رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة المهلبية.. المالية سابقا


سألت الصديق الدكتور هاني قسيس عن تأثير قرار الجمارك بميكنة نظامها المرتبط بالصناعات القائمة بالمناطق الحرة، وهو واحد من أصحاب الاستثمارات فيها.. ولماذا يرفضون قرار وزارة المالية بالميكنة إذا كان هذا النظام يتوافق والتطورات التكنولوجية الحديثة، فكان رده صادما عندما قال لى: بالعكس نحن مع الميكنة إذا كانت وزارة المالية قادرة على توفير العناصر البشرية المدربة على هذا النظام.



فهمت من الرجل أن وزارة المالية طبقت نظاما ولا تمتلك القدرة على تشغيله، والحق أقول إن شكوكا تنامت إليّ فكلفت زملاء بالقسم الاقتصادى للتواصل مع السادة المسئولين عن هذه القضية، فكانت الطامة الكبرى.. اعترف السادة المسئولون أن لديهم مشكلة في توفير عناصر بشرية مدربة لإدخال البيانات آليا واعترفوا أن هذه مشكلة سوف يبحثون لها عن حل.. وزارة الاستثمار من جانبها "خلعت" يدها من الموضوع، وقالت إن المشكلة لا تخصها وإنما تخص الجمارك!!


ماذا يفعل المستثمرون في هذا الأمر، والمشكلة ليست بيدهم.. المنتجات مكدسة ولا تستطيع العبور إلى الأسواق المحلية إلا بعد إدخال البيانات آليا، ووزارة المالية ليس لديها إمكانيات بشرية، لهذا الأمر.. ومختصر القول سيادة المصطلح المصري الشهير "فوت علينا بكرة يا سيد"، والسيد لم يعد سيدا بل أصبح عبدا مشنوقا في مقصلة وزارة المالية التي لا ترى أن تعطيل الإنتاج قضية هامة تستحق كل هذا اللغط.


إذن نحن أمام كارثة بكل المقاييس.. وزارة المالية تفرض نظاما، هي غير قادرة على تطبيقه، وعلى السادة المعترضين ضرب رؤوسهم في أقرب "حيط"، والمثير أن السادة المسئولين الذين اعترفوا بعدم قدرتهم على تشغيل النظام الآلى وإدخال البيانات وفق النظام الجديد، لم يتداركوا الأمر ولم يندموا على ما فعلوا، فذكروني بذلك الرجل من بلدياتنا عندما سرقوا صندوقه فأخطر زميله بأن اللصوص لن ينجحوا في مهمتهم، إذ أن مفتاح الصندوق لم يسرق بعد!!


لا زلت أتذكر قصة المطعم الشهير الذي أقام نظاما دقيقا للدخول وآخر للجلوس، وثالثا لطريقة طلب الطعام ورابعا لطريقة تناول الطعام، وخامسا لطريقة دفع الحساب.. وفي النهاية نسي أصحاب المطعم أن يصنعوا طعاما فإذا ما سألتهم قالوا لك: بس إيه رأيك في النظام؟!!


آفة القوم أنهم لا يزالون يتركون مستقبل هذه البلاد بيد الموظفين، ودولة الموظفين "حافظة مش فاهمة"، وجمهورية الموظفين هي التي خربت الاقتصاد وشلت حركة الاستثمار ولن تجدي فائدة من سفريات الرئيس لمخاطبة الخارج بالاستثمار لدينا، خاصة وأن المستثمر الأجنبي ينظر إلى ما يحدث مع المستثمر المحلي بعين الدراسة والتمحيص ولا يمكن لدولة أن تخاطب الغير وهي تهمل أصحاب البلد وتعاقبهم على جديتهم وتعرقل مشروعاتهم وتطبق أنظمة هي غير قادرة على تطبيقها.


والأمر كله ليس إلا محاولة للرقص على السلالم، فلا شجعنا المستثمر المحلي ولا غازلنا الأجنبي.. إن هناك عصابات في دولة الموظفين أخطر على هذا البلد من كل مستعمر أراد نهب خيراتها واحتلالها، فالمحتل الأجنبي يسهل على أبناء البلد محاربته والانتصار عليه وطرده، والتاريخ مليء بالحكايات في هذا المجال، أما تنصيب الشخص غير المناسب في غير موضعه فإنه يصنع بمقدرات الوطن ما فشل فيه المحتل.
الجريدة الرسمية