رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لكن اعملوا حسابكم المرة الجاية لا ممكن تنزل أبدا!


فوجئ المواطنون في محافظات القاهرة والجيزة وبعض المحافظات الأخرى مثل القليوبية والبحر الأحمر وجنوب سيناء وشمال سيناء، بقرار تم اتخاذه وتم تنفيذه دون إخطارهم، وهو قصر صرف الخبز المدعم للمواطنين في المحافظات محل إقامتهم فقط، بمعنى أن المواطن الذي يمتلك بطاقة تموين ومحل إقامته في المنوفية مثلا والبطاقة مستخرجة من محل إقامته، وكان يستطيع أن يصرف بها الخبز من أحد مخابز محافظة القاهرة أو أي محافظة أخرى لن يستطيع فعل ذلك، وعليه أن يصرف الخبز من محل استخراج البطاقة أي محل إقامته، ولم يفاجأ المواطنون فقط بهذا القرار ولكن أصحاب المخابز كذلك لم يعلموا به، وكأنه القرار العظيم كان ينبغي أن يكون سرًا حتى لا يطلع عليه المواطنون وأصحاب المخابز، باعتبارهم أعداء سيادة وزير التموين!


ولما فوجئ سيادته –اشمعنى هو لا يفاجأ- بأن المغتربين في القاهرة والجيزة عددهم أكثر من المقيمين، ويصرفون ببطاقاتهم الخبز، وأن هؤلاء قد يقومون بثورة جياع لا تبقي ولا تذر اضطر سيادته آسفًا، إلى إرجاء تنفيذ قراره، وذلك في محافظتي "القاهرة والجيزة" لحين توفيق أوضاع أصحاب البطاقات، وتغيير بطاقاتهم وفقًا لمحل الإقامة الجديد، وقام بإعطائهم مهلة 10 أيام لتغيير بطاقاتهم وفقًا لمحل إقامتهم الحالية.

بمعنى أن سيادته بعد قراره العنتري رجع ولسان حاله يقول: "تنزل المرَّة دي، إنما اعملوا حسابكم المرة الجاية لا ممكن تنزل أبدا".. وقد سبق أن نزلت من قبل أيضًا مثلما حدث مع قرار إلغاء الكارت الذهبي الذي يقوم من خلاله أصحاب المخابز بصرف الخبز للمواطنين ممن يحملون بطاقات تموين ورقية، أو ممن ليست لهم بطاقات ذكية لصرف الخبز، حتى قرر الوزير فيما بعد إلغاء القرار والاكتفاء بتخفيض عدد أرغفة الخبز بالكارت الذهبي؛ الأمر الذي يعني أن سيادته لا علاقة له بدراسة القرارات قبل اتخاذها وإنما يتخذها ثم يدرسها بعد ذلك!

وترجع وزارة التموين هذا القرار العبقري لأسباب ذكرتها منها منع التلاعب، حيث تم ضبط العديد من القضايا التي تتعلق بازدواج الصرف الجماعي لبطاقات الخبز في أكثر من محافظة! وخاصة في المناطق ذات الحدود الإدارية المتداخلة تجاوزت 100 ألف بطاقة خلال 3 شهور، الأمر الذي يمثل إهدارًا للمال العام واستيلاء على أموال دعم المواطنين، كما ذكرت الوزارة التي أكد أحد مسئوليها إنه من المتوقع أن يسهم قرار اقتصار صرف حصص الخبز المدعم داخل نطاق المحافظة التي يوجد فيها صاحب البطاقة التموينية، في توفير ما يقرب من مليار جنيه سنويًا! تهدر من خلال إجراء عمليات صرف وهمية من قبل بعض أصحاب المخابز بالتواطؤ مع بعض الموظفين.

هذا هو تبرير الوزارة لهذا القرار العجيب الذي يجعلنا نتساءل.. هل وزارة التموين تعمل بنظام معين أم بعشوائية؟ إذا كانت تعمل بنظام، فهذا يعني أن كل مواطن مستخرج لبطاقة التموين مقيد ومثبت في ذلك النظام، ولا يمكن أن يكون مكررا في نفس النظام إلا إذا كانت هناك عشوائية بالفعل، فقد صدّعنا سيادة الوزير بكلامه على تنقية البطاقات التموينية من الأموات والمكررين وغير المستحقين، إذا سيادته قد أزال بالفعل المكررين وذلك بأحدث التقنيات التكنولوجية، فلماذا إذا ظهرت هذه المشكلة؟ وإذا كانت موجودة بالفعل أليس من الأجدى علاجها تكنولوجيا بمعنى حذف المكرر من البطاقات وبسهولة والإبقاء على نظام صرف الخبز من أي مخبز على مستوى الجمهورية؟ 

سيادة الوزير الهمام الذي يتخذ قرارات غير مدروسة، ويطبقها دون الرجوع للشعب الذي عينك في منصبك، وكأنك وصي علينا، ألا تعلم سيادتك أن قرارك هذا فيه تعنت وصعوبة على كثير من الفقراء والبسطاء، فمثل هذه الأسر، وهي كثيرة جدا، يحدث أن تذهب لقضاء بعض الأوقات في محافظات مختلفة قد تمتد لشهر أو أكثر، وبعضهم يذهب في أشهر الصيف للمناطق الساحلية التي هي موطنهم الأصلي، فتأخذ الأسرة بطاقة التموين لصرف الخبز المدعم الذي يساعدها على الحياة في مثل هذه الأماكن، لكنها بهذه الطريقة لن تستطيع ذلك، وكم من رجل يعمل في محافظة بعيدًا عن محل سكنه ويستقطب أسرته أحيانًا لتعيش معه في الصيف أو غيره، ويعتمد على الله ثم هذه البطاقة لمواصلة العيش لكنك بذلك تحرمه من لم شمل أسرته، وكم من عامل يرحل من محافظته للعمل في محافظات أخرى ويصطحب بطاقة التموين ليصرف الخبز ليستطيع أن يوفر نفقات أسرته..

عدد هؤلاء في القاهرة والجيزة تجاوز 10 ملايين فلن يستطيع ذلك، وكل هؤلاء لن يتمكنوا من تغيير محل إقامتهم لأن ظروف وجودهم في أماكن عملهم أو مصيفهم أو غير ذلك مؤقتة وليست دائمة، وكان من الأولى معالجة الخطأ في منظومتك لا إقرار فرمان على الجميع بسبب بعض الحالات، وكأن المواطنين مجموعة تحت إمرتك تعاملهم بنظام الحسنة تخص والسيئة تعم! 

ألم تتفاخر سيادتك مع رهط من الحكومة بالمنظومة الإلكترونية للبطاقة التي يستطيع صاحبها أن يصرف الخبز من أي محافظة؟ وكنتم وقتها تدعون أن ذلك فخر ما وصلت إليه الحكومة لمصلحة المواطن والتقدم ليصبح كل ذلك وهما ووبالا على الدولة! ألا تفكر سعادتك في أن المواطن الريفي عندما يصرف الخبز من القاهرة أو الجيزة يترك مساحة في قريته لمن يصرف الخبز فيقل الزحام وتكفي الأجولة القليلة سكان الريف؟ ألم يكن من الأجدى أن تستطلع آراء المواطنين الذين عينوك في هذا المنصب قبل إصدار أي قرارات تتعلق بهم، خاصة فيما يتعلق بدعم الخبز؟!

وأخيرًا ملاحظة بريئة جدًا تتلخص في انتخاب الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، أمينًا عامًا لاتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية وذلك بالإجماع بنسبة 100%، ويعد الدكتور خالد حنفي أول مصري يفوز بهذا المنصب ورقم 4 في تاريخ الاتحاد الذي تم إنشاؤه في الخمسينيات.. مبروك للرجل النشط الذي كان يفكر خارج الصندوق واستطاع أن يحل أزمات ضخمة في تموين المصريين.
Advertisements
الجريدة الرسمية