رئيس التحرير
عصام كامل

محبة الله للعباد


تلقيت دعوة كريمة من الأخ والصديق والحبيب في الله المضياف الأستاذ محمود الوكيل للمشاركة في الاحتفال بذكرى مولد سيدي شبل بمدينة الشهداء بالمنوفية وقمت بتلبية الدعوة، وكم سعدت بلقاء كثير من الأحباب من مختلف نواحي مصر المحروسة، وتخلل اللقاءات حوارات طيبة في مواضيع شتى كان منها مسألة الحب والمحبة في الله وأحوال أهل المحبة، وما يعانونه من الشوق والحنين للمحبوب، وكم كان الحديث في هذه المسألة ممتع ومشوق، نعم فما أمتع وأطيب الحديث عن الحب والمحبة وحال المحبين، وأذكر مما تحدثت فيه في هذا الموضوع، أن هناك البعض من الناس يجهلون أن الأصل في العلاقة التي بين الله تعالى والعباد هي محبة، وهي أيضًا القاعدة والأساس التي ينطلق منها العبد في طريق الله تعالى وطاعته عز وجل واتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم..


والدلالة على ذلك قوله تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فإتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فالأصل في اتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الحب الخالص لله تعالى والذي يقابل بمحبة الله عزوجل للعبد ومغفرة ذنوبه، وقلت أيضًا أن مصدر الحب من الله فهو تعالى الذي بادر العباد بالمحبة، وعلى أثر محبته تعالى تكن محبة العبد، وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: "عبدي إني لك محبًا فبحقي عليك كن لي محبا"..

هذا ومظاهر محبة الله تعالى لا حصر لها منها تفضله عز وجل على العباد بنعمة الخلق والإيجاد وتفضله تعالى عليهم بنعم الإمداد فما بهم من نعمة فمنه تبارك في علاه، ومنها أيضًا اختصاص الإنسان بالتكريم والتفضيل على الكثير من الكائنات مصداقًا لقوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"، ومن مظاهر محبة الله تعالى أيضًا عنايته تعالى به منذ أن كان نطفة في ظهر أبيه وصولا إلى انتقاله إلى رحم أمه وتسكينها فيه، ومع كل مراحل التكوين إلى تمام تكوينه في بطن أمه، ثم أثناء ولادته وبعد ذلك هذا ومن مظاهر محبته تعالى أيضًا أن فتح أبواب رحمته للعباد وقابل إساءتهم بالإحسان..

وفي الحديث "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل".. وفي الحديث أيضًا "أنه إذا وقع العبد في المعصية تنادي الأرض ربها عز وجل وتقول ربي عصاك عبدك مرني أن أخسف به، وتنادي السماء فتقول ربي عصاك عبدك مرني أن أطبق عليه كسفا، وتنادي البحار فتقول ربي عصاك عبدك مرني أن أغرقه، فيناديهم عز وجل قائلا: يا أرضي وياسمائي ويا بحاري دعوه فلو كنتم خلقتموه لرحمتموه".

هذا وفي حديث قدسي آخر يقول عز وجل: "أنا وخلقي في شأن عظيم خلقت وعبد غيري، ورزقت وشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلى صاعد أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ويتباغضون إلي بالمعاصي وهم أحوج ما يكونوا إلي، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم فأني أحب التوابين وأحب المتطهرين، فإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب والبلايا حتى أطهرهم من الذنوب والخطايا.. الحسنة عندي بعشر أمثالها أو أن أزيد، والسيئة عندي بواحدة أو أن أغفر، أطيعوني أغفر لكم".

هذا ولقد كان من محبته تعالى ستره للعيوب ومغفرته للذنوب مهما كثرت وعظمت وفي الحديث القدسي يقول عز وجل: "إن جاءني عبدي يوم القيامة بذنوب ما بين السماء والأرض وهو لا يشرك بي أحدًا أتيته بقرابها مغفرة".. هذا ومن رحمته تعالى أيضًا عدم معاجلته بالعقوبة وأنه عز وجل لم يقنط عباده من رحمته حيث قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا"...

هذا ومن مظاهر محبته ورأفته بالعباد أنه لم يهملهم وأرسل لهم الرسل والأنبياء عليهم السلام هداة ومبشرين وختمهم بحبيبه الأعظم وخليله الأكرم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وجعله رحمة للعالمين وسراجًا منيرًا.. يقول تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. ويقول سبحانه: (يا أيها النبي أن أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا).. عزيزي القارئ كان هذا الحديث عن بعض مظاهر محبته تعالى للعباد، وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية