رئيس التحرير
عصام كامل

رؤية 2030 بين مصر والسعودية


تشهد المملكة العربية السعودية طفرة حقيقية في القرارات والتغيير المجتمعي، تخلع معها ثوب الانغلاق والتشدد، وتنفتح على المستقبل بفكر خلاق دون تنازل عن ثوابت الدين.


احتاجت رؤية 2030 التي وضعها الأمير محمد بن سلمان تغييرا كبيرا، كي تستثمر المملكة مواردها البشرية إلى جانب ثرواتها الطبيعية بشكل أمثل، دون الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وحتى يتحقق ذلك كان لزاما الاستفادة القصوى من المرأة باعتبارها نصف المجتمع. وفي ظل إحجام نسبة لا يستهان بها من النساء عن العمل بسبب مشكلات السائقين، وعدم السماح للمرأة بالقيادة، احتاجت المملكة إلى قرارات جريئة تغير مستقبلها وتدفعه للأمام، فضلا عن أنها تزيد ارتباط الشعب بالملك سلمان وولي عهده محمد.

أول القرارات التاريخية في المملكة كان السماح للمرأة بقيادة السيارة، وهو قرار زلزل السعودية فرحا، خصوصا من قبل النساء إذ بتن على سوية واحدة مع نساء العالم، وتحررن من قيود لا حصر لها.. قوبل القرار بترحيب دولي واسع ولم تزل أصداؤه مستمرة حتى الآن، لكن قلة هم من بحثوا عن آثاره الإيجابية على اقتصاد السعودية، فوجدوا أنها تزيد على العشرة، أبرزها أنه يرفع مشاركة المرأة بسوق العمل إلى 40% ويضيف 64 مليار ريـال إلى الناتج المحلي، ويوفر بالمقابل 25 مليار ريـال تكلفة استقدام سائقين أجانب للمملكة سنويًا، فضلا عن إنعاش سوق السيارات وتعاملات البنوك والتأمين والصيانة وتقليل الاعتماد على الوافدين وغير ذلك.

انتصار الملك سلمان للمرأة بقيادة السيارة، أعقبه بساعات تعيين فاطمة باعشن متحدثة باسم سفارة المملكة في واشنطن، كأول امرأة تشغل منصب متحدث باسم سفارة سعودية على مستوى العالم.. فاطمة غردت بالإنجليزية "فخورة بأن أخدم السفارة السعودية في الولايات المتحدة كمتحدثة باسمها، أشعر بالامتنان".. توالت القرارات لتمكين المرأة بالسماح بحضورها مباريات كرة القدم للمرة الأولى في التاريخ، لتشعل صور العوائل والمرأة السعودية في المدرجات وسائل الإعلام العالمية.. ثم يبشر الفنان عبدالمجيد عبدالله متابعيه بأن حفله المقبل في "جدة" سيتاح للعوائل مثل الكويت ودبي، بعد أن كانت الحفلات حصرا للرجال، وغرد عبدالمجيد "الحفلة هالمرة عوائل زي حفلات دبي والكويت، أخيرًا حنصير طبيعيين. مملكتنا الغالية في عهد جديد يبشر بكل ما فيه خير.. والجاي أحلى".

مفاجأة جديدة تستكمل طريق الانفتاح الذي اختارته المملكة أعلنتها القناة الثقافية مساء الإثنين: "نعرض لكم اليوم عند منتصف الليل السهرة الفنية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم تابعونا..."، مرفق بهاشتاغ "كلثوميات"، الذي أشعل "تويتر" ترحيبا بعودة الأغنيات إلى التليفزيون السعودي الرسمي بعد غياب عقود. وهناك مؤشرات أن حفلات أم كلثوم ستكون بداية لعودة الأغاني للشاشة السعودية، تتبعها أغنيات مطربين آخرين من أصحاب الفن الأصيل والجميل.

وبعد أن كان رجال الدين لهم السطوة واليد الطولى في المملكة، صدر الأمر بكف أيديهم عن الشعب، حتى أن القضاء انتصر للفنان ناصر القصبي ضد الداعية سعيد بن فروة، وأدانه بتهمة السب والقذف والتكفير أثناء خطبة الجمعة، وحكم عليه بالسجن 45 يوما، وبعد أن توارى عن الأنظار ألقى القبض عليه أمس لتنفيذ حكم السجن.

تلك هي الحكومات التي تجتهد بصدق لتحقيق التنمية وخدمة الشعب ورفع الظلم عنه.. أما في مصر فلم نر منذ تولى شريف إسماعيل رئاسة الحكومة سوى البؤس وتدهور الأحوال على كافة المستويات، بدءا من "تعويم الجنيه" الذي جرف في طريقه كل محاولة للإصلاح في البلد، وأضاع هيبة العملة المصرية إلى غير رجعة، بعد أن فقدت 300% من قيمتها، ولأنه كرئيس وزراء لا يتحرك من مكانه وغير مبتكر ولا متابع، بات الإهمال والفساد والنصب والتطاول سمة جميع وزارات ومؤسسات الدولة، دون أن يخشى أحد المحاسبة، ليقينهم ألا "حسيب أو رقيب" في الحكومة!.

عدم قدرة حكومة إسماعيل على إيجاد البدائل، جعلت جميع الوزراء يلجئون إلى الحل الأسهل والأسرع، وهو الاقتراض من الخارج وخفض الدعم ورفع أسعار الخدمات على الشعب دون أن تكون لديهم قدرة على ضبط جنون أسعار جميع متطلبات الحياة بالمقابل، والنتيجة غرقت البلد في ديون بعشرات المليارات لا نعرف أين تذهب أو كيف نسددها؟!، ومع كل هذا الفشل استمر شريف إسماعيل رئيسا للوزراء، مضيعا الرؤية الطموحة للاقتصاد المصرى المفروض تحقيقها حتى 2030.. لكن الشعب لن يسامح من تسبب في هذه المأساة.

الجريدة الرسمية