رئيس التحرير
عصام كامل

سيطرة الإعلام الأمريكي على العالم


إن أحد أسس الإمبراطورية الأمريكية للسيطرة على العالم هو الإعلام كما صنفها "جوزيف س ناي"، صاحب كتاب القوة الناعمة ٢٠٠٦، ونصح بزيادة الاعتماد عليها لقلة تكلفتها أمام أثرها الضخم كاستراتيجية للولايات المتحدة، ودلل بأثر الأفلام الأمريكية التي ترسم صورة الحياة المرفهة على عقول مواطني الدول الشيوعية خاصة روسيا لتشكيل رأي عام مضاد للنظام، أيضًا أثر فيلم تيتانيك فى عقول المراهقين في أفغانستان إبان حكم طالبان بما شكل استعدادا واشتياقا للغزو الأمريكي.


أما المفكر اليهودي الأمريكي "نعوم تشومسكي"، صاحب كتاب "السيطرة على الإعلام" فإنها يرى أن الرئيس الأمريكي وورد ويلسون استطاع إقناع الشعب بالحرب ضد ألمانيا في ١٩١٦ بحرفية شديدة، وعبر عن رأيه في الشعوب بمصطلح القطيع الشارد فيستطيع السياسيين بإيهامه أن القرارات هي قراراته، وقد استطاع المحلل السياسي "رينهولد نابيهور، أن يدرك أبعاد قيادة الجماهير ودلل أن القلة منهم يمتلك المنطق أما العامة فينساقون خلف المشاعر، لذا فيجب أن يقود أصحاب المنطق العوام للصالح العام بخلق قصص وأساطير كما نصح "هارولد لازويل".

الأخطر أن "تشومسكي" يرى أن آلية العلاقات العامة أسست لتكون في صف السلطة تحديدًا لشق صف الجماهير عندما تقف ضد السلطة، فقد استطاعت المجموعات العمالية تحقيق انتصارها في تشريع قانون "واجنر" وهنا استشعرت السلطة القلق من تنظيم الجماهير لنفسها فنشرت شائعات ضد التنظيم العمالي.

يقول "إدوارد برنابز" إنه من أجل أن يتم إدارة كل شيء ينبغي إدارة الشخصيات النافذة مجتمعيا ويتم التحكم في الناس عن طريق الإعلام وقد لقب "برنابز" أنه مطور علم إدارة الاجتماع، أما عن خلق عدو وهمي "فيري نورمان بور هورنرز" أن إقناع الشعب بدخول حرب فيتنام كانت كذلك، ويرى "تشومسكي" أن الجماهير قادرة على تنظيم نفسها نحو قضايا مشتركة معارضة ولكن قدرة التنظيم الأكبر وهو السلطة نجح في تفكيكها عن طريق الإعلام.

ينتقد "تشومسكي" إدارة الولايات المتحدة للصراعات تحت ما يسمى الحرب ضد الإرهاب، خاصة أنه لا يوجد تعريف واضح للإرهاب بل أنه يتم التلاعب بالمصطلح إعلاميًا، بل إن ما تمارسه الولايات المتحدة في العراق أبشع من "صدام حسين" ذاته أما عن إسرائيل فإنه يرى أن دعم الولايات المتحدة لها في فعاليتها هو خطأ تدعمه البروباجندا.

نهاية لا أحد ينكر أن نظام "هتلر" الفاشي كان متمرسا في غسيل العقول وابدع فيها "جوبلز" ليغيب شعب اتصف بالذكاء فيتحرك عكس المنطق اعتمادا على أن الشعوب عاطفية.

أخيرًا لا ننكر عبقرية "محمد حسنين هيكل" السياسية الذي حول هزيمة يونيو إلى لفظ نكسة توحي بالتراجع.. بل إنه جعل الشعب يطالب عبد الناصر بالرجوع عن التنحي.

سواء قبلنا هذه الأساليب أم رفضناها فإن الواقع يؤكد أن الشعوب أنثوية العاطفة، وصياغة الصورة الذهنية للمجتمع كما وصفها الكاتب السياسي "جوستاف لوبون" في كتابه "سيكولوجية الجماهير" عندما قام بتشريح نفسي للمجتمع عقب الثورة الفرنسية وكيفية احتوائها على يد "نابليون" ليصبح إمبراطور فرنسا.. وكأن الجماهير عبر التاريخ تهدف لمن يداعب مشاعرها لا عقولها.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية