الفَتح وكنيسة مار جرجس، ملك سيدة تدعي "كاملة"، تحولت إلى أنقاض تحوي العشرات من الجثامين في ثواني، وظل المواطنين يخشون المرور من أمام الأنقاض أو البناء عليه من جديد لسنوات طويلة، ظنًا منهم أن السلطات لم تتمكن من الوصول للجثث كافة، تحولت إلى منطقة محاطة بهالات الرعب.

حكاية ناجي
حكايات كثيرة يرويها من عاصر هذا الحدث المؤلم، أشهرها على الإطلاق حكاية أكثم سليمان، ذلك المهندس المصري الشاب الذي ظل تحت أنقاض عمارة مدينة نصر لأكثر من 82 ساعة حتى تم إنقاذه.

ظلت حكاية أكثم حديث الشارع المصري والصحف في مختلف أنحاء العالم وقتها، واعتبرها الجميع معجزة إلهية، حيث ظل الرجل تحت الأنقاض نحو 3 أيام دون أكل أو شرب، ورأى أسرته تموت أمامه دون أن يتمكن من إنقاذهم، وفي عدة أحاديث تليفزيونية وصحفية، قال "أكثم" إنه لجأ هو وأسرته إلى أسفل إحدى كمرات الشقة، التي كانت سببا في حمايتهم من سقوط الأنقاض فوق رؤوسهم مباشرة، ثم اضطر إلى شرب بوله ليحافظ على الحد الأدنى من وظائفه الحيوية.

إعادة نظر وشقق جديدة
وكما يقول المثل الشعبي "مصائب قوم عند قوم فوائد"، الذي ينطبق على قصة تسير على النسق الإنساني تناولتها "الأخبار" أثناء تغطية الحدث، بإعادة النظر إلى "الأسطى أحمد" بفضل الزلزال، فالاصطدام الذي تعرض له "الأسطى أحمد" كان سببا في إعادة نظره إليه، والسبب في أن تسعد الطفلة عبير بوجود "بلكونة" لأول مرة في شقتهم عقب تسلم أسرتها شقة في المساكن الجديدة المخصصة للمتضررين من الزلزال، ضمن الـ 1700 أسرة من الفجالة والدرب الأحمر وباب الشعرية والظاهر وبولاق الذين تسلموا مساكنهم بمدينتي السلام والنهضة.
الجريدة الرسمية