رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

د. محمود علم الدين : شبكات التواصل الاجتماعى ضرورية لتوعية المصريين بتحديد النسل

فيتو

يتجددُ الحديثُ عن "انفجارٍ سكانىٍّ وشيكٍ"، في ظلِّ معدلِ النموِّ السكانيِّ في مصرَ الذي يقتربُ من 2.5% سنويًا، ما يمثلُ ضعفَ المعدلِ في الدولِ الناميةِ، وأكبرَ من خمسةِ أضعافِ مثيلِه في الدولِ المتقدمةِ. وأمامَ هذا الوحشِ الكاسرِ الذي يلتهمُ كلَّ معدلاتِ التنميةِ، تقفُ الحكوماتُ المتعاقبةُ عاجزةً عجزًا يفوقُ عجزَها الاعتيادىّ، ولا تملكُ إلا أنْ تطلقَ صرخاتٍ مدويةً، بضرورةِ تنظيمِ النسلِ أو تحديدِه، ولكنَ تلك الصرخاتِ سرعانَ ما تفقد جدواها، فالشعبُ دأبَ على عدمِ طاعةِ حكومةٍ يرى أنها لا تضعُه في حسبانِها أصلًا. ودونَ تدخلٍ حاسمٍ في ضبطِ السياسةِ السكانيةِ، فإنَّ عددَ سكانَ مصرَ، وفقًا للتقديراتش، سوف يقفزُ إلى ١٠٢ مليون في ٢٠٢٠، ويصل إلى ١٢٢ مليونًا في ٢٠٣٠، كما تشيرُ الإحصائياتُ الرسميةُ إلى وصولِ معدلِ البطالةِ إلى ١٢.٤٪ خلال العام الماضى، وارتفاعِ معدلِ الإعالةِ، ليصلَ إلى ٣١٪ من السكان دون سن العمل، وهى نسبةٌ عاليةٌ، تتطلبُ تخصيصَ استثماراتٍ ضخمةٍ في البنيةِ الأساسيةِ، لن تتوفرَ بطبيعةِ الحالِ، لدولةٍ مديونةٍ داخليًا وخارجيًا، واقتصادُها قائمٌ على الاقتراضِ. إن الإصرارَ على تغييبِ وعىِ الشعبِ خلالَ العقودِ الماضيةِ، لمْ يثمرْ إلا أقبحَ الثمارِ وأسوأه، ففى أقصى الصعيدِ، لا تزالُ هناك أسرٌ معدومةٌ تنجبُ بلا وعى، واتكالًا على مفاهيمَ باليةٍ. أزمةُ الانفجارِ السكانىِّ لن ينهيها تحركاتٌ برلمانيةٌ ساذجةٌ، ولا مشروعاتُ قوانينَ ساذجة، ولا تهديدٌ بـ "فزاعةِ الدعم"، ولكن بخطاباتٍ انفعاليةٍ، ولكنْ بمنظومةٍ متكاملةٍ، وجهودٍ متضافرةٍ، حتى لا تتكررَ أخطاءُ الماضى، عندما ضاعتْ جميعُ الجهودِ هباءً وسُدىً. الأزهرُ والكنيسةُ، المدرسةُ والجامعةُ، الإعلامُ بجميعِ أطيافِه، وزارتا "الصحةِ" و"التعليمِ" وأيةِ جهةٍ ذاتِ صلةٍ، لأنَّ تداعياتِ الانفجارِ السكانىِّ تفوقُ في آثارِها الإرهابَ والتطرفَ.

وحول هذه القضية حاورت "فيتو" الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة حيث أكد إن وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ما زالت تروج لتنظيم الأسرة بوسائل تجاوزها الزمن، مشيرا إلى غياب الدراسات الحديثة عن سلوك الجماهير المخاطبة.

وطالب علم الدين بضرورة البحث عن وسائل جديدة واستخدام السوشيال ميديا في الوصول إلى المواطنين في كافة ربوع الجمهورية لإقناعهم بأهمية خفض نسبة المواليد، ومدى انعكاس ذلك على تحسين أحوالهم المعيشية.. وإلى نص الحوار:

في البداية، ما تقييمك لدور الإعلام في مواجهة الزيادة السكانية؟
وسائل الإعلام فشلت فشلا ذريعا في أداء المهمة المنوطة بها في تلك القضية.

ما سبب فشل الحملات الإعلانية لمواجهة الكثافة السكانية، في تحقيق النتيجة المرجوة منها؟
أخطأت بعض الحملات في اختيار الرسالة، أخطأت أخرى في تحديد الجمهور المستهدف، كما أغفلت تلك الحملات دراسة سمات الجمهور المستهدف ومعتقداته ورؤيته للمشكلة السكانية، وتعامل الجمهور مع معارفه وقناعاته، ولتحديد أنسب السبل لتغييرها، وأيضا أفضل الوسائل في مواجهة الظاهرة، كالتنوع في استخدام الوسائل الشخصية، الاتصال الشخصي والندوات والخطب والتجمعات المختلفة في الريف والصعيد، فلا بد من إعادة النظر في تلك الأدوات.

ما الاستراتيجية التي اعتمدت عليها الحملات السابقة؟
اعتمد الإعلام على خصائص وسمات لجماهير لم يتم تجديدها منذ عشرات السنين، رغم أن المجتمع ديناميكي دائما يتغير باستمرار، وطرأت عليه تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية مختلفة، فالحملات التي أسفرت عن نتائج جيدة في الماضي، لم تصل رسالتها للجمهور المستهدف في العصر الحديث، فنحن بحاجة إلى التعرف على مستوى التغير في المجتمع على جميع المستويات والتعامل مع تلك المتغيرات، وتحديد إلى أين وصلت مدارك الجماهير ومعارفهم واتجاهاتهم ومن ثم العمل عليها.

ما المحاور التي يفضل اعتماد الإعلام عليها لحصد نتائج إيجابية في تلك القضية؟
لا يمكن تحديدها بشكل مطلق، لأن المجتمع يتغير باستمرار مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتطلعات الأفراد وطموحاتهم، وثقافتهم، ما يتعرضون إليه من خبرات وتجارب يؤثر فيها أيضا، كل ذلك يدفعهم لتكوين قناعات مختلفة بمرور الزمن، فلا بد من أخذ عينات من قطاعات الجماهير المختلفة، ومن ثم دراسة اتجاهاتهم وسلوكياتهم، وفي ضوء ذلك يتم اختيار المحتوى المناسب، والموضوعات الأنسب في تغيير تلك الاتجاهات والسلوكيات.

رغم دعوات تحديد النسل، ينظم الإعلام برامج لأطباء الحمل والولادة، كيف تنظر لذلك؟
ليس هناك تناقض نهائي بين الأمرين، فليس معني الرغبة في تحديد النسل منع الإنجاب نهائيا، لأن الإنجاب والحمل حق لكل مواطن لا يمكن منعه، ولكن لا بد أن يكون في ظل ضوابط معينة أو رؤى يتم الاتفاق عليها، على أن يكون طفلا أو اثنين فقط على سبيل المثال، ففي تجارب بعض الدول، سحبت الامتيازات لمن يتجاوز طفلا أو اثنين، كالتعليم المدعم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات التي من الممكن أن يستفيد منها المواليد، ففي جميع الأحوال لا يمكن منع الإنجاب نهائيا.

كيف يمكن تحديد الجمهور المستهدف؟
طبيعة المشكلة السكانية لأهل الريف تختلف كثيرا عن القاهرة، وتختلف نهائيا في الصعيد ووجه بحري عن غيرها من الأقاليم، لذلك لا بد من تحديد الجمهور وسماته في كل إقليم على حدة، وتخصيص رسالة له بناء على تلك الدراسات، ومدى إيمانه بقيمة كثرة الإنجاب.

كما أن المتعلمين في القاهرة شاغلي الوظائف الإدارية والحكومية أغلبهم مقتنع بأن طفلا أو اثنين يكفي، نوعيات وظائف أخرى كالفلاحين والعاملين في الأعمال الحرة يرغبون في امتلاك العزوة، والمناطق الجغرافية تلعب أيضا دورا في ذلك، فسمات وخصائص المقيمين في القاهرة تختلف عن غيرهم المحافظات الأخرى.

الإنجاب معتقد راسخ بالنسبة للأهالي، هل هذا سبب فشل الإعلام في التعامل معه؟
الحقيقة أن الإنجاب غير مرتبط في مصر بالمعتقدات والإيمان بمبدأ العزوة، أكثر من ارتباطه بالبعد اقتصادي واجتماعي، رغم أن البعض يتعامل مع كثرة الإنجاب على أنه مبدأ.

يجب الخروج من عباءة النظر للإعلام بالمفهوم التقليدي، والتعامل معه على أنه اتصال جماهيري فقط، ولكن ينبغي الاستعانة بالدراما، والاتصال الشخصي بتنظيم زيارات للجماعات المستهدفة، والاعتماد أيضا على السوشيال ميديا باعتبارها أحد أهم وسائل الوصول للجماهير في العصر الحديث، كتدشين جروب اجتماعي على فيس بوك، وإنشاء قناة إعلامية لتنظيم الأسرة على اليوتيوب، وبث رسائل وتنبيهات على "تويتر"، فالأمر بحاجة لمزيد من العلمية والتخطيط المسبق.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية