رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الحكومة أولى بالمقاطعة


من المؤكد أن الحكومة التي تفكر طول الخط ودائمًا في تحميل المواطن أعباء جديدة مع كل صباح جديد وأنه وحده المطالب بتحمل تكاليف الإصلاح الاقتصادي هي حكومة تتحدث بلسان التجار والمحتكرين ورجال الأعمال، وليس المواطن الذي لم يعد لديه ما يدفعه للحصول على السلع الضرورية.


جاء ارتفاع أسعار كروت الشحن مؤخرًا بنسبة 36% ليؤكد هذا التوجه، فمن المفترض والطبيعي أن تراجع الحكومة شركات المحمول الزيادة التي تريد إقرارها على المواطن وتطلب منها الانتظار حتى تتحسن الأوضاع الاقتصادية حتى لا تكون الزيادة عبئًا جديدًا على المواطن، وأن تتفاوض معها على نسبة الزيادة، وتعمل على تخفيضها وأن تنحاز الحكومة لمصلحة محدودي الدخل في إقرار أي أسعار جديدة، هذا دور أي حكومة في العالم، ولكن بما أن حكومتنا مختلفة عن كل الحكومات فقد اختارت الانحياز لمصلحة أصحاب شركات المحمول، والحديث باسمهم والدفاع عن مصالحهم على الملأ ودون أي خجل أو كسوف..

حيث قالت على لسان مسئوليها في جهاز تنظيم الاتصالات، إن زيادة أسعار كروت الشحن حق أصيل للشركات التي تحملت كثيرًا فارق أسعار الخدمة منذ قرار تحرير أسعار الصرف وحتى الآن، وإن مضاعفة أسعار البنزين والكهرباء ضاعف من زيادة الأعباء عليها، فكان قرار الزيادة حتميًا.

الغريب في الأمر أن المسئولين الحكوميين كانوا أكثر حماسًا في الدفاع عن قرار زيادة أسعار كروت الشحن من مسئولى الشركات أنفسهم، ولم يتوقف الأمر عند ضرورة الزيادة بل امتد إلى تهديد المصريين أن هذه الشركات من الممكن أن تصفى نشاطها في السوق المصرية وترحل إذا تأثرت استثماراتها، واذا استمرت حملات المقاطعة التي انتشرت خلال اليومين الماضيين على وسائل التواصل الاجتماعي، من المؤكد أن هذه الشركات ما كانت لتستمر يوما واحدا في السوق المصرية إذا تأثرت مكاسبها بل بالعكس فهى تحقق في مصر أضعاف ما تحققه في أي مكان آخر في العالم، حيث لا توجد رقابة من أي نوع سواء على جودة الخدمة أو الأسعار التي يدفعها المواطن ومطالبها مجابة كيف تترك سوق بهذه الروعة؟ حيث تضع يدها في جيب المواطن وتأخذ ما تريده ولا يراجعها أحد.

والحقيقة أن تعامل الحكومة مع أزمة ارتفاع أسعار كروت الشحن ينطبق على تعاملها مع زيادة أسعار جميع السلع التي تمت مؤخرًا، حيث تنحاز الحكومة للطرف الأقوى وهم التجار والموزعون والمحتكرون والمستوردون وتعنف المواطن أنه يريد أن يأكل ويشرب ويعيش بالمجان وأنه لابد أن يتحمل نصيبه من الإصلاح وأن ينصاع صاغرًا لما تم إقراره.

الحكومة هي الأولى بالمقاطعة لأنها اختارت زيادة الأعباء على المواطن، في الوقت الذي تعلم فيه مدى صعوبة الحياة على المصريين بسبب الكثير من قراراتها العشوائية وغير المدروسة وكذبها على المواطن، حيث خرج وزير المالية صباح الخميس الماضي، مؤكدًا أنه لا نية لزيادة أسعار البنزين أو الخدمات المقدمة إلى المواطن، وفى المساء تمت زيادة أسعار كروت الشحن، ومن المؤكد أنه علينا انتظار رفع الدعم عن البنزين والسولار خلال الأيام المقبلة.
Advertisements
الجريدة الرسمية