رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار الساعات السبع في «مشروع ليلى» بالتجمع الخامس.. الآباء اصطحبوا أبناءهم إلى مقر الحفل وانتظروهم بالخارج.. الأمن عثر على زجاجات الخمور في حقائب الشباب.. وسمح بدخول الأعلام التي لا يعلم مع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

“المثليون جنسيًا” قصة أثارت الجدل لفترة طويلة، منذ رُفِعَت أعلامهم التي تدل على “المثلية”، في حفل فرقة “مشروع ليلى” الغنائية اللبنانية بالتجمع الخامس المتهمة بالترويج للشذوذ الجنسي.. الجميع سمع عنهم، لكن لا أحد يعلم تفاصيل ما حدث على مدار 7 ساعات بين هؤلاء “المثليين جنسيًا”، داخل أحد المولات الشهيرة بالتجمع، هو مكان استضافة الحفل، الذي تواجدت فيه بحكم عملي الصحفي واختصاصي بشئون مطربي الفن المستقل أو ما يسمى بفرق «الأندرجراوند».


حفل التجمع
بدأت القصة الحقيقية للحفل من خلال إعلان إحدى الشركات المنتجة، عبر «فيس بوك»، عن تنظيم حفل غنائي بعنوان «ميوزك بارك»، وهو عبارة عن حفل يضم ثلاث فرق غنائية من ثلاث دول مختلفة في يوم واحد، وهي فريق «المربع» الأردني، و«مشروع ليلى» اللبناني، و«شارموفرز» المصري.

فور وصولنا لمكان الحفل شعرنا وكأننا داخل ثكنة عسكرية، وعلى الرغم من حضوري العديد من الحفلات الغنائية لكثير من الفرق على مدار ثلاث سنوات، فإنني لم أر هذا المشهد من قبل؛ لذلك حرصت على التواجد خارج أسوار الحفل قبل انطلاقه بساعتين لرصد الصورة التي تبدو مريبة بالنسبة لي.

بالفعل في السادسة مساءً بدأ إقبال الجمهور بشكل غفير، لكن المثير هو اصطحاب الأهالي لأبنائهم حتى أبواب الدخول، وانتظارهم لحين موعد انتهاء الحفل بالجلوس على الأرصفة، وكأنهم أولياء أمور ينتظرون أبناءهم لحين انصرافهم من المدرسة.

البوابات الإلكترونية
بدأت رحلة تفتيش الجمهور قبل الدخول عن طريق البوابات الإلكترونية، من جانب شركات الأمن الخاصة، التي دفع بها منظمو الحفل، لتأتي هنا الصدمة عندما شاهدت عثور أفراد الأمن على العديد من زجاجات الخمر بداخل حقائب مجموعة من الشباب والفتيات الذين لا تتعدى أعمارهم 20 عامًا، ومنع دخولهم الحفل بها، وعند سؤالي لأحد أفراد شركة الأمن عن عدد الزجاجات التي حصل عليها، قال إنه ما يقرب من 38 زجاجة من بوابة واحدة حتى الآن، لكن على الرغم من ذلك استطاع الكثير منهم الدخول بها في ظل تواجد ما يقرب من 30 ألف فرد بالحفل.

انتهت رحلتي القصيرة التي استمرت لساعتين خارج أسوار الحفل، لتبدأ الرحلة الأكبر داخل الجدران مع الفرق الغنائية والجمهور، واستكشاف ما وراء الستار، وأسباب ارتداء الملابس السوداء المثيرة، وشكل الشباب الذي أثار فضولي.. دائما ما ألتزم بالوقوف في المكان المخصص للصحفيين المسئولين عن تغطية الحفل، الذي يكون أمام المسرح الغنائي بعيدًا عن الجمهور، لكن مع اعتلاء فريق «المربع» الأردني، تلك اللحظات التي كان ينتظرها 30 ألف فرد، تركت المكان المخصص للصحفيين من أجل التجول وسط الجمهور، ومعرفة الأمر المثير الذي يحدث بين العديد منهم، بالفعل تخطيت الحواجز التي وضعها المنظمون للفصل بين الجمهور والمسرح، لأجد نفسي بين هؤلاء الشباب والفتيات الذين لا تتعدى أعمارهم الـ20 عامًا، كانت أول المشاهد هي المخدرات المنتشرة في أرجاء الحفل، التي تبادلها الشباب والفتيات مع بعضهم.

مع انتهاء فريق «المربع» من تقديم فقرته الغنائية بالحفل زاد الصياح والصراخ للحضور، ولا أعلم السبب، لاستمع لهتافات الجمهور «عاوزين ليلى»، ويعني بها فريق «مشروع ليلى».. من هنا انطلقت رحلة التحضير لاستقبال «مشروع ليلى» بتجهيز مجموعات كبيرة من الجمهور لأعلام «المثليين»، ورافقتهم لمدة ساعتين.

ملابس موحدة اللون
كانت معرفتي بهم في الحفل من خلال أبواب الدخول، وارتداء ملابسهم المثيرة الموحدة باللون الأسود والممزقة، وقصات شعر الفتيات مثل الشباب، فلا يستطيع أحد أن يفرق بينهما، إضافة إلى طبع رسومات وشعارات الفريق على أجسامهم، كانت فرحتهم الكبرى بدخول الأعلام التي كان من الصعب إدخالها، وكان رد أي فرد يحمل هذه الأعلام داخل الحقائب أنه علم الفرقة، حتى يأذن بعدها الأمن له بالدخول، لأن المفاجأة أن الأمن لا يعلم طبيعة العلم من الأساس كما شاهدت.

التفاخر والفرحة التي سيطرت على عشاق «مشروع ليلى» المتواجدين بالحفل لم أرها من قبل، على الرغم من حضوري حفل الفريق أكثر من مرة بالقاهرة، لكن هذه المرة مختلفة، كما ذكر «المثليون» لبعضهم البعض، لأنها المرة الأولى التي يرفعون فيها علم النصر داخل حفلة بشكل علني، مع دقات الساعة الثامنة والنصف بدأ الإعلان عن صعود أعضاء فريقهم المفضل، لتظهر لافتات مؤيدة لـ«حامد سنو» عضو الفريق، الذي أكد «مثليته الجنسية» من قبل في العديد من اللقاءات التليفزيونية، وعبر حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع اعتلائه المسرح لم أجد بجانبي سوى أشخاص يحملون البعض فوق الأكتاف، وبأيديهم أعلام «الرينبو»، في تلك اللحظة كنت متخوفًا من تصويرهم، لكن عندما رأيتهم ينشرون صورهم عبر صفحات «فيس بوك» في نفس الوقت بالأعلام، انطلقت دون تردد في التصوير ونقل الصور للجريدة، ثم انطلقت مسرعًا إلى المكان المخصص للصحفيين، لأجد بمحض الصدفة فتاة في الصف الأمامي من الحفل في الواجهة المقابلة للمسرح، وهي ترقص بالعلم في حالة هستيرية، وأثناء تصويري لها ظهرت عليها علامات الفرحة العارمة، لتسألني عن المكان الذي سيتم نشر هذه الصور فيه.

علامة «المثلية»

كنت أحاول التركيز مع مطرب الفرقة «حامد سنو» أثناء تواجده على المسرح، لمحاولة معرفة سر التواصل بينه وبين جمهوره، لكن ما أثار انتباهي هو علامة «المثلية» التي وضعها في يده، التي التقطتها زميلتي المصورة، ومع دخول بعض محبي حامد والمؤيدين لفكره في حالة الرقص الهستيرية، التي لم تتوقف منذ انطلقت الموسيقى، قفز «سنو» من أعلى المسرح في تأمين مكثف من قوات الأمن الخاصة من أجل مداعبة الجمهور بالسلام بيده عليهم، لكن سرعان ما أنقذه الأمن من جنون الجمهور ليعود للمسرح مرة أخرى.

لم أتوقف كثيرًا عند مشهد «حامد»، حتى ذهبت مرة أخرى في جولة وسط الجمهور بعدها انقلب الحفل، رأسًا على عقب، لأشاهد مجموعة من الفتيات والشباب الحاملين للأعلام بملابسهم الممزقة تمامًا، التي تكاد تكشف عن أجسامهم على الرغم من أعمارهم الصغيرة، استمرت هذه المجموعات في الرقص بصورة جنونية، ويكاد البعض منهم لا يعلمون ما يدور حولهم، حتى حدثت بينهم العديد من حالات الإغماء، وصلت لـ58 حالة، كما أكد بعض العاملين بسيارات الإسعاف المتواجدة داخل جدران الحفل.
الجريدة الرسمية