رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التربية قبل التعليم


كنا ونحن صغار عندما يحدث من أحدنا سلوك غير مرغوب فيه كان أول ما يقوله المدرس إننا نربى ثم نعلم. يشرح في دقيقة اسم وزارة التربية قبل أن تكون وزارة التعليم ثم ينهى حديثه بأن من لا يصلح معه التربية لن نراه يتعلم شيئا، أو بالأجدر أنه لن يفعل خيرا بعلمه.. هذا الموقف لم يمر بى وحدى، إنما مر بكل أبناء الأجيال السابقة، ويتذكرون ذلك جيدا قبل أن يتم حذف كلمة التربية من اسم الوزارة لتصبح وزارة التعليم فيما بعد.


كلما مر بى الزمن أتذكر جيدا كلمات الأساتذة الأفاضل الذين زرعوا بيننا قيمة التربية قبل قيمة التعليم، فمن تربى على أيديهم وأيدي الأسرة وتناغمت الأهداف بينهما، من أجل خلق طفل يحترم نفسه ليحترمه الآخرون يظل هذا الطفل على قيم التربية الأصيلة التي نما معها وترعرع، حتى أصبحت تلك القيم هي العمود الصلب الذي لا يمكن كسره أبدا ومهما مر عليه تحديات الزمان.

إن اسم التربية لابد أن يعود ظاهرا للناس، ليعلموا ألا تعليم بدون تربية، هذه التربية التي تعطى للمدرس مكانته وقيمته، وتعنى معنى الاحترام والالتزام وبدون ذلك لن تصلح العملية التعليمية مهما قمنا بتطويرها، إذ لم يعد أحد لديه وقت ليربى طالبا، وأصبح التعليم مناهج يتم حفظها لحين استرجاعها حتى وصلنا إلى أن ينسى التلميذ كل المنهج الدراسى بعدما يتم الانتهاء من الامتحانات.

كل جيل يحذر من تبعات الاستهانة بإرشادات لمستقبل أبنائنا وللأسف يجنى الجيل القادم ما يقصر فيه الجيل الحالى، من وضع أسس الاحترام والقيم، وهذا ما أدى إلى عزوف الدول عن الاستعانة بأبنائنا، كما كان في الماضى، وبالتالى تأثر أهم دخل للدولة من العملة الصعبة، وهو تحويلات العاملين في الخارج، إذ إن تردى التربية وتردى التعليم ترك صورة غير حميدة لنا، لذا لابد من العمل لإصلاحها سريعا.

إننا أمام تحدٍ كبير في محاولة استعادة قيم هذا الشعب التي يفقدها يوما بعد يوم للأسف، نحن نرى ونسمع مشكلات كثيرة، ولا ندرك أن سببها في المقام الأول تزايد الشعور بالأنانية، دون الاهتمام بالمجتمع ككل وأخلاقيات التعامل والتواصل واحترام الوعود والثقة والالتزام.. كلها صفات لابد من استعادتها حتى يمكن أن نستعيد أخلاقيات الجيل الماضى، وهو الجيل الذي يشعر الآن أنه في غربة.
Advertisements
الجريدة الرسمية