رئيس التحرير
عصام كامل

خطاب نادر للفريق سعد الدين الشاذلي


أقوى خطاب استمعت إليه في حياتي كان من الفريق سعد الدين الشاذلى، رحمه الله، كان الفريق الشاذلي يتحدث بمرارة أثناء حضوره مؤتمرًا عامًا لحزب العمل في أحد فنادق الدقي في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.


قال بصوت جهوري لا نظير له إنه تم تكريم القادة والجنود والضباط وأصغر عسكري شارك في الحرب، بينما يتم تجاهل رئيس أركان حرب القوات المسلحة عمدًا، والرجل الذي خطط وأدار المعركة على الأرض.

ورغم أن الفريق الشاذلي كان محاصرا وقتها وممنوعا من الكلام، فإن خطابه كان قويا ومريرا، ويعكس كيف أن نظام مبارك مارس تنكيلا لا حدود له بهذا القائد العسكري الذي تحدى السادات واختلف معه بقوة خوفًا على النصر العظيم، فكان مصيره الإبعاد إلى لندن ليكون سفيرًا لمصر فيها.

تحدث الفريق الشاذلي بمزيج من الأسى والمرارة عن تزييف التاريخ، حيث قال إن أولاده ذهبوا إلى بانوراما حرب أكتوبر بمدينة نصر ففوجئوا بالصورة الرئيسية لغرفة عمليات حرب أكتوبر؛ إذ وجدوا أن صورة مبارك تم وضعها بدلا من صورته بجوار الرئيس الراحل السادات، بينما تم وضع صورة يوسف صبري أبو طالب مكان صورة مبارك في جانب الصورة، ما اضطر أبناءه لرفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري، خاصة أنهم يمتلكون الصورة الحقيقية، فقام المزورون بمعالجة الأمر بتزوير جديد في محاولة لتزوير وتزييف التاريخ.

واللافت أن مبارك لم يكتف بهذا، بل سجن الفريق الشاذلي بعد إصداره كتابًا عن حرب أكتوبر واتهامه بإفشاء أسرار عسكرية، ورفض الإفراج عنه في وقت أفرج فيه عن عدد من جواسيس إسرائيل، وحين طلب من الفريق الشاذلي تقديم التماس للإفراج عنه رفض ذلك بإباء القائد العسكري الفذ الذي قادته المقادير لمصر ليكون أحد أهم قادتها العسكريين على مدار التاريخ، بل إنه يعد من أهم العبقريات العسكرية في العالم في العصر الحديث، وفقًا لشهادات خبراء العسكرية في العالم وفى إسرائيل ذاتها.

كنت أستمع إلى خطاب الفريق الشاذلي وقلبي يخفق بقوة، فمن استمع لخطابات السادات وأعجب بها لو كان استمع إلى خطاب الشاذلي لأيقن أن هناك فارقًا كبيرًا لصالح الفريق الذي تشاء الأقدار أن يرحل عن عالمنا في ذات اليوم الذي سقط فيه مبارك إبان ثورة 25 يناير.

رحم الله الفريق الشاذلي الذي ترد له القوات المسلحة اليوم بعضًا من حقه، ولم لا وهو الذي حقق مع قادة الجيش العظام نصرا عسكريا سيظل هو الأكبر في تاريخنا، بل كان مهندس هذا النصر بلا جدال.
الجريدة الرسمية