رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حرب الاستنزاف والطريق إلى نصر أكتوبر


في ٥ يونيو عام ١٩٦٧، كانت الفاجعة الكبرى التي ألقت بظلالها الفاجعة على المجتمع بأسره.. فقد استيقظنا على زلزال النكبة، وأحسسنا بصدمة ومرارة هزت كياننا وزعزعت الثقة في كل ما حولنا، وظهر واضحًا أننا كنا نعيش في وهم وسراب.. تجمعنا كشباب -نحن المعيدين- في ساحات الكليات بجامعة أسيوط، ثم في أحد مدرجات كلية الهندسة، حيث حضر إلينا عميد كلية الهندسة الذي كان يمثل أحد رموز التنظيم الطليعى في ذلك الوقت.. كنا في قمة الغضب والثورة.. نريد معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الهزيمة المنكرة.. لكن للأسف، لم يكن هناك ساعتها من لديه الشجاعة ولا المصداقية، وربما المعلومات كى يدلى بدلوه.. أردنا أن نفعل شيئًا، أن نتطوع -على الأقل- للدفاع عن جامعتنا.. وفعلا جاءتنا بعض القيادات العسكرية لتدريبنا.. كما شكلنا أيضًا دورات ليلية في مواقع مختلفة بالجامعة، استمرت لأسابيع..


ظهر عبد الناصر على شاشة التلفاز المصري ليعلن مسئوليته عن الهزيمة، واعتزاله الحياة السياسية وتحوله لمواطن عادى، وإسناد الأمر للواء زكريا محيي الدين.. هنا لعب التنظيم الطليعى السرى دوره في تحريك قيادات وقطاعات الاتحاد الاشتراكي العربى، التي انطلقت تتحدث على القهاوى وفى الأندية تستثير الشعب المصرى للمطالبة بالتمسك بعبد الناصر.. وفى ٩ و١٠ يونيو، عمت التظاهرات مصر تطالب الرئيس الراحل بالبقاء في موقعه.. هل كان المتظاهرون على وعى بما يفعلون، ام خشوا على مصر من وجود فراغ بعد عبد الناصر لا يستطيع غيره أن يملأه... الخ؟ لم اكن مشاركا في أي من تلك التظاهرات.. والحقيقة أنه لم يكن لدينا كشباب أي تصور واضح عما يجب عمله، وكنا في حيرة.. إذ حتى ذلك التاريخ، كنا نحمل لعبد الناصر تقديرا بسبب بعض إنجازاته، مثل؛ صموده أثناء العدوان الثلاثى على مصر، دوره مع دول عدم الانحياز، قوانين يوليو الاشتراكية عام ١٩٦١، إنشاء السد العالى، مساعدة حركات التحرر في أفريقيا، وغيرها..

لكن، بهزيمة ١٩٦٧، خفت الوهج الذي كان يتمتع به عبد الناصر.. لم تعد لديه تلك الاطلالة الساحرة ولا الأسلوب الساخر الذي كان يتحدث به.. وفى عام ٦٨ جرت المحاكمات الشهيرة لقيادات الطيران، والتي على إثرها اندلعت مظاهرات طلبة الجامعات المصرية.. وخلال عامى ٦٩ و٧٠، أعادت إلينا حرب الاستنزاف إحساسنا بالعزة.. جاءتنا قصص وروايات تحكى بطولات وتضحيات، تثبت بما لا يدع مجالا لشك، عظمة الجيش المصرى وأنه جدير بالثقة والتقدير والاحترام والإجلال، وإنه لم يحارب أو لم تتح له فرصة الحرب عام ١٩٦٧..

في ٩ مارس عام ١٩٦٩، استشهد الفريق عبد المنعم رياض وهو بين الجنود على الجبهة.. كانت ظروف الشعب المصرى صعبة، لكنه وقف بكل الشهامة والمروءة داعمًا لقواته المسلحة.. كان على مستوى المسئولية، حيث ربط الحزام على بطنه، متحملا كثيرًا من العذابات.. وفى أواخر سبتمبر عام ١٩٧٠، توفي عبدالناصر، وأسندت الأمور إلى الراحل أنور السادات.. وكانت ثورة التصحيح في ١٥ مايو عام ١٩٧١، ثم عام الضباب.. وفى ١٠ رمضان/ ٦ أكتوبر عام ١٩٧٣، كان عبور خط بارليف، والانتصار العظيم..
Advertisements
الجريدة الرسمية